<![CDATA[
مقدمة
ماريو سيروني (12 مايو 1885 – 13 أغسطس 1961) كان فنانًا حداثيًا إيطاليًا نشطًا كرسام ونحات ورسام توضيحي. يعتبر سيروني شخصية رئيسية في حركة “نوفيسينتو” الإيطالية، وكان معروفًا بتصويراته القاتمة والبطولية للمناظر الطبيعية الحضرية والشخصيات.
تميزت مسيرة سيروني الفنية بالتطورات الأيديولوجية والأسلوبية الكبيرة. في بداياته، تبنى المستقبلية، وهي حركة فنية تحتفي بالتكنولوجيا والسرعة والحداثة. ومع ذلك، سرعان ما ابتعد عن المستقبلية وانضم إلى حركة “نوفيسينتو”، التي سعت إلى إحياء التقاليد الكلاسيكية في الفن الإيطالي.
كان سيروني مؤيدًا قويًا للفاشية الإيطالية في عهد بينيتو موسوليني. أنتج العديد من الأعمال الفنية التي تمجد النظام الفاشي، بما في ذلك اللوحات الجدارية والملصقات والرسوم التوضيحية. بعد الحرب العالمية الثانية، تضاءلت سمعة سيروني بسبب ارتباطه بالفاشية، لكن أعماله استمرت في جذب الانتباه والتقدير لقيمتها الفنية.
الحياة المبكرة والتعليم
ولد ماريو سيروني في ساساري، سردينيا، في عام 1885. كان والده مهندسًا، وكانت والدته من أصل سرديني. انتقلت العائلة إلى روما عندما كان سيروني لا يزال طفلاً. في روما، درس سيروني في البداية الهندسة، لكنه سرعان ما حول اهتمامه إلى الفن.
في عام 1903، التحق سيروني بمدرسة الفنون الجميلة في روما، حيث درس الرسم والنحت. كان من بين معلميه الفنان جيوليأو أريستي. خلال هذه الفترة، تعرف سيروني على أعمال الفنانين الأوروبيين الحداثيين، مثل فنسنت فان جوخ وإدفارت مونك.
في عام 1909، التقى سيروني بالفنانين المستقبليين أومبرتو بوتشيوني وجياكومو بالا وكارلو كارا. انجذب سيروني إلى حيوية وإثارة الحركة المستقبلية، وانضم إليها في عام 1914. شارك في العديد من المعارض المستقبلية، وأنتج أعمالًا فنية تعكس جمالية الحركة.
الانتقال إلى نوفيسينتو
على الرغم من مشاركته في الحركة المستقبلية، بدأ سيروني في الشعور بخيبة الأمل من تركيزها على التكنولوجيا والسرعة. كان يعتقد أن الفن الإيطالي يجب أن يعود إلى جذوره الكلاسيكية، وأن يستلهم من التقاليد الفنية العظيمة للماضي.
في عام 1922، انضم سيروني إلى حركة “نوفيسينتو”، التي أسسها الفنان ماريو توزي. سعت حركة “نوفيسينتو” إلى إحياء التقاليد الكلاسيكية في الفن الإيطالي، ورفضت الأساليب الطليعية للحركات الفنية الأخرى، مثل المستقبلية والتعبيرية. كان سيروني من بين أبرز فناني حركة “نوفيسينتو”، وأنتج العديد من الأعمال الفنية التي تعكس أسلوبها ومبادئها.
الفاشية وعلاقة سيروني بها
كان سيروني مؤيدًا قويًا للفاشية الإيطالية في عهد بينيتو موسوليني. اعتقد أن الفاشية تمثل فرصة لإحياء عظمة إيطاليا، وأنها يمكن أن تخلق مجتمعًا قويًا ومزدهرًا. أنتج سيروني العديد من الأعمال الفنية التي تمجد النظام الفاشي، بما في ذلك اللوحات الجدارية والملصقات والرسوم التوضيحية.
كانت أعمال سيروني الفنية التي تصور الفاشية تتميز بالبطولة والقوة. غالبًا ما كان يصور موسوليني كزعيم قوي وحكيم، وكان يصور الجنود والعمال الإيطاليين كأبطال يعملون من أجل بناء إيطاليا جديدة.
بعد الحرب العالمية الثانية، تضاءلت سمعة سيروني بسبب ارتباطه بالفاشية. اتُهم بأنه تعاون مع النظام الفاشي، وتم استبعاده من بعض الأوساط الفنية. ومع ذلك، استمر سيروني في الرسم والنحت، وظلت أعماله تحظى بالتقدير لقيمتها الفنية.
الأعمال الفنية الرئيسية
تشمل بعض الأعمال الفنية الرئيسية لماريو سيروني:
- “تركيب صناعي” (Composizione industriale): لوحة مستقبلية تصور مصنعًا في مدينة.
- “الزراعة” (L’Agricoltura): لوحة جدارية تصور العمال الزراعيين في الريف الإيطالي.
- “إمبراطورية” (L’Impero): لوحة جدارية تمجد الإمبراطورية الرومانية.
- “إيطاليا بين الفاشية والنصر” (Italia fra le Arti e le Scienze): لوحة جدارية تصور إيطاليا كقوة ثقافية وعلمية.
- “الأبدي” (L’Eterno): تمثال يمثل البطولة والقوة.
الأسلوب الفني
تميز أسلوب سيروني الفني بالعديد من الخصائص المميزة:
- التصويرات القاتمة والبطولية: غالبًا ما صور سيروني المناظر الطبيعية الحضرية والشخصيات بطريقة قاتمة وبطولية، مما يعكس رؤيته للعالم الحديث كمكان صعب ومليء بالتحديات.
- التبسيط والتجريد: قام سيروني بتبسيط وتجريد الأشكال في أعماله الفنية، مما أضفى عليها طابعًا قويًا ومعبرًا.
- استخدام الألوان الداكنة: استخدم سيروني الألوان الداكنة، مثل الأسود والبني والرمادي، لخلق جو من الكآبة والجدية في أعماله الفنية.
- التركيز على الشكل: ركز سيروني على الشكل والهيكل في أعماله الفنية، مما أضفى عليها طابعًا كلاسيكيًا وصلبًا.
التأثير والإرث
كان لماريو سيروني تأثير كبير على الفن الإيطالي في القرن العشرين. كان من بين أبرز فناني حركة “نوفيسينتو”، وساهم في تطوير أسلوب فني إيطالي حديث ومتميز. ألهمت أعماله العديد من الفنانين الآخرين، ولا تزال تحظى بالتقدير والاهتمام حتى اليوم.
على الرغم من ارتباطه بالفاشية، فقد تم الاعتراف بأهمية سيروني كفنان حداثي оказа أثرًا في تاريخ الفن الإيطالي. لا تزال أعماله معروضة في العديد من المتاحف والمعارض الفنية في جميع أنحاء العالم.
يُعتبر ماريو سيروني شخصية معقدة ومثيرة للجدل في تاريخ الفن الإيطالي. كان فنانًا موهوبًا ومبتكرًا، لكنه أيضًا كان مؤيدًا قويًا للفاشية. ومع ذلك، لا يمكن إنكار تأثيره وأهميته في تطوير الفن الإيطالي الحديث.
خاتمة
كان ماريو سيروني فنانًا إيطاليًا حداثيًا متعدد المواهب، عمل كرسام ونحات ورسام توضيحي. اشتهر بتصويراته القاتمة والبطولية للمناظر الطبيعية الحضرية والشخصيات، وكان شخصية رئيسية في حركة “نوفيسينتو”. على الرغم من ارتباطه بالفاشية، فقد ترك سيروني إرثًا فنيًا هامًا ولا يزال يلهم الفنانين والباحثين حتى اليوم. تُعرض أعماله في المتاحف والمعارض حول العالم، مما يؤكد مكانته كفنان بارز في القرن العشرين.