<![CDATA[
التأسيس والتاريخ المبكر
تعود جذور إخوة وأخوات التوبة للقديس فرنسيس إلى بدايات الحركة الفرنسيسكانية. بعد أن أسس القديس فرنسيس الرهبنة الفرنسيسكانية الأولى (الرهبان الأصاغر) والرهبنة الثانية (الراهبات الكلاريسيات)، بدأ العديد من العلمانيين الذين تأثروا بمثاله وتعاليمه في طلب طريقة لعيش روحانية فرنسيسكانية في حياتهم اليومية. استجاب القديس فرنسيس لهذه الرغبة من خلال وضع قواعد حياة بسيطة وموجهة للعلمانيين. هذه القواعد شكلت الأساس لما يعرف الآن بالرهبنة الفرنسيسكانية الثالثة العلمانية.
في البداية، لم تكن هناك هيكلية رسمية للرهبنة الثالثة. كان العلمانيون يجتمعون في مجموعات صغيرة، غالبًا تحت إشراف الرهبان الفرنسيسكان، لتبادل الخبرات وتشجيع بعضهم البعض في سعيهم للعيش وفقًا للإنجيل. مع مرور الوقت، تطورت هذه المجموعات وأصبحت أكثر تنظيمًا، وبدأت تظهر قوانين ولوائح أكثر تفصيلاً.
تطور الرهبنة الثالثة عبر العصور
شهدت الرهبنة الفرنسيسكانية الثالثة تطورات كبيرة عبر العصور. في القرن الخامس عشر، انقسمت الرهبنة إلى فرعين رئيسيين: الرهبنة الثالثة النظامية (TOR)، التي تضم أعضاء يعيشون في مجتمعات دينية وفقًا لقواعد صارمة، والرهبنة الثالثة العلمانية (OFS)، التي تضم أعضاء يعيشون في العالم.
لعبت الرهبنة الثالثة العلمانية دورًا هامًا في حياة الكنيسة والمجتمع عبر التاريخ. قدم أعضاؤها مساهمات كبيرة في مجالات التعليم والرعاية الصحية والعدالة الاجتماعية. العديد من القديسين والشهداء كانوا أعضاء في الرهبنة الثالثة، مما يدل على العمق الروحي والتأثير الذي يمكن أن تحدثه الحياة الفرنسيسكانية في العالم.
قواعد الحياة الفرنسيسكانية العلمانية
تعتمد حياة أعضاء الرهبنة الفرنسيسكانية الثالثة العلمانية على مجموعة من القواعد والمبادئ التي تهدف إلى مساعدتهم على عيش الإنجيل على طريقة القديس فرنسيس. تشمل هذه القواعد:
- الالتزام بالإنجيل: يعتبر الإنجيل هو القاعدة الأساسية للحياة الفرنسيسكانية. يسعى الأعضاء إلى فهم الإنجيل وتطبيقه في جميع جوانب حياتهم.
- التوبة: التوبة هي جزء أساسي من الروحانية الفرنسيسكانية. يدعو الأعضاء إلى التوبة المستمرة عن الخطايا والعيوب، والسعي إلى التغيير والتجديد الروحي.
- الصلاة: تعتبر الصلاة جزءًا حيويًا من الحياة الفرنسيسكانية. يلتزم الأعضاء بالصلاة اليومية، بما في ذلك صلاة الصباح وصلاة المساء، بالإضافة إلى تخصيص وقت للتأمل والصلاة الشخصية.
- البساطة: يدعو القديس فرنسيس إلى البساطة في الحياة. يسعى الأعضاء إلى تجنب الترف والبذخ، والعيش ببساطة واقتصاد، مع التركيز على الاحتياجات الأساسية.
- خدمة الآخرين: تعتبر خدمة الآخرين جزءًا أساسيًا من الحياة الفرنسيسكانية. يلتزم الأعضاء بمساعدة المحتاجين والمرضى والفقراء، وتقديم الدعم والعون لهم.
- الأخوة العالمية: يؤمن الفرنسيسكان بالأخوة العالمية، ويسعون إلى بناء علاقات أخوية مع جميع الناس، بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنسية.
- الاهتمام بالخليقة: يدعو القديس فرنسيس إلى احترام الخليقة والاهتمام بالبيئة. يسعى الأعضاء إلى حماية البيئة والحفاظ عليها، والعيش في وئام مع الطبيعة.
كيف تصبح عضوًا في الرهبنة الثالثة العلمانية
تختلف عملية الانضمام إلى الرهبنة الفرنسيسكانية الثالثة العلمانية من مكان إلى آخر، ولكن بشكل عام، تتضمن الخطوات التالية:
- التواصل مع أخوية محلية: يجب على المهتمين بالانضمام إلى الرهبنة التواصل مع أخوية محلية للرهبنة الفرنسيسكانية الثالثة العلمانية. يمكن العثور على الأخويات المحلية من خلال المواقع الإلكترونية الفرنسيسكانية أو عن طريق الاتصال بالأبرشية المحلية.
- فترة التعريف: بعد التواصل مع الأخوية المحلية، يبدأ المهتمون بفترة تعريف يتم خلالها التعرف على الروحانية الفرنسيسكانية وقواعد الحياة الفرنسيسكانية العلمانية.
- فترة التدريب: بعد فترة التعريف، يبدأ المهتمون بفترة تدريب يتم خلالها دراسة قواعد الحياة الفرنسيسكانية العلمانية بشكل أعمق، والمشاركة في أنشطة الأخوية، والتأمل في دعوتهم الفرنسيسكانية.
- القبول: بعد فترة التدريب، إذا شعر المهتمون بأنهم مدعوون إلى الحياة الفرنسيسكانية العلمانية، يمكنهم التقدم بطلب للقبول في الرهبنة. يتم قبولهم رسميًا خلال حفل خاص.
- النذور: بعد فترة من العيش كعضو مقبول، يمكن للأعضاء أن يقدموا نذورًا دائمة للعيش وفقًا لقواعد الحياة الفرنسيسكانية العلمانية. هذه النذور ليست ملزمة بنفس الطريقة التي تكون بها النذور الدينية في الرهبانيات النظامية، ولكنها تعبر عن التزام جاد بالعيش وفقًا للروحانية الفرنسيسكانية.
أهمية الرهبنة الثالثة العلمانية في العصر الحديث
في العصر الحديث، تظل الرهبنة الفرنسيسكانية الثالثة العلمانية ذات أهمية كبيرة. تقدم الرهبنة طريقة للعيش وفقًا للإنجيل في العالم العلماني، وتوفر الدعم الروحي للأعضاء، وتشجعهم على خدمة الآخرين والمساهمة في بناء عالم أفضل.
في عالم يواجه تحديات كبيرة مثل الفقر والظلم وعدم المساواة، تقدم الروحانية الفرنسيسكانية رؤية بديلة للحياة، رؤية تركز على البساطة والتوبة والمحبة والخدمة. يمكن لأعضاء الرهبنة الفرنسيسكانية الثالثة العلمانية أن يكونوا شهودًا على هذه الرؤية في حياتهم اليومية، وأن يلعبوا دورًا هامًا في تغيير العالم.
الأخويات الفرنسيسكانية الثالثة العلمانية حول العالم
توجد الأخويات الفرنسيسكانية الثالثة العلمانية في جميع أنحاء العالم. تختلف هذه الأخويات في حجمها وأنشطتها، ولكنها تشترك جميعًا في نفس الالتزام بالعيش وفقًا لقواعد الحياة الفرنسيسكانية العلمانية. تنظم الأخويات المحلية اجتماعات منتظمة للصلاة والدراسة والتبادل الروحي. كما تنظم الأخويات أنشطة لخدمة المجتمع، مثل زيارة المرضى وتقديم المساعدة للفقراء والمشاركة في مشاريع العدالة الاجتماعية.
تعتبر الأخويات الفرنسيسكانية الثالثة العلمانية جزءًا هامًا من الحركة الفرنسيسكانية العالمية. إنها تجسد روحانية القديس فرنسيس في حياة العلمانيين، وتقدم مساهمة قيمة لحياة الكنيسة والمجتمع.
شخصيات بارزة من الرهبنة الفرنسيسكانية الثالثة العلمانية
على مر القرون، كان العديد من الشخصيات البارزة أعضاء في الرهبنة الفرنسيسكانية الثالثة العلمانية. من بين هؤلاء:
- القديسة إليزابيث ملكة البرتغال: كانت إليزابيث ملكة البرتغال معروفة بتقواها وأعمالها الخيرية. كرست حياتها لمساعدة الفقراء والمرضى والمحتاجين.
- القديس لويس التاسع ملك فرنسا: كان لويس التاسع ملك فرنسا معروفًا بحكمه العادل وتقواه. كان يحرص على الاهتمام بشعبه ومساعدة المحتاجين.
- القديسة روزا من فيتيربو: كانت روزا من فيتيربو امرأة فرنسيسكانية علمانية معروفة بتقواها وشفاعتها. كانت تقوم بمعجزات عديدة.
- القديس يوحنا الثالث والعشرون: البابا يوحنا الثالث والعشرون كان عضوًا في الرهبنة الفرنسيسكانية الثالثة قبل أن يصبح بابا.
هؤلاء القديسون هم أمثلة رائعة لكيف يمكن للعيش وفقًا للروحانية الفرنسيسكانية أن يؤدي إلى حياة مقدسة ومثمرة.
خاتمة
إخوة وأخوات التوبة للقديس فرنسيس هي جمعية عالمية من العلمانيين الذين يسعون للعيش وفقًا للإنجيل على طريقة القديس فرنسيس الأسيزي. من خلال الالتزام بالصلاة والتوبة والبساطة وخدمة الآخرين، يسعى أعضاء الرهبنة إلى الكمال المسيحي والمساهمة في بناء عالم أفضل. تظل الرهبنة الفرنسيسكانية الثالثة العلمانية ذات أهمية كبيرة في العصر الحديث، حيث تقدم طريقة للعيش وفقًا للإنجيل في العالم العلماني، وتوفر الدعم الروحي للأعضاء، وتشجعهم على خدمة الآخرين.