<![CDATA[
مقدمة
الشريان تحت الترقوة المنحرف، أو متلازمة الشريان تحت الترقوة المنحرف، هو اختلاف تشريحي نادر في منشأ الشريان تحت الترقوة الأيمن (في معظم الحالات) أو الأيسر. في الحالة الطبيعية، ينشأ الشريانان تحت الترقوة الأيمن والأيسر من قوس الأبهر. ومع ذلك، في حالة الشريان تحت الترقوة المنحرف، لا ينشأ الشريان بشكل مباشر من قوس الأبهر. بدلاً من ذلك، ينشأ الشريان تحت الترقوة المنحرف كفرع أخير من قوس الأبهر، بعد الشرايين الأخرى التي تنشأ عادة من القوس (الشريان العضدي الرأسي، والشريان السباتي الأصلي الأيسر، وفي حالات نادرة الشريان تحت الترقوة الأيسر). بعد نشأته غير الطبيعية، يسير الشريان تحت الترقوة المنحرف خلف المريء (في معظم الحالات) أو أمامه أو بين المريء والقصبة الهوائية للوصول إلى الطرف العلوي الأيمن أو الأيسر، حسب موقع الشريان المنحرف.
الأسباب وعوامل الخطر
السبب الدقيق للشريان تحت الترقوة المنحرف غير مفهوم تمامًا، ولكنه يعتبر بشكل عام عيبًا خلقيًا يحدث أثناء التطور الجنيني. خلال التطور الجنيني الطبيعي، يتطور قوس الأبهر من سلسلة من أقواس الأبهر الجنينية. في حالة الشريان تحت الترقوة المنحرف، يحدث خلل في هذه العملية التنموية، مما يؤدي إلى نشأة غير طبيعية للشريان تحت الترقوة.
تشمل عوامل الخطر المحتملة ما يلي:
- الوراثة: على الرغم من أن الشريان تحت الترقوة المنحرف ليس بالضرورة وراثيًا، إلا أن هناك بعض الأدلة على أن بعض العائلات قد تكون أكثر عرضة للإصابة به.
- تشوهات الكروموسومات: يرتبط الشريان تحت الترقوة المنحرف أحيانًا ببعض تشوهات الكروموسومات، مثل متلازمة داون.
- عوامل بيئية: من غير الواضح ما إذا كانت العوامل البيئية تلعب دورًا في تطور الشريان تحت الترقوة المنحرف، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من البحث في هذا المجال.
الأعراض
غالبًا ما يكون الشريان تحت الترقوة المنحرف بدون أعراض، خاصة في الأطفال. ومع ذلك، يمكن أن تظهر الأعراض في بعض الحالات، خاصة عند البالغين، بسبب الضغط على الهياكل المجاورة، مثل المريء والقصبة الهوائية. تعتمد الأعراض على حجم الشريان المنحرف وموقعه، بالإضافة إلى الهياكل التي يضغط عليها.
تشمل الأعراض المحتملة ما يلي:
- عسر البلع (صعوبة البلع): هذا هو العرض الأكثر شيوعًا للشريان تحت الترقوة المنحرف. يحدث عسر البلع بسبب الضغط على المريء، مما يجعل من الصعب مرور الطعام والسوائل عبره.
- ضيق التنفس (صعوبة التنفس): يمكن أن يحدث ضيق التنفس إذا كان الشريان المنحرف يضغط على القصبة الهوائية.
- السعال: يمكن أن يحدث السعال أيضًا بسبب الضغط على القصبة الهوائية.
- ألم في الصدر: في بعض الحالات، يمكن أن يسبب الشريان تحت الترقوة المنحرف ألمًا في الصدر.
- نبض في الرقبة: قد يكون النبض محسوسًا في قاعدة الرقبة إذا كان الشريان المنحرف كبيرًا.
- متلازمة السرقة تحت الترقوة: في حالات نادرة، يمكن أن يؤدي الشريان تحت الترقوة المنحرف إلى متلازمة السرقة تحت الترقوة، وهي حالة تتدفق فيها الدماء بشكل عكسي من الدورة الدموية الدماغية إلى الطرف العلوي، مما يسبب أعراضًا مثل الدوخة والضعف في الذراع.
التشخيص
يمكن تشخيص الشريان تحت الترقوة المنحرف باستخدام مجموعة متنوعة من تقنيات التصوير. تشمل طرق التشخيص الشائعة ما يلي:
- الأشعة السينية للصدر: قد تظهر الأشعة السينية للصدر تضيقًا في القصبة الهوائية أو المريء.
- الأشعة المقطعية (CT) مع التصوير الوعائي: توفر الأشعة المقطعية صورًا تفصيلية للأوعية الدموية ويمكنها تحديد موقع الشريان تحت الترقوة المنحرف وحجمه وعلاقته بالهياكل المجاورة.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) مع التصوير الوعائي: يوفر التصوير بالرنين المغناطيسي صورًا مماثلة للأشعة المقطعية، ولكنه لا يستخدم الإشعاع.
- تصوير الأوعية الدموية: تصوير الأوعية الدموية هو إجراء جراحي طفيف يتضمن إدخال قسطرة في وعاء دموي وحقن صبغة لتصوير الأوعية الدموية بالأشعة السينية.
- الموجات فوق الصوتية (دوبلر): يمكن استخدام الموجات فوق الصوتية لتقييم تدفق الدم في الشريان تحت الترقوة المنحرف.
- تنظير المريء: يمكن استخدام تنظير المريء لفحص المريء وتقييم أي ضغط خارجي ناتج عن الشريان المنحرف.
العلاج
يعتمد علاج الشريان تحت الترقوة المنحرف على شدة الأعراض. في الحالات التي لا توجد فيها أعراض أو تكون الأعراض خفيفة، قد لا يكون العلاج ضروريًا. ومع ذلك، إذا كانت الأعراض شديدة، فقد يوصى بالعلاج.
تشمل خيارات العلاج ما يلي:
- المراقبة: إذا لم تكن هناك أعراض أو كانت خفيفة، فقد يوصى بالمراقبة الدورية لمراقبة الحالة.
- الأدوية: يمكن استخدام الأدوية لعلاج الأعراض المرتبطة بالشريان تحت الترقوة المنحرف. على سبيل المثال، يمكن استخدام الأدوية لتقليل عسر البلع أو ضيق التنفس.
- الجراحة: في الحالات التي تكون فيها الأعراض شديدة أو لا تستجيب للعلاجات الأخرى، قد تكون الجراحة ضرورية. الهدف من الجراحة هو تخفيف الضغط على المريء والقصبة الهوائية عن طريق إعادة زرع الشريان تحت الترقوة المنحرف أو قطعه. هناك عدة طرق جراحية متاحة، بما في ذلك:
- إعادة الزرع: تتضمن هذه الطريقة قطع الشريان تحت الترقوة المنحرف وإعادة توصيله بموقع مختلف على قوس الأبهر أو الشريان السباتي الأصلي.
- القطع: تتضمن هذه الطريقة قطع الشريان تحت الترقوة المنحرف. ومع ذلك، لا يتم استخدام هذه الطريقة عادةً إلا إذا كانت هناك أوعية دموية أخرى يمكنها توفير الدم للطرف العلوي.
- التحويل: تتضمن هذه الطريقة إنشاء تحويل بين الشريان تحت الترقوة المنحرف والشريان السباتي الأصلي أو الشريان تحت الترقوة الآخر.
- القسطرة: في بعض الحالات، يمكن استخدام إجراءات القسطرة لعلاج الشريان تحت الترقوة المنحرف. على سبيل المثال، يمكن استخدام رأب الأوعية الدموية بالبالون لتوسيع الشريان المنحرف.
يجب أن يتم تحديد خطة العلاج الأنسب لكل مريض بشكل فردي بناءً على شدة الأعراض والحالة الصحية العامة وعوامل أخرى.
المضاعفات المحتملة
على الرغم من أن الشريان تحت الترقوة المنحرف غالبًا ما يكون حميدًا، إلا أنه يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات في بعض الحالات. تشمل المضاعفات المحتملة ما يلي:
- عسر البلع المستمر: قد يعاني بعض المرضى من عسر البلع المستمر حتى بعد العلاج.
- ضيق التنفس المستمر: قد يعاني بعض المرضى من ضيق التنفس المستمر حتى بعد العلاج.
- متلازمة السرقة تحت الترقوة: كما ذكرنا سابقًا، يمكن أن يؤدي الشريان تحت الترقوة المنحرف إلى متلازمة السرقة تحت الترقوة في حالات نادرة.
- تصلب الشرايين: مع مرور الوقت، يمكن أن يتصلب الشريان تحت الترقوة المنحرف، مما يزيد من خطر حدوث مضاعفات.
- تمدد الأوعية الدموية: في حالات نادرة، يمكن أن يتمدد الشريان تحت الترقوة المنحرف، مما يزيد من خطر التمزق.
- مضاعفات جراحية: كما هو الحال مع أي عملية جراحية، هناك خطر حدوث مضاعفات مرتبطة بجراحة الشريان تحت الترقوة المنحرف، مثل النزيف والعدوى وتلف الأعصاب.
التعايش مع الشريان تحت الترقوة المنحرف
يمكن لمعظم الأشخاص المصابين بالشريان تحت الترقوة المنحرف أن يعيشوا حياة طبيعية وصحية. ومع ذلك، من المهم المتابعة مع الطبيب بانتظام لمراقبة الحالة وعلاج أي أعراض أو مضاعفات قد تنشأ.
بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الأشياء التي يمكن للمرضى القيام بها لإدارة حالتهم، بما في ذلك:
- تناول وجبات صغيرة ومتكررة: يمكن أن يساعد ذلك في تقليل عسر البلع.
- تجنب الأطعمة الصلبة والجافة: يمكن أن يكون من الصعب ابتلاع هذه الأطعمة.
- تناول الطعام ببطء ومضغه جيدًا: يمكن أن يساعد ذلك في تسهيل البلع.
- رفع الرأس أثناء الأكل: يمكن أن يساعد ذلك في منع الطعام من الرجوع إلى المريء.
- الإقلاع عن التدخين: يمكن أن يؤدي التدخين إلى تفاقم أعراض ضيق التنفس.
- ممارسة الرياضة بانتظام: يمكن أن تساعد التمارين الرياضية في تحسين الصحة العامة وتقليل خطر حدوث مضاعفات.
الوقاية
لا توجد طريقة معروفة للوقاية من الشريان تحت الترقوة المنحرف، لأنه يعتبر بشكل عام عيبًا خلقيًا يحدث أثناء التطور الجنيني. ومع ذلك، يمكن للنساء الحوامل اتخاذ خطوات لتقليل خطر حدوث عيوب خلقية بشكل عام، مثل تناول حمض الفوليك بانتظام وتجنب التدخين وشرب الكحول.
الأبحاث الحالية والمستقبلية
تتواصل الأبحاث حول الشريان تحت الترقوة المنحرف لتحسين فهمنا لهذه الحالة وتطوير علاجات أفضل. تشمل مجالات البحث الحالية والمستقبلية ما يلي:
- تحديد الجينات التي قد تكون متورطة في تطور الشريان تحت الترقوة المنحرف.
- تطوير تقنيات تصوير جديدة يمكنها اكتشاف الشريان تحت الترقوة المنحرف في وقت مبكر.
- تطوير علاجات جديدة يمكنها تخفيف الأعراض ومنع المضاعفات المرتبطة بالشريان تحت الترقوة المنحرف.
- دراسة فعالية الطرق الجراحية المختلفة لعلاج الشريان تحت الترقوة المنحرف.
- تحسين رعاية المرضى المصابين بالشريان تحت الترقوة المنحرف من خلال تطوير مبادئ توجيهية وأفضل الممارسات.
خاتمة
الشريان تحت الترقوة المنحرف هو حالة نادرة تحدث بسبب خلل في تطور الشريان تحت الترقوة خلال التطور الجنيني. في كثير من الحالات، لا يسبب الشريان تحت الترقوة المنحرف أي أعراض، ولكن في بعض الحالات، يمكن أن يؤدي إلى عسر البلع وضيق التنفس وأعراض أخرى. يمكن تشخيص الشريان تحت الترقوة المنحرف باستخدام مجموعة متنوعة من تقنيات التصوير، ويعتمد العلاج على شدة الأعراض. في حين أن معظم الأشخاص المصابين بالشريان تحت الترقوة المنحرف يمكنهم أن يعيشوا حياة طبيعية وصحية، فمن المهم المتابعة مع الطبيب بانتظام لمراقبة الحالة وعلاج أي أعراض أو مضاعفات قد تنشأ.