<![CDATA[
مقدمة
يشير مصطلح بامفيليا إلى عدة معاني مرتبطة بمنطقة تاريخية تقع على الساحل الجنوبي لأناضول (تركيا الحديثة). هذه المنطقة، المعروفة بتاريخها الغني وثقافتها المتنوعة، تركت آثارًا واضحة في اللغة والتاريخ. يمكن أن يشير مصطلح بامفيليا إلى:
- بامفيليا: المنطقة الجغرافية التاريخية الواقعة على الساحل الجنوبي لأناضول.
- اليونانية البامفيلية: اللهجة اليونانية القديمة التي كانت محكية في بامفيليا.
- اللغات الأناضولية البامفيلية: مجموعة اللغات التي كانت مستخدمة في منطقة بامفيليا، بما في ذلك اللغة البيسيدية.
بامفيليا: المنطقة الجغرافية والتاريخ
بامفيليا هي منطقة تاريخية تقع على الساحل الجنوبي لأناضول، بين ليسيا وكيليكيا. تتميز المنطقة بسهول ساحلية خصبة، تحدها جبال طوروس الشاهقة من الشمال. لعبت هذه الجغرافيا دورًا حاسمًا في تاريخ المنطقة، حيث وفرت سهولة الوصول إلى البحر وخصوبة الأراضي الزراعية، ولكنها جعلت أيضًا من الصعب الدفاع عنها ضد الغزاة.
تاريخيًا، كانت بامفيليا جزءًا من مملكة ليديا، ثم سقطت تحت الحكم الفارسي في القرن السادس قبل الميلاد. بعد ذلك، غزا الإسكندر الأكبر المنطقة في القرن الرابع قبل الميلاد، وأصبحت جزءًا من الإمبراطورية الهلنستية. بعد وفاة الإسكندر، تقاسمت دول مختلفة السيطرة على بامفيليا، بما في ذلك مملكة بيرغاموم والإمبراطورية السلوقية. في القرن الثاني قبل الميلاد، أصبحت بامفيليا جزءًا من الجمهورية الرومانية، ولاحقًا جزءًا من الإمبراطورية الرومانية.
خلال العصر الروماني، ازدهرت بامفيليا وأصبحت مركزًا تجاريًا وثقافيًا مهمًا. تم بناء العديد من المدن الرومانية الهامة في المنطقة، مثل بيرجي وأسبندوس وسيدي. اشتهرت هذه المدن بمعابدها ومسارحها وحماماتها الرومانية، والتي لا تزال بعضها قائمة حتى اليوم.
في العصر البيزنطي، استمرت بامفيليا في الازدهار، ولكنها عانت أيضًا من الغزوات العربية في القرنين السابع والثامن الميلاديين. في القرن الثالث عشر الميلادي، استولى الأتراك السلاجقة على المنطقة، وأصبحت جزءًا من الدولة العثمانية في القرن الخامس عشر الميلادي.
اليونانية البامفيلية
اليونانية البامفيلية هي لهجة يونانية قديمة كانت محكية في منطقة بامفيليا. تعتبر هذه اللهجة فريدة من نوعها بسبب بعض الخصائص اللغوية التي تميزها عن اللهجات اليونانية الأخرى. على سبيل المثال، تتميز اليونانية البامفيلية بوجود أصوات وحروف لم تكن موجودة في اللهجات اليونانية الأخرى.
لا يُعرف الكثير عن اليونانية البامفيلية، حيث لم يبق منها سوى عدد قليل من النقوش والعملات المعدنية. ومع ذلك، تشير الأدلة المتاحة إلى أن هذه اللهجة كانت تستخدم على نطاق واسع في بامفيليا لعدة قرون.
تعتبر دراسة اليونانية البامفيلية مهمة لفهم تاريخ اللغة اليونانية وتطورها. كما أنها تساعد على فهم تاريخ وثقافة منطقة بامفيليا.
اللغات الأناضولية البامفيلية
بالإضافة إلى اليونانية البامفيلية، كانت هناك لغات أخرى محكية في منطقة بامفيليا. هذه اللغات، المعروفة باللغات الأناضولية البامفيلية، تنتمي إلى عائلة اللغات الهندية الأوروبية. من بين هذه اللغات:
- اللغة البيسيدية: كانت محكية في منطقة بيسيديا، وهي منطقة جبلية تقع إلى الشمال من بامفيليا.
- اللغة السيدية: كانت محكية في مدينة سيدي، وهي مدينة ساحلية تقع في بامفيليا.
- اللغة البامفيلية الأصلية: يعتقد أنها كانت لغة أصلية سابقة لوصول اليونانيين، ولا يعرف عنها إلا القليل جدًا.
لا يُعرف الكثير عن هذه اللغات، حيث لم يبق منها سوى عدد قليل من النقوش. ومع ذلك، تشير الأدلة المتاحة إلى أنها كانت لغات مهمة في المنطقة لعدة قرون.
تعتبر دراسة اللغات الأناضولية البامفيلية مهمة لفهم تاريخ اللغات الهندية الأوروبية وتطورها. كما أنها تساعد على فهم تاريخ وثقافة منطقة بامفيليا.
أهمية بامفيليا التاريخية
تكمن أهمية بامفيليا التاريخية في عدة جوانب:
- موقعها الاستراتيجي: كانت بامفيليا تقع على مفترق طرق تجارية هامة، مما جعلها مركزًا تجاريًا مزدهرًا.
- ثقافتها المتنوعة: تأثرت بامفيليا بثقافات مختلفة، بما في ذلك الثقافة اليونانية والرومانية والبيزنطية والتركية.
- مدنها القديمة: تضم بامفيليا العديد من المدن القديمة الهامة، مثل بيرجي وأسبندوس وسيدي، والتي تعكس تاريخ المنطقة الغني.
- لغتها الفريدة: كانت اليونانية البامفيلية لهجة يونانية فريدة من نوعها، مما يجعلها موضوعًا مهمًا للدراسات اللغوية.
بيرجي (Perge)
كانت بيرجي مدينة قديمة مهمة تقع في بامفيليا. تشتهر المدينة بمسرحها الروماني الكبير، الذي يتسع لأكثر من 15000 متفرج. كما تضم المدينة معبدًا مخصصًا للإلهة أرتميس، بالإضافة إلى العديد من المباني الرومانية الأخرى.
أسبندوس (Aspendos)
أسبندوس هي مدينة قديمة أخرى تقع في بامفيليا. تشتهر المدينة بمسرحها الروماني المحفوظ جيدًا، والذي يعتبر واحدًا من أفضل المسارح الرومانية المحفوظة في العالم. يتسع المسرح لأكثر من 12000 متفرج ولا يزال يستخدم حتى اليوم في العروض المسرحية.
سيدي (Side)
سيدي هي مدينة ساحلية قديمة تقع في بامفيليا. تشتهر المدينة بمعابدها الرومانية وحماماتها الرومانية ومسرحها الروماني. كما تضم المدينة متحفًا يعرض مجموعة من الآثار القديمة التي تم العثور عليها في المنطقة.
خاتمة
بامفيليا هي منطقة تاريخية ذات أهمية كبيرة، تتميز بموقعها الاستراتيجي وثقافتها المتنوعة ومدنها القديمة ولغتها الفريدة. إن دراسة تاريخ بامفيليا يساعدنا على فهم تاريخ منطقة الأناضول وتطورها، بالإضافة إلى تاريخ الحضارات التي تركت بصماتها في هذه المنطقة.