تاريخ قصر إفروسي
تعود جذور عائلة إفروسي إلى مدينة بيرديتشيف في أوكرانيا، حيث بدأت نشاطها في تجارة الحبوب. مع مرور الوقت، توسعت أعمال العائلة لتشمل الخدمات المصرفية والتمويل، وأصبحوا من بين أغنى العائلات اليهودية في أوروبا. قررت العائلة بناء قصر فخم في فيينا ليكون بمثابة رمز لمكانتهم الاجتماعية والاقتصادية.
تم تكليف المهندس المعماري الدنماركي-النمساوي البارون ثيوفيل فون هانسن بتصميم القصر. كان هانسن معروفًا بتصاميمه الكلاسيكية الجديدة الأنيقة، وقد صمم العديد من المباني الهامة في فيينا، بما في ذلك مبنى البرلمان النمساوي. بدأ بناء القصر في عام 1872 واكتمل في عام 1873. كان القصر بمثابة منزل للعائلة حتى عام 1938، عندما استولى النازيون على القصر خلال فترة ضم النمسا إلى ألمانيا النازية (آنشلوس).
بعد الحرب العالمية الثانية، استعادت العائلة جزءًا من ممتلكاتها، ولكن القصر لم يعد أبدًا كما كان. بيع القصر في وقت لاحق، ويستخدم حاليًا كمساحات مكتبية وتجارية. على الرغم من ذلك، لا يزال القصر يحتفظ بالكثير من سحره وأناقته الأصلية، وهو بمثابة تذكير بتاريخ العائلة الثري والمأساوي.
التصميم المعماري لقصر إفروسي
يتميز قصر إفروسي بتصميمه الكلاسيكي الجديد الأنيق، والذي يعكس ذوق البارون ثيوفيل فون هانسن. يتميز القصر بواجهة مهيبة مع أعمدة كورنثية وزخارف منحوتة بدقة. تم تصميم القصر حول فناء داخلي مركزي، مما يوفر إضاءة طبيعية وتهوية جيدة.
تم تزيين الجزء الداخلي من القصر ببذخ باستخدام مواد فاخرة مثل الرخام والذهب والحرير. تم تزيين الجدران برسومات جدارية ولوحات فنية، وتم تجهيز الغرف بأثاث عتيق وثريات كريستالية. كان القصر بمثابة مكان للاحتفالات والحفلات الفاخرة، حيث استقبلت عائلة إفروسي كبار الشخصيات من جميع أنحاء أوروبا.
من أبرز معالم القصر:
- الواجهة الرئيسية: تتميز بأعمدة كورنثية ضخمة وزخارف منحوتة بدقة، مما يعكس الطابع الكلاسيكي الجديد للقصر.
- الفناء الداخلي: يوفر إضاءة طبيعية وتهوية جيدة، وهو مزين بنوافير ومنحوتات.
- القاعة الكبرى: كانت تستخدم للاحتفالات والحفلات، وتتميز بسقف مرتفع وثريات كريستالية ولوحات فنية.
- غرف المعيشة: تم تزيينها بأثاث عتيق وسجاد فاخر وأعمال فنية قيمة.
عائلة إفروسي
كانت عائلة إفروسي من بين أغنى وأكثر العائلات نفوذاً في أوروبا خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. بدأت العائلة نشاطها في تجارة الحبوب، ثم توسعت لتشمل الخدمات المصرفية والتمويل. امتلكت العائلة فروعًا في جميع أنحاء أوروبا، ولعبت دورًا هامًا في تمويل المشاريع الصناعية والتجارية الكبرى.
كانت عائلة إفروسي أيضًا من كبار جامعي التحف الفنية والأعمال الفنية. جمعت العائلة مجموعة واسعة من اللوحات والمنحوتات والأثاث العتيق والمجوهرات. تم عرض العديد من هذه التحف في قصر إفروسي، مما جعله مركزًا ثقافيًا هامًا في فيينا.
خلال فترة الحكم النازي، عانت عائلة إفروسي من اضطهاد شديد. تم الاستيلاء على ممتلكات العائلة، بما في ذلك قصر إفروسي، وتم ترحيل العديد من أفراد العائلة إلى معسكرات الاعتقال. بعد الحرب العالمية الثانية، تمكنت بعض أفراد العائلة من استعادة جزء من ممتلكاتهم، ولكن العائلة لم تستعد أبدًا مكانتها السابقة.
ألهمت قصة عائلة إفروسي العديد من الكتب والأفلام الوثائقية. من أبرز هذه الأعمال كتاب “الزنابق الثلاثة” للمؤلفة إدموند دي وال، وهو حفيد أحد أفراد عائلة إفروسي. يروي الكتاب قصة العائلة من خلال تتبع مصير مجموعة من التماثيل الصغيرة المصنوعة من الخزف الياباني، والتي كانت مملوكة لعائلة إفروسي.
قصر إفروسي اليوم
اليوم، لم يعد قصر إفروسي مملوكًا لعائلة إفروسي. تم بيع القصر في وقت لاحق، ويستخدم حاليًا كمساحات مكتبية وتجارية. على الرغم من ذلك، لا يزال القصر يحتفظ بالكثير من سحره وأناقته الأصلية. يمكن للزوار الاستمتاع بمشاهدة الواجهة المهيبة للقصر والفناء الداخلي، ويمكنهم أيضًا زيارة بعض المتاجر والمكاتب التي تقع داخل القصر.
يعتبر قصر إفروسي بمثابة تذكير بتاريخ العائلة الثري والمأساوي. إنه أيضًا مثال رائع على العمارة الكلاسيكية الجديدة الأنيقة، ويعكس ذوق المجتمع الفييني الرفيع خلال أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
خاتمة
قصر إفروسي هو معلم تاريخي وثقافي هام في فيينا. يمثل القصر قصة عائلة إفروسي، وهي عائلة يهودية ثرية لعبت دورًا هامًا في تاريخ أوروبا. يتميز القصر بتصميمه المعماري الأنيق وزخارفه الفاخرة، ويعتبر بمثابة تذكير بتاريخ فيينا الغني والمتنوع.