نشأته وتعليمه
ولد توماس باركلي في ويك، اسكتلندا، في 21 نوفمبر 1849. تلقى تعليمه في مدرسة ويك الثانوية، ثم التحق بجامعة أبردين، حيث درس الكلاسيكيات واللاهوت. بعد تخرجه، درس في كلية اللاهوت الحرة في أدنبرة، واستعدًا للعمل التبشيري.
الذهاب إلى فورموزا
في عام 1874، انضم باركلي إلى بعثة الكنيسة المشيخية في إنجلترا إلى فورموزا. وصل إلى تاينان، المدينة الرئيسية في جنوب فورموزا، وبدأ على الفور في تعلم اللغة التايوانية المحلية. أظهر باركلي موهبة لغوية ملحوظة، وسرعان ما أتقن اللغة، مما مكنه من التواصل بفعالية مع السكان المحليين.
العمل التبشيري
ركز باركلي في البداية على التبشير بالإنجيل وتعليم السكان المحليين. سافر على نطاق واسع في جميع أنحاء جنوب فورموزا، وزار القرى والبلدات، وقام بالوعظ والتدريس. كان باركلي يتمتع بشخصية ودودة وجذابة، وسرعان ما اكتسب احترام وثقة الشعب التايواني. بالإضافة إلى عمله التبشيري، شارك باركلي أيضًا في مجموعة متنوعة من الأنشطة التعليمية والاجتماعية.
تأسيس مدرسة تاينان اللاهوتية
أدرك باركلي أهمية تدريب القادة المحليين للكنيسة. في عام 1876، أسس مدرسة تاينان اللاهوتية، التي أصبحت فيما بعد مؤسسة رائدة لتدريب القساوسة والمعلمين التايوانيين. لعب باركلي دورًا فعالًا في تطوير المناهج الدراسية وتدريس اللاهوت والكتاب المقدس واللغات. تخرج العديد من القادة البارزين في الكنيسة التايوانية من مدرسة تاينان اللاهوتية، وأصبحوا قادة مؤثرين في مجتمعاتهم.
ترجمة الكتاب المقدس
من أهم إنجازات باركلي ترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة التايوانية المحلية. أدرك باركلي أن وجود الكتاب المقدس بلغتهم الأم سيكون له تأثير عميق على فهم التايوانيين للإنجيل. بدأ باركلي العمل على ترجمة العهد الجديد في عام 1883، وأكمله في عام 1887. ثم شرع في ترجمة العهد القديم، وأكمله في عام 1930. تعتبر ترجمة باركلي للكتاب المقدس إنجازًا لغويًا وثقافيًا كبيرًا، ولا تزال تستخدم على نطاق واسع من قبل الكنائس التايوانية حتى اليوم. استخدم باركلي في ترجمته أسلوبًا لغويًا يراعي حساسية اللغة المحلية، وقدم تفسيرات ثقافية لضمان فهم التايوانيين للنص الكتابي بشكل صحيح.
التعليم
كان باركلي مؤمنًا راسخًا بأهمية التعليم. بالإضافة إلى عمله في مدرسة تاينان اللاهوتية، شارك باركلي في تأسيس العديد من المدارس والكليات الأخرى في تايوان. ساعد في إنشاء مدرسة تاينان المتوسطة، وهي مدرسة ثانوية رائدة، وكلية تاينان النسائية، وهي مؤسسة للتعليم العالي للفتيات. سعى باركلي من خلال هذه المؤسسات التعليمية إلى تزويد التايوانيين بالمهارات والمعرفة التي يحتاجونها للنجاح في الحياة والمساهمة في مجتمعهم.
- مدرسة تاينان المتوسطة: تأسست لتوفير تعليم ثانوي عالي الجودة للشباب التايواني.
- كلية تاينان النسائية: تأسست لتمكين الفتيات التايوانيات من خلال التعليم العالي.
العمل الاجتماعي
لم يقتصر اهتمام باركلي على التبشير والتعليم، بل امتد ليشمل العمل الاجتماعي. كان باركلي قلقًا بشأن رفاهية الشعب التايواني، وعمل على تحسين ظروفهم المعيشية. شارك في جهود الإغاثة في حالات الكوارث، وقدم المساعدة الطبية للمحتاجين، ودعم المشاريع الزراعية لتحسين الأمن الغذائي. أسس باركلي أيضًا عددًا من المؤسسات الاجتماعية، مثل دور الأيتام والمستشفيات، لتوفير الرعاية والدعم للفئات الضعيفة في المجتمع.
مقاومة الاحتلال الياباني
في عام 1895، احتلت اليابان تايوان بعد الحرب الصينية اليابانية الأولى. واجه باركلي تحديًا جديدًا في ظل الحكم الياباني. حافظ باركلي على علاقات جيدة مع السلطات اليابانية، ولكنه دافع أيضًا عن حقوق الشعب التايواني. عارض باركلي السياسات اليابانية التي اعتبرها قمعية، وعمل على حماية مصالح الكنيسة التايوانية. لعب باركلي دورًا مهمًا في الحفاظ على هوية وثقافة التايوانيين في ظل الحكم الياباني.
تأثيره وإرثه
كان لتوماس باركلي تأثير عميق ودائم على تايوان. كرس حياته لخدمة الشعب التايواني، وساهم بشكل كبير في تطوير الكنيسة المشيخية التايوانية، والتعليم، والترجمة، والعمل الاجتماعي. يعتبر باركلي شخصية بارزة في تاريخ تايوان، ويحظى باحترام وتقدير كبيرين من قبل الشعب التايواني. لا تزال ترجمته للكتاب المقدس مستخدمة على نطاق واسع، ولا تزال المدارس والكليات التي أسسها تزدهر حتى اليوم. يظل إرث باركلي حيًا من خلال عمل المؤسسات التي أسسها ومن خلال تأثيره على حياة عدد لا يحصى من التايوانيين.
السنوات اللاحقة ووفاته
واصل باركلي خدمة الشعب التايواني حتى سنواته الأخيرة. توفي في تاينان في 5 أكتوبر 1935، عن عمر يناهز 85 عامًا. تم دفنه في مقبرة تاينان التبشيرية، ويتم إحياء ذكرى مساهماته في تايوان حتى يومنا هذا.
خاتمة
كان توماس باركلي مبشرًا استثنائيًا كرس حياته لخدمة شعب تايوان. من خلال عمله التبشيري والتعليمي والاجتماعي، ترك باركلي بصمة لا تمحى على المجتمع التايواني. يعتبر إرثه مصدر إلهام للأجيال القادمة من القادة والمبشرين.