اتفاقية رايخشتات
كانت اتفاقية رايخشتات اتفاقًا سريًا تم التوصل إليه في 8 يوليو 1876 في رايخشتات (اليوم زاكيوبي، جمهورية التشيك) بين الإمبراطورية النمساوية المجرية وروسيا. ناقش الجانبان تقسيم البلقان في حالة انهيار الإمبراطورية العثمانية.
خلفية الاتفاقية: في عام 1875، اندلعت انتفاضات في البوسنة والهرسك، التي كانت تحت الحكم العثماني. دعمت روسيا هذه الانتفاضات، بينما كانت النمسا-المجر قلقة بشأن تأثيرها على مقاطعاتها السلافية الجنوبية. في الوقت نفسه، كانت كلتا القوتين تتنافسان على النفوذ في البلقان، حيث كانت الإمبراطورية العثمانية تضعف تدريجيًا.
بنود الاتفاقية: نصت الاتفاقية على أنه في حالة هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب، فإن:
- النمسا-المجر ستضم البوسنة والهرسك.
- روسيا ستضم بيسارابيا (التي كانت تحت السيطرة الرومانية) وستحصل على جزء من الأراضي العثمانية في القوقاز.
- ستحصل بلغاريا على الاستقلال الذاتي.
- ستحصل رومانيا وصربيا والجبل الأسود على الاستقلال.
الأهمية: كانت اتفاقية رايخشتات خطوة مهمة في تفكك الإمبراطورية العثمانية. كما أنها كشفت عن التنافس بين النمسا-المجر وروسيا على النفوذ في البلقان، وهو التنافس الذي سيؤدي في النهاية إلى الحرب العالمية الأولى.
تأثير الاتفاقية: لم يتم تنفيذ اتفاقية رايخشتات بالكامل. بعد الحرب الروسية التركية (1877-1878)، تم تعديل شروط السلام في مؤتمر برلين عام 1878. حصلت النمسا-المجر على حق احتلال البوسنة والهرسك، لكنها لم تضمها رسميًا حتى عام 1908. حصلت روسيا على بيسارابيا، لكنها لم تحصل على جميع الأراضي العثمانية التي وعدت بها.
زاكيوبي (Zákupy)
زاكيوبي (بالألمانية: رايخشتات) هي بلدة تقع في منطقة ليبيريتس في جمهورية التشيك. تقع على بعد حوالي 12 كيلومترًا شمال شرق تشيسكا ليبا. يبلغ عدد سكانها حوالي 2900 نسمة.
التاريخ: يعود تاريخ زاكيوبي إلى القرن الثالث عشر. كانت في الأصل مستوطنة سلافية، ولكنها أصبحت فيما بعد مدينة ألمانية. في عام 1634، أصبحت ملكية ألبرشت فون والنشتاين، الذي بنى فيها قلعة باروكية.
معالم المدينة: تشمل المعالم الرئيسية في زاكيوبي:
- قلعة زاكيوبي: قلعة باروكية كبيرة تضم حديقة واسعة.
- كنيسة القديس فابيان وسيباستيان: كنيسة باروكية تعود إلى القرن الثامن عشر.
- ساحة البلدة: ساحة تاريخية تضم عددًا من المباني القديمة.
السياحة: زاكيوبي هي وجهة سياحية شهيرة، خاصة بسبب قلعتها. تجذب المدينة أيضًا الزوار بفضل طبيعتها الجميلة المحيطة بها.
الاقتصاد: يعتمد اقتصاد زاكيوبي بشكل أساسي على السياحة والزراعة والصناعات الصغيرة.
الحياة الثقافية: تقام في زاكيوبي العديد من الفعاليات الثقافية على مدار العام، بما في ذلك المهرجانات والحفلات الموسيقية والمعارض.
تأثير اتفاقية رايخشتات على العلاقات النمساوية الروسية
على الرغم من كونها اتفاقية سرية، إلا أن اتفاقية رايخشتات كان لها تأثير كبير على العلاقات بين النمسا-المجر وروسيا. الاتفاقية أظهرت أن كلا البلدين كانا مهتمين بتقسيم الإمبراطورية العثمانية، لكنها كشفت أيضًا عن خلافاتهما حول كيفية تقسيم هذه الأراضي. على وجه الخصوص، كان لدى النمسا-المجر وروسيا مصالح متعارضة في البلقان، حيث سعت كلتاهما إلى توسيع نفوذهما. هذا التنافس في البلقان سيؤدي في النهاية إلى تدهور العلاقات بين البلدين وساهم في اندلاع الحرب العالمية الأولى.
كانت النمسا-المجر حريصة على منع روسيا من الحصول على الكثير من النفوذ في البلقان، لأنها كانت تخشى أن يشجع ذلك الحركات القومية بين سكانها السلاف الجنوبيين. من ناحية أخرى، أرادت روسيا حماية مصالحها في البلقان ودعم السكان السلافيين الأرثوذكس في المنطقة. هذه المصالح المتضاربة جعلت من الصعب على البلدين التعاون في البلقان، وأدت في النهاية إلى سلسلة من الأزمات التي أدت إلى الحرب العالمية الأولى.
على الرغم من أن اتفاقية رايخشتات لم يتم تنفيذها بالكامل، إلا أنها كانت بمثابة علامة على التغيرات العميقة التي كانت تحدث في أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر. كانت الإمبراطورية العثمانية تضعف، وكانت القوى الأوروبية الكبرى تتنافس على النفوذ في أراضيها السابقة. هذا التنافس سيؤدي في النهاية إلى صراع كبير سيغير وجه أوروبا إلى الأبد.
زاكيوبي: من رايخشتات الألمانية إلى بلدة تشيكية
إن تاريخ زاكيوبي، أو رايخشتات كما كانت تُعرف سابقًا باللغة الألمانية، يعكس التغيرات السياسية والثقافية التي شهدتها أوروبا الوسطى على مر القرون. من كونها بلدة ذات أغلبية سكانية ألمانية، أصبحت زاكيوبي جزءًا من جمهورية التشيك، وهي شهادة على التحولات في الحدود والهويات التي شكلت المنطقة.
خلال فترة وجودها كـ “رايخشتات”، لعبت البلدة دورًا مهمًا في المنطقة، خاصةً مع وجود القلعة التي كانت بمثابة مقر إقامة نبيل. ومع ذلك، بعد الحرب العالمية الثانية، تم طرد السكان الألمان من زاكيوبي كجزء من عمليات الترحيل واسعة النطاق التي أعقبت الحرب. تم استبدالهم بالسكان التشيك، مما أدى إلى تغيير ديموغرافي وثقافي كبير في البلدة.
اليوم، تحتفظ زاكيوبي ببعض من سحرها التاريخي، حيث لا تزال القلعة الباروكية المهيبة تذكرنا بماضيها الغني. ومع ذلك، فإن البلدة هي الآن بشكل قاطع جزء من جمهورية التشيك، وتعكس ثقافتها ولغتها وتاريخها.
خاتمة
في الختام، تشير “رايخشتات” إلى معنيين رئيسيين: اتفاقية رايخشتات التاريخية التي قسمت النفوذ في البلقان بين النمسا-المجر وروسيا، والاسم الألماني لمدينة زاكيوبي التشيكية. كلا المعنيين يعكسان تاريخًا معقدًا من الصراعات السياسية والثقافية في أوروبا الوسطى والشرقية.