مقدمة
العلاج بالبستنة، المعروف أيضًا باسم العلاج بالحدائق أو البستنة الاجتماعية والعلاجية، هو استخدام النباتات والحدائق لتحسين الصحة البدنية والعقلية والعاطفية والاجتماعية للأفراد. يتم تعريف العلاج بالبستنة من قبل جمعية البستنة العلاجية الأمريكية (AHTA) بأنه “عملية تستخدم النباتات والأنشطة المتعلقة بالبستنة بشكل احترافي لتحقيق أهداف علاجية محددة”.
لا يقتصر العلاج بالبستنة على مجرد قضاء الوقت في الحديقة؛ بل هو تدخل علاجي منظم يقوده معالج مؤهل. يستخدم المعالج بالبستنة النباتات والحدائق كوسائل لتحقيق أهداف علاجية محددة، مثل تحسين المهارات الحركية الدقيقة، وتقليل التوتر، وتعزيز احترام الذات، وتحسين التفاعل الاجتماعي.
تاريخ العلاج بالبستنة
يعود تاريخ استخدام الحدائق لأغراض علاجية إلى العصور القديمة. فقد استخدم المصريون القدماء الحدائق لتهدئة المرضى، بينما استخدم الرومان الحدائق لتوفير بيئة مريحة للمحاربين العائدين من الحرب. في العصور الوسطى، كانت الأديرة غالبًا ما تحتوي على حدائق تستخدم لعلاج المرضى.
في القرن التاسع عشر، بدأ الأطباء النفسيون في استخدام الحدائق كجزء من علاجهم للمرضى العقليين. يعود الفضل إلى الطبيب النفسي الفرنسي فيليب بينيل في إدخال مفهوم العلاج بالعمل، والذي شمل البستنة، في علاج المرضى العقليين. في الولايات المتحدة، بدأت المستشفيات النفسية في إنشاء حدائق للمرضى في القرن التاسع عشر.
شهدت الحربان العالميتان زيادة في استخدام البستنة كعلاج للمحاربين القدامى. تم استخدام البستنة لمساعدة المحاربين القدامى على التعافي من الإصابات الجسدية والعقلية. بعد الحرب العالمية الثانية، تم تأسيس العديد من برامج البستنة العلاجية في المستشفيات ومراكز إعادة التأهيل.
فوائد العلاج بالبستنة
يقدم العلاج بالبستنة مجموعة واسعة من الفوائد للأفراد من جميع الأعمار والقدرات. تشمل بعض الفوائد الرئيسية للعلاج بالبستنة ما يلي:
- تحسين الصحة البدنية: يمكن أن تساعد البستنة على تحسين القوة والمرونة والتوازن والتنسيق. يمكن أن تساعد أيضًا على تقليل الألم والتعب.
- تحسين الصحة العقلية: يمكن أن تساعد البستنة على تقليل التوتر والقلق والاكتئاب. يمكن أن تساعد أيضًا على تحسين المزاج واحترام الذات والوظائف المعرفية.
- تحسين الصحة العاطفية: يمكن أن تساعد البستنة على تعزيز المشاعر الإيجابية، مثل الفرح والأمل والدهشة. يمكن أن تساعد أيضًا على تقليل المشاعر السلبية، مثل الغضب والحزن والخوف.
- تحسين الصحة الاجتماعية: يمكن أن توفر البستنة فرصًا للتفاعل الاجتماعي والتواصل مع الآخرين. يمكن أن تساعد أيضًا على تحسين مهارات الاتصال والتعاون.
- تحسين نوعية الحياة: يمكن أن تساعد البستنة على تحسين نوعية الحياة بشكل عام من خلال توفير شعور بالهدف والمعنى والإنجاز.
الفئات المستهدفة للعلاج بالبستنة
العلاج بالبستنة مفيد لمجموعة واسعة من الأفراد، بما في ذلك:
- الأطفال: يمكن أن تساعد البستنة الأطفال على تطوير المهارات الحركية والإدراكية والاجتماعية والعاطفية. يمكن أن تساعد أيضًا على تحسين التركيز والانتباه والذاكرة.
- المراهقون: يمكن أن تساعد البستنة المراهقين على تقليل التوتر والقلق والاكتئاب. يمكن أن تساعد أيضًا على تحسين احترام الذات والهوية.
- البالغون: يمكن أن تساعد البستنة البالغين على تحسين الصحة البدنية والعقلية والعاطفية والاجتماعية. يمكن أن تساعد أيضًا على تقليل التوتر وتحسين نوعية الحياة.
- كبار السن: يمكن أن تساعد البستنة كبار السن على الحفاظ على الصحة البدنية والعقلية والعاطفية والاجتماعية. يمكن أن تساعد أيضًا على تقليل العزلة والوحدة.
- الأشخاص ذوو الإعاقة: يمكن أن تساعد البستنة الأشخاص ذوي الإعاقة على تحسين الصحة البدنية والعقلية والعاطفية والاجتماعية. يمكن أن تساعد أيضًا على زيادة الاستقلالية والاكتفاء الذاتي.
- الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية: يمكن أن تساعد البستنة الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية على تقليل الأعراض وتحسين الأداء الوظيفي.
- المحاربون القدامى: يمكن أن تساعد البستنة المحاربين القدامى على التعافي من الإصابات الجسدية والعقلية.
كيف يعمل العلاج بالبستنة؟
يعمل العلاج بالبستنة من خلال مجموعة متنوعة من الآليات. تشمل بعض الآليات الرئيسية ما يلي:
- التفاعل مع الطبيعة: ثبت أن التفاعل مع الطبيعة له تأثيرات إيجابية على الصحة البدنية والعقلية والعاطفية. يمكن أن تساعد الطبيعة على تقليل التوتر وتحسين المزاج وتعزيز الاسترخاء.
- النشاط البدني: تتطلب البستنة نشاطًا بدنيًا، والذي يمكن أن يساعد على تحسين القوة والمرونة والتوازن والتنسيق.
- التحفيز الحسي: توفر البستنة مجموعة متنوعة من التحفيزات الحسية، مثل الألوان والروائح والأصوات والملمس. يمكن أن تساعد هذه التحفيزات الحسية على تحسين الوظائف المعرفية والمزاج.
- الإبداع والتعبير: توفر البستنة فرصًا للإبداع والتعبير عن الذات. يمكن أن تساعد هذه الفرص على تحسين احترام الذات والهوية.
- التواصل الاجتماعي: يمكن أن توفر البستنة فرصًا للتفاعل الاجتماعي والتواصل مع الآخرين. يمكن أن تساعد هذه الفرص على تحسين مهارات الاتصال والتعاون.
- الشعور بالإنجاز: يمكن أن توفر البستنة شعوراً بالإنجاز والهدف. يمكن أن يساعد هذا الشعور بالإنجاز على تحسين المزاج واحترام الذات.
أنواع الأنشطة المستخدمة في العلاج بالبستنة
تتضمن أنشطة العلاج بالبستنة مجموعة واسعة من المهام المتعلقة بالنباتات والحدائق. يمكن تكييف هذه الأنشطة لتلبية احتياجات وقدرات الأفراد. تشمل بعض الأنشطة الشائعة المستخدمة في العلاج بالبستنة ما يلي:
- زراعة البذور: زراعة البذور هي نشاط بسيط ومجزٍ يمكن أن يساعد على تحسين المهارات الحركية الدقيقة والتنسيق.
- زراعة الشتلات: زراعة الشتلات هي نشاط أكثر تعقيدًا يمكن أن يساعد على تحسين القوة والمرونة والتوازن.
- الري: الري هو نشاط أساسي يمكن أن يساعد على تعليم الأفراد عن أهمية الماء في حياة النباتات.
- إزالة الأعشاب الضارة: إزالة الأعشاب الضارة هي نشاط متكرر يمكن أن يساعد على تحسين التركيز والانتباه.
- التسميد: التسميد هو نشاط مهم يمكن أن يساعد على تعليم الأفراد عن أهمية التربة والمغذيات في حياة النباتات.
- الحصاد: الحصاد هو نشاط مجزٍ يمكن أن يساعد على تحسين احترام الذات والشعور بالإنجاز.
- تنسيق الزهور: تنسيق الزهور هو نشاط إبداعي يمكن أن يساعد على تحسين المزاج والإحساس بالجمال.
- تصميم الحدائق: تصميم الحدائق هو نشاط معقد يمكن أن يساعد على تحسين التخطيط وحل المشكلات.
المعالج بالبستنة
المعالج بالبستنة هو محترف مدرب على استخدام النباتات والحدائق كوسائل لتحقيق أهداف علاجية محددة. يجب أن يكون لدى المعالج بالبستنة معرفة واسعة بالنباتات والحدائق، بالإضافة إلى فهم عميق للاحتياجات البدنية والعقلية والعاطفية والاجتماعية للأفراد. يجب أن يكون المعالج بالبستنة أيضًا قادرًا على تصميم وتنفيذ برامج بستنة علاجية فعالة.
يجب أن يحصل المعالج بالبستنة على شهادة من جمعية البستنة العلاجية الأمريكية (AHTA) أو منظمة مماثلة. تتطلب الشهادة إكمال برنامج تعليمي معتمد واجتياز امتحان.
أماكن تقديم العلاج بالبستنة
يتم تقديم العلاج بالبستنة في مجموعة متنوعة من الأماكن، بما في ذلك:
- المستشفيات: غالبًا ما تستخدم المستشفيات العلاج بالبستنة لمساعدة المرضى على التعافي من الإصابات والأمراض.
- مراكز إعادة التأهيل: غالبًا ما تستخدم مراكز إعادة التأهيل العلاج بالبستنة لمساعدة الأشخاص على التعافي من الإعاقات الجسدية والعقلية.
- مراكز الرعاية النهارية: غالبًا ما تستخدم مراكز الرعاية النهارية العلاج بالبستنة لتوفير أنشطة محفزة ومجزية للأطفال وكبار السن.
- المجتمعات السكنية المدعومة: غالبًا ما تستخدم المجتمعات السكنية المدعومة العلاج بالبستنة لتوفير أنشطة اجتماعية وعلاجية للمقيمين.
- السجون: تستخدم بعض السجون العلاج بالبستنة لمساعدة السجناء على تطوير المهارات وتقليل التوتر وتحسين السلوك.
- المدارس: تستخدم بعض المدارس العلاج بالبستنة لمساعدة الطلاب على تحسين التعلم والسلوك.
- العيادات الخاصة: يقدم بعض المعالجين بالبستنة العلاج في العيادات الخاصة.
خاتمة
العلاج بالبستنة هو تدخل علاجي قوي يمكن أن يحسن الصحة البدنية والعقلية والعاطفية والاجتماعية للأفراد من جميع الأعمار والقدرات. من خلال التفاعل مع الطبيعة والمشاركة في الأنشطة المتعلقة بالنباتات والحدائق، يمكن للأفراد تجربة مجموعة واسعة من الفوائد، بما في ذلك تحسين المهارات الحركية، وتقليل التوتر، وتعزيز احترام الذات، وتحسين التفاعل الاجتماعي. سواء تم تقديمه في المستشفيات أو مراكز إعادة التأهيل أو المجتمعات السكنية أو حتى السجون، يظل العلاج بالبستنة أداة قيمة لتحسين نوعية الحياة وتعزيز العافية.