الخلفية التاريخية
في بداية القرن العشرين، كانت المجر دولة زراعية فقيرة. كانت ناجيريف قرية صغيرة تقع في منطقة تيسازوغ، وهي منطقة زراعية فقيرة في سهل المجر الكبير. كان الرجال في المنطقة يعملون في الغالب في الزراعة، بينما كانت النساء يقمن بالأعمال المنزلية ورعاية الأطفال. كانت فرص النساء محدودة للغاية، وغالباً ما كن عالقات في زيجات تعيسة أو تحت رحمة أفراد الأسرة المسيئين.
الحرب العالمية الأولى جلبت المزيد من الصعوبات. تم تجنيد العديد من الرجال، وتركوا النساء والأطفال يكافحون من أجل البقاء. أدى نقص الغذاء والموارد إلى تفاقم الوضع، وزاد اليأس والإحباط بين السكان.
بداية ظهور صانعات الملائكة
بدأت قصة صانعات الملائكة في ناجيريف مع امرأة تدعى جوليا فاسكاس. كانت فاسكاس امرأة ذكية وطموحة، تلقت تعليمًا أفضل من معظم نساء القرية. عملت كقابلة في ناجيريف، وكانت تحظى باحترام كبير من قبل المجتمع. في عام 1911، بدأت فاسكاس في استخلاص الزرنيخ من ورق الذباب، وهو مادة سامة شائعة الاستخدام في ذلك الوقت. بدأت في توزيع الزرنيخ على النساء الأخريات في القرية، اللواتي استخدمنه لقتل أزواجهن وأفراد أسرهن الآخرين.
كانت دوافع النساء متنوعة. أرادت بعضهن الهروب من الزيجات التعيسة، بينما أرادت أخريات تأمين الميراث. كان البعض الآخر مدفوعًا ببساطة بالكراهية أو الانتقام. بغض النظر عن دوافعهم، سرعان ما اكتشفت النساء أن الزرنيخ كان سلاحًا فعالًا بشكل مدهش. كان من الصعب اكتشافه، وغالبًا ما كان يتم الخلط بين أعراض التسمم بأعراض الأمراض الأخرى.
طريقة العمل
كانت عملية القتل بسيطة نسبيًا. كانت النساء يقدمن الزرنيخ لضحاياهن في الطعام أو الشراب. كانت الجرعة تعتمد على حجم الضحية وحساسيتها للسم. غالبًا ما كانت النساء يعطين ضحاياهن جرعات صغيرة من الزرنيخ على مدى فترة من الزمن، مما يجعل من الصعب اكتشاف التسمم.
بعد وفاة الضحية، كانت النساء غالبًا ما يتخلصن من الجثة عن طريق دفنها في الفناء الخلفي أو في مقبرة مهجورة. في بعض الحالات، كن يحرقن الجثة للتخلص من أي دليل.
لإخفاء الجريمة، غالبًا ما كانت النساء يبلغن عن وفاة الضحية على أنها ناجمة عن أسباب طبيعية، مثل أمراض القلب أو الشيخوخة. نظرًا لأن معظم الأطباء في ذلك الوقت لم يكونوا مدربين على اكتشاف التسمم بالزرنيخ، فغالبًا ما كانوا يصدقون قصص النساء.
انتشار الجريمة
انتشرت ممارسة التسميم بسرعة إلى القرى المجاورة. أسست فاسكاس شبكة من المتآمرين الذين ساعدوا في الحصول على الزرنيخ والتخلص من الجثث. كانت الشبكة تعمل بسرية تامة، ولم يتم اكتشافها لسنوات عديدة.
بلغت جرائم القتل ذروتها في عشرينيات القرن الماضي. بحلول ذلك الوقت، قُتل ما يقدر بنحو 300 شخص بالزرنيخ في منطقة تيسازوغ. أصبحت ناجيريف تُعرف باسم “قرية الموت” بسبب العدد الكبير من الوفيات غير المبررة.
الاكتشاف والمحاكمة
في عام 1929، بدأت الشرطة في التحقيق في سلسلة من الوفيات المشبوهة في ناجيريف. كان التحقيق مدفوعًا جزئيًا بشائعات بدأت تنتشر حول القرية. بدأ الناس يتحدثون عن النساء اللواتي كن يسممن أزواجهن وأفراد أسرهن الآخرين.
قاد التحقيق إلى اعتقال جوليا فاسكاس والعديد من النساء الأخريات. خلال المحاكمة، اعترفت النساء بجرائمهن. وقدمن روايات مفصلة عن كيفية الحصول على الزرنيخ وكيفية استخدامه لقتل ضحاياهن.
أثارت المحاكمة ضجة كبيرة في المجر. صدم الجمهور من فكرة أن النساء قادرات على ارتكاب مثل هذه الأعمال الوحشية. أدينت العديد من النساء وحكم عليهن بالإعدام. تم تخفيف أحكام أخريات لاحقًا إلى السجن المؤبد.
ما بعد المحاكمة
أدت محاكمة صانعات الملائكة في ناجيريف إلى تغييرات كبيرة في النظام القانوني في المجر. تم تشديد قوانين التسمم، وأصبح الأطباء أكثر وعياً بأعراض التسمم بالزرنيخ. كما أدت القضية إلى زيادة الوعي بمشاكل العنف المنزلي وإساءة معاملة المرأة في المناطق الريفية.
جوليا فاسكاس
كانت جوليا فاسكاس العقل المدبر وراء جرائم القتل في ناجيريف. كانت امرأة قوية ومقنعة، قادرة على التلاعب بالآخرين لفعل ما تريد. كانت فاسكاس تؤمن بأن النساء لديهن الحق في السيطرة على حياتهن، وأن القتل كان وسيلة مقبولة لتحقيق هذا الهدف. تم إعدامها شنقًا عام 1929.
الدوافع
كانت دوافع صانعات الملائكة متنوعة، ولكن يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
- الهروب من الزيجات التعيسة: كانت العديد من النساء عالقات في زيجات تعيسة، ولم يكن لديهن طريقة أخرى للهروب.
- تأمين الميراث: أرادت بعض النساء تأمين الميراث لأطفالهن أو لأنفسهن.
- الانتقام: كان البعض الآخر مدفوعًا بالكراهية أو الانتقام.
- التخلص من الأفراد “غير المرغوب فيهم”: أرادت بعض النساء التخلص من الأفراد الذين اعتبروهم عبئًا، مثل كبار السن أو المرضى.
الإرث
تعتبر قضية صانعات الملائكة في ناجيريف قصة مروعة عن العنف واليأس في مجتمع ريفي فقير. تسلط القضية الضوء على أهمية حماية حقوق المرأة ومعالجة مشاكل العنف المنزلي وإساءة معاملة المرأة.
في الثقافة الشعبية
أُلهمت العديد من الأعمال الأدبية والسينمائية بقصص صانعات الملائكة، منها:
- فيلم “Hyacinthus” للمخرج أندراش كوفاكس (1971).
- مسلسل “The Poisoner” على قناة Crime & Investigation Network.
خاتمة
تبقى قضية صانعات الملائكة في ناجيريف بمثابة تذكير قاتم بالظروف الاجتماعية والاقتصادية القاسية التي دفعت هؤلاء النساء إلى ارتكاب جرائم مروعة. كما أنها تثير أسئلة مهمة حول دور المرأة في المجتمع، وأسباب العنف، وأهمية العدالة.