التاريخ والتأسيس
تعود جذور جيش دفاع آرتساخ إلى بدايات الصراع على إقليم ناغورنو كاراباخ في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات. مع تصاعد التوترات بين الأرمن والأذربيجانيين، بدأت مجموعات مسلحة بالظهور لحماية السكان الأرمن في المنطقة. في البداية، كانت هذه المجموعات عبارة عن ميليشيات متفرقة وغير منظمة، ولكن مع اشتداد القتال، أدرك قادة الأرمن الحاجة إلى قوة دفاعية موحدة.
في عام 1992، تم تأسيس جيش دفاع آرتساخ رسميًا من خلال دمج هذه الميليشيات المتفرقة تحت قيادة موحدة. كان الهدف هو إنشاء قوة عسكرية قادرة على الدفاع عن آرتساخ ضد أي هجوم أذربيجاني. لعب الجيش دورًا حاسمًا في حرب ناغورنو كاراباخ الأولى، وتمكن من صد الهجمات الأذربيجانية والحفاظ على السيطرة على معظم إقليم ناغورنو كاراباخ والمناطق المحيطة به.
الهيكل والتنظيم
كان جيش دفاع آرتساخ منظمًا كهيئة عسكرية نظامية، على الرغم من محدودية الاعتراف الدولي بجمهورية آرتساخ. كان يتألف من عدة وحدات عسكرية، بما في ذلك:
- وحدات المشاة: تشكل العمود الفقري للجيش، وتتولى مهام القتال البري.
- وحدات الدبابات: توفر قوة نيران ودعمًا حاسمين في المعارك.
- وحدات المدفعية: تقدم الدعم الناري بعيد المدى للقوات البرية.
- وحدات الدفاع الجوي: تحمي سماء آرتساخ من الهجمات الجوية.
- وحدات الاستطلاع: تجمع المعلومات الاستخباراتية وتراقب تحركات العدو.
- وحدات الدعم اللوجستي: توفر الإمدادات والمعدات اللازمة للقوات في الميدان.
كان جيش دفاع آرتساخ يخضع لقيادة مركزية، وكان يتمتع بتدريب جيد نسبيًا، خاصةً في حرب العصابات والتضاريس الجبلية. كان يعتمد بشكل كبير على المتطوعين، بالإضافة إلى التجنيد الإلزامي.
المعدات والتسليح
تنوعت معدات جيش دفاع آرتساخ، حيث شملت أسلحة ومعدات سوفيتية وروسية الصنع بشكل أساسي، بالإضافة إلى بعض المعدات التي تم الاستيلاء عليها من الجيش الأذربيجاني خلال حرب ناغورنو كاراباخ الأولى. تشمل بعض المعدات الرئيسية:
- الدبابات: دبابات T-72 و T-55.
- المركبات المدرعة: مركبات قتال مشاة BMP وناقلات جنود مدرعة BTR.
- المدفعية: مدافع هاوتزر ومدافع ذاتية الدفع وقاذفات صواريخ متعددة.
- أنظمة الدفاع الجوي: صواريخ أرض-جو وأنظمة مضادة للطائرات.
- الأسلحة الصغيرة: بنادق هجومية ومسدسات ورشاشات.
على الرغم من أن معدات جيش دفاع آرتساخ لم تكن دائمًا هي الأحدث، إلا أن الجيش تمكن من تحقيق فعالية كبيرة من خلال الاستخدام الماهر للتضاريس والتدريب الجيد.
الدور في حرب ناغورنو كاراباخ (2020)
لعب جيش دفاع آرتساخ دورًا محوريًا في حرب ناغورنو كاراباخ عام 2020. تصدى الجيش للهجوم الأذربيجاني المدعوم من تركيا، والذي استخدم طائرات بدون طيار متطورة وأسلحة أخرى. على الرغم من المقاومة الشرسة، تكبد جيش دفاع آرتساخ خسائر فادحة وفقد السيطرة على أجزاء كبيرة من إقليم ناغورنو كاراباخ والمناطق المحيطة به.
أظهرت الحرب نقاط ضعف في قدرات جيش دفاع آرتساخ، خاصةً في مواجهة التكنولوجيا العسكرية الحديثة. أدى استخدام الطائرات بدون طيار من قبل أذربيجان إلى إحداث تغيير جذري في قواعد اللعبة، مما سمح لها باستهداف الدبابات والمدفعية وأنظمة الدفاع الجوي بدقة.
بعد انتهاء الحرب باتفاق وقف إطلاق النار بوساطة روسية، فقد جيش دفاع آرتساخ السيطرة على العديد من المناطق التي كان يسيطر عليها سابقًا، بما في ذلك مدينة شوشا الاستراتيجية.
حل الجيش وإعادة التنظيم
في عام 2023، أعلنت جمهورية آرتساخ حل جميع مؤسسات الدولة، بما في ذلك جيش الدفاع، بحلول 1 يناير 2024. جاء هذا القرار في أعقاب الهجوم الأذربيجاني في سبتمبر 2023 الذي استعاد السيطرة الكاملة على المنطقة. فرّ غالبية السكان الأرمن في آرتساخ إلى أرمينيا، منهين بذلك فعليًا وجود جمهورية آرتساخ وجيش دفاعها.
يمثل حل جيش دفاع آرتساخ نهاية حقبة في تاريخ الصراع على ناغورنو كاراباخ. كان الجيش رمزًا للمقاومة الأرمنية في المنطقة لأكثر من ثلاثة عقود، ولعب دورًا حاسمًا في حماية السكان الأرمن. ومع ذلك، فإن التطورات الأخيرة أدت إلى تغيير جذري في الوضع، مما أدى إلى حل الجيش وإعادة إدماج المنطقة في أذربيجان.
إرث جيش دفاع آرتساخ
على الرغم من حله، سيظل جيش دفاع آرتساخ جزءًا مهمًا من تاريخ المنطقة. بالنسبة للأرمن، يمثل الجيش رمزًا للمقاومة والتصميم في مواجهة الشدائد. بالنسبة للأذربيجانيين، يمثل الجيش عقبة تم التغلب عليها في استعادة السيطرة على أراضيهم.
من المرجح أن يتم تحليل دور جيش دفاع آرتساخ في الصراع على ناغورنو كاراباخ من قبل المؤرخين وعلماء السياسة في السنوات القادمة. ستكون الدروس المستفادة من الحرب ذات أهمية بالنسبة للجيوش الأخرى التي تعمل في بيئات مماثلة.
خاتمة
كان جيش دفاع آرتساخ قوة دفاعية تأسست لحماية سكان آرتساخ الأرمن. لعب الجيش دورًا حاسمًا في حرب ناغورنو كاراباخ الأولى وحاول الدفاع عن المنطقة في حرب 2020. ومع ذلك، أدت التطورات الأخيرة إلى حل الجيش وإعادة إدماج آرتساخ في أذربيجان. على الرغم من حله، سيظل جيش دفاع آرتساخ جزءًا مهمًا من تاريخ المنطقة.