الأوامر الثلاثة الرئيسية في تصنيف عام 1938
قسم نظام تصنيف التربة لعام 1938 التربة إلى ثلاثة أوامر رئيسية:
- التربة المنطقةية (Zonal Soils): تشكلت هذه التربة تحت تأثير المناخ والنبات السائدين في منطقة معينة.
- التربة الداخلية المنطقةية (Intrazonal Soils): تأثرت هذه التربة بشكل كبير بعوامل محلية، مثل الصخور الأم أو التضاريس، بدلاً من المناخ العام.
- التربة غير المنطقةية (Azonal Soils): تمثل هذه التربة حديثة التكوين أو غير متطورة جيدًا، وغالبًا ما تفتقر إلى خصائص واضحة.
التربة المنطقةية (Zonal Soils)
التربة المنطقةية هي التربة التي تعكس بشكل كبير تأثير المناخ والنبات الطبيعي للمنطقة التي تتواجد فيها. بمعنى آخر، تتشكل هذه التربة نتيجة للتفاعل الطويل الأمد بين المناخ السائد (مثل درجة الحرارة وهطول الأمطار) والغطاء النباتي الطبيعي (مثل الغابات أو المراعي) والصخور الأم الموجودة. لذلك، يمكن اعتبارها “نموذجية” للمنطقة التي توجد فيها. هذه التربة تظهر بوضوح تأثير عوامل تكوين التربة الإقليمية.
أمثلة على التربة المنطقةية:
- تربة بودزول (Podzol): توجد في المناطق الباردة والرطبة تحت الغابات الصنوبرية. تتميز بتربة سطحية حمضية للغاية وطبقة تحت سطحية شاحبة اللون بسبب غسل المعادن.
- تربة لاتوسول (Latosol): توجد في المناطق الاستوائية الرطبة. تتميز بتربة حمراء أو صفراء عميقة التجوية غنية بأكاسيد الحديد والألومنيوم.
- تربة تشيرنوزم (Chernozem): توجد في مناطق السهوب المعتدلة. تتميز بتربة سطحية سوداء داكنة غنية بالمواد العضوية.
التربة الداخلية المنطقةية (Intrazonal Soils)
التربة الداخلية المنطقةية هي التربة التي يتأثر تطورها بشكل كبير بعوامل محلية أو خاصة، وليست بالعوامل المناخية الإقليمية السائدة. بمعنى آخر، تلعب عوامل مثل نوع الصخر الأم، أو التضاريس (شكل الأرض)، أو الظروف الرطبة غير العادية، أو وجود طبقة كتيمة (غير منفذة للماء) دورًا حاسمًا في تحديد خصائص هذه التربة، بغض النظر عن المناخ العام للمنطقة. هذه التربة تعكس تأثير العوامل المحلية بشكل أكبر من تأثير المناخ الإقليمي.
أمثلة على التربة الداخلية المنطقةية:
- تربة هالومورفيك (Halomorphic Soils): توجد في المناطق القاحلة وشبه القاحلة حيث يتبخر الماء بسرعة، مما يؤدي إلى تراكم الأملاح في التربة. تشمل هذه التربة التربة الملحية (Saline soils) والتربة القلوية (Alkaline soils).
- تربة هيدرومورفيك (Hydromorphic Soils): توجد في المناطق الرطبة أو المشبعة بالمياه بشكل دائم، مثل المستنقعات والأراضي الرطبة. تتميز هذه التربة بنقص الأكسجين وتراكم المواد العضوية غير المتحللة.
- تربة كالسيمورفيك (Calcimorphic Soils): تتشكل على الصخور الغنية بالكالسيوم، مثل الحجر الجيري. تتميز هذه التربة بمحتوى عالٍ من كربونات الكالسيوم.
شرح تفصيلي لأمثلة التربة الداخلية المنطقةية:
- التربة الهالومورفية (Halomorphic Soils):
تتكون هذه التربة في المناطق التي يكون فيها التبخر أعلى من هطول الأمطار، مما يؤدي إلى تراكم الأملاح الذائبة في التربة. يمكن أن تتشكل هذه الأملاح من خلال التجوية الكيميائية للصخور والمعادن، أو من خلال المياه الجوفية المالحة التي ترتفع إلى السطح. غالبًا ما تكون التربة الهالومورفية غير منتجة للزراعة بسبب ارتفاع نسبة الأملاح، مما يمنع امتصاص الماء من قبل النباتات. يمكن تصنيف التربة الهالومورفية إلى نوعين رئيسيين:
- التربة الملحية (Saline Soils): تحتوي على تركيزات عالية من الأملاح الذائبة، مثل كلوريد الصوديوم وكبريتات الصوديوم. غالبًا ما تظهر قشرة بيضاء من الملح على سطح التربة.
- التربة القلوية (Alkaline Soils): تحتوي على تركيزات عالية من كربونات الصوديوم وبيكربونات الصوديوم. غالبًا ما تكون هذه التربة ذات درجة حموضة عالية (أكثر من 8.5) ولها تأثير سلبي على بنية التربة.
- التربة الهيدرومورفية (Hydromorphic Soils):
تتكون هذه التربة في المناطق التي تكون فيها التربة مشبعة بالمياه لفترات طويلة من الزمن. يمكن أن يكون سبب التشبع بالمياه ارتفاع منسوب المياه الجوفية، أو ضعف الصرف، أو هطول الأمطار الغزيرة. يؤدي التشبع بالمياه إلى نقص الأكسجين في التربة، مما يبطئ تحلل المواد العضوية ويؤدي إلى تراكمها. غالبًا ما تكون التربة الهيدرومورفية ذات لون داكن بسبب وجود المواد العضوية، وقد تحتوي على رائحة كريهة بسبب تحلل المواد العضوية في غياب الأكسجين.
- التربة الكالسيمورفية (Calcimorphic Soils):
تتكون هذه التربة على الصخور الغنية بالكالسيوم، مثل الحجر الجيري والدولوميت. تتميز هذه التربة بمحتوى عالٍ من كربونات الكالسيوم، مما يؤثر على خصائصها الفيزيائية والكيميائية. غالبًا ما تكون التربة الكالسيمورفية قلوية ولها قدرة ضعيفة على الاحتفاظ بالمياه. ومع ذلك، يمكن أن تكون منتجة للزراعة إذا تم إدارة خصوبتها بشكل صحيح.
التربة غير المنطقةية (Azonal Soils)
التربة غير المنطقةية هي التربة التي تفتقر إلى طبقات التربة المتطورة جيدًا، أو التي تكون في المراحل الأولى من التكوين. بمعنى آخر، هي التربة التي لم تخضع لفترة طويلة بما يكفي من التجوية والتطور لتظهر فيها خصائص واضحة. غالبًا ما توجد هذه التربة في المناطق التي تكون فيها التضاريس غير مستقرة (مثل المنحدرات الشديدة)، أو حيث تحدث اضطرابات متكررة (مثل الفيضانات أو الانهيارات الأرضية)، أو حيث تكون الصخور الأم مقاومة للتجوية. هذه التربة تعكس تأثير عوامل التعرية والنقل بشكل أكبر من عوامل التكوين.
أمثلة على التربة غير المنطقةية:
- تربة ريجوسول (Regosol): تتكون على الرواسب غير المتماسكة، مثل الرمال أو الطمي، وتفتقر إلى طبقات التربة المتميزة.
- تربة ليتوسول (Lithosol): تتكون على الصخور الصلبة، مثل الجرانيت أو البازلت، وتكون ضحلة جدًا وقليلة المحتوى العضوي.
- تربة أللuviال (Alluvial soil): تتكون من الرواسب الفيضية النهرية الحديثة، وتتميز بتركيبتها المتغيرة وعدم وجود طبقات واضحة.
أهمية تصنيف التربة لعام 1938
على الرغم من أن تصنيف التربة لوزارة الزراعة الأمريكية لعام 1938 قد تجاوزه الزمن، إلا أنه لعب دورًا مهمًا في تطوير علم تصنيف التربة. قدم هذا التصنيف إطارًا لفهم العلاقات بين التربة والمناخ والنبات والتضاريس، وساعد في تحديد المناطق التي تتطلب ممارسات إدارة التربة المختلفة. كما وضع الأساس لتطوير أنظمة تصنيف التربة الأكثر تفصيلاً وتعقيدًا التي نستخدمها اليوم.
عيوب التصنيف:
- تبسيط مفرط: يعتمد التصنيف على عدد قليل نسبيًا من العوامل، مما يؤدي إلى تبسيط مفرط للتعقيد الحقيقي للتربة.
- عدم الدقة: لا يوفر التصنيف تفاصيل كافية لتمييز أنواع التربة المختلفة بدقة.
- التأكيد على العوامل الإقليمية: يركز التصنيف بشكل كبير على العوامل الإقليمية، مثل المناخ، ويتجاهل العوامل المحلية المهمة، مثل الصخور الأم والتضاريس.
التطورات اللاحقة في تصنيف التربة
بعد عام 1938، تم تطوير العديد من أنظمة تصنيف التربة الأكثر تفصيلاً ودقة. أحد أهم هذه الأنظمة هو نظام تصنيف التربة التابع لوزارة الزراعة الأمريكية (USDA Soil Taxonomy)، والذي تم تقديمه في عام 1975 وتم تحديثه عدة مرات منذ ذلك الحين. يعتمد هذا النظام على مجموعة واسعة من الخصائص الفيزيائية والكيميائية للتربة، ويستخدم نظامًا هرميًا لتصنيف التربة إلى ستة مستويات مختلفة: الأوامر، والرتب الفرعية، والمجموعات الكبيرة، والمجموعات الفرعية، والعائلات، والسلاسل.
خاتمة
كان تصنيف التربة لوزارة الزراعة الأمريكية لعام 1938 نظامًا مبكرًا ولكنه مهم لتصنيف التربة. على الرغم من أنه تم استبداله بأنظمة أكثر تفصيلاً، إلا أنه ساهم في فهمنا للتربة والعوامل التي تؤثر على تكوينها. من خلال تقسيم التربة إلى مناطقية وداخلية المنطقةية وغير المنطقةية، سلط الضوء على تأثير المناخ والعوامل المحلية ومراحل تطور التربة على خصائصها. إن فهم هذه المفاهيم الأساسية أمر ضروري لإدارة التربة بشكل مستدام وحماية مواردنا الطبيعية.