نشأته وحياته المبكرة
ولد روبرت دي إيغليسفيلد في قرية إيغليسفيلد في كمبرلاند (مقاطعة كامبريا حاليًا) في شمال إنجلترا. على الرغم من أن تفاصيل حياته المبكرة قليلة، إلا أنه من الواضح أنه تلقى تعليمًا جيدًا وأظهر ميلًا للدراسة واللاهوت. من المحتمل أنه التحق بجامعة أكسفورد في شبابه، حيث اكتسب المعرفة والمهارات التي أهلته لاحقًا للعب دور قيادي في الكنيسة والمجتمع.
بعد الانتهاء من دراسته، انخرط إيغليسفيلد في الخدمة الكنسية، حيث ترقى بسرعة في المناصب. شغل منصب قسيس الملكة فيليبا، وهي وظيفة مرموقة سمحت له بالوصول إلى الدوائر الملكية والتأثير في القرارات الهامة. كانت الملكة فيليبا امرأة متعلمة ومحبة للفنون، وقد دعمت إيغليسفيلد في جهوده لتأسيس كلية جديدة في أكسفورد.
تأسيس كلية الملكة
كان تأسيس كلية الملكة تتويجًا لرؤية إيغليسفيلد الطموحة لإنشاء مؤسسة تعليمية تخدم شمال إنجلترا وتعزز المعرفة واللاهوت. حصل على موافقة الملك إدوارد الثالث والملكة فيليبا على تأسيس الكلية، وتم منحه ميثاقًا ملكيًا في عام 1341. تم تصميم الكلية لتكون مخصصة لتعليم الشباب من شمال إنجلترا، وتزويدهم بالمهارات والمعرفة اللازمة للنجاح في الكنيسة والدولة.
كانت رؤية إيغليسفيلد للكلية فريدة من نوعها في ذلك الوقت. لم تكن الكلية مخصصة فقط لتعليم اللاهوت، بل شجعت أيضًا دراسة الفنون والعلوم. كان يعتقد أن التعليم الشامل هو المفتاح لإعداد الطلاب ليصبحوا قادة فعالين في المجتمع. كما أكد على أهمية خدمة المجتمع، وشجع الطلاب على استخدام معارفهم ومهاراتهم لتحسين حياة الآخرين.
تضمنت الرؤية الأصلية لإيغليسفيلد للكلية اثني عشر زميلًا يمثلون مقاطعات شمال إنجلترا وسبعين طالبًا فقيرًا يعملون في الكلية. كان من المفترض أن يكون الزملاء مسؤولين عن تدريس الطلاب والإشراف عليهم، بينما كان من المفترض أن يقوم الطلاب بأداء المهام المنزلية والمساعدة في إدارة الكلية.
دور الملكة فيليبا
لا يمكن التقليل من دور الملكة فيليبا في تأسيس كلية الملكة. لم تكن فقط الراعية الرئيسية للكلية، بل كانت أيضًا مصدر إلهام لإيغليسفيلد. كانت الملكة فيليبا امرأة تتمتع بشخصية قوية ومثقفة، وكانت مهتمة بتعزيز التعليم والثقافة. كانت تدعم إيغليسفيلد في جهوده لتأسيس الكلية، وقدمت له الدعم المالي والمعنوي.
كانت الملكة فيليبا أيضًا مسؤولة عن تسمية الكلية. اختارت اسم “كلية الملكة” تكريما لجميع الملكات الإنجليزيات، وكذلك تكريما لدورها في تأسيس الكلية. كان هذا الاسم بمثابة تذكير دائم بأهمية التعليم ودور المرأة في المجتمع.
هيكل الكلية وتنظيمها
تم تنظيم كلية الملكة على أساس نظام الزمالة، حيث كان الزملاء مسؤولين عن تدريس الطلاب والإشراف عليهم. كان رئيس الكلية، الذي يُعرف باسم “البروفوست”، هو المسؤول عن الإدارة العامة للكلية. كان الزملاء والبروفوست ينتخبون من قبل هيئة التدريس، وكانوا مسؤولين أمام مجلس الكلية.
كانت المناهج الدراسية في كلية الملكة شاملة، وتضمنت دراسة اللاهوت والفنون والعلوم. كان الطلاب مطالبين بحضور المحاضرات والمشاركة في المناقشات وإكمال المهام الكتابية. كما تم تشجيعهم على المشاركة في الأنشطة اللامنهجية، مثل الرياضة والمسرح والموسيقى.
كانت كلية الملكة ملتزمة بتوفير التعليم للطلاب من جميع الخلفيات. قدمت الكلية منحًا دراسية ومساعدات مالية للطلاب المحتاجين، وسعت جاهدة لضمان حصول الجميع على فرصة للنجاح.
تأثير إيغليسفيلد وإرثه
كان لروبرت دي إيغليسفيلد تأثير عميق على التعليم في إنجلترا. كانت كلية الملكة التي أسسها بمثابة نموذج للكليات الأخرى في أكسفورد وكامبريدج. أكد إيغليسفيلد على أهمية التعليم الشامل وخدمة المجتمع، وقد ألهمت رؤيته أجيالًا من الطلاب والعلماء.
تستمر كلية الملكة في الازدهار حتى اليوم، وهي واحدة من أعرق الكليات في جامعة أكسفورد. تخرج من الكلية العديد من الشخصيات البارزة في مجالات السياسة والأعمال والأوساط الأكاديمية والفنون. تظل الكلية ملتزمة بمهمتها المتمثلة في توفير التعليم للطلاب من جميع الخلفيات وإعدادهم ليصبحوا قادة فعالين في المجتمع.
توفي روبرت دي إيغليسفيلد في عام 1349، لكن إرثه لا يزال حياً. يعتبره الكثيرون من أبرز الشخصيات في تاريخ التعليم الإنجليزي، وقد ساهمت رؤيته في تشكيل مستقبل التعليم العالي في إنجلترا.
كلية الملكة اليوم
اليوم، كلية الملكة هي واحدة من الكليات المرموقة في جامعة أكسفورد، وتستمر في جذب الطلاب والعلماء الموهوبين من جميع أنحاء العالم. تقدم الكلية مجموعة واسعة من الدورات الدراسية في العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية والعلوم الطبيعية. كما أنها مركز للبحث والابتكار، حيث يقوم الباحثون بإجراء دراسات متطورة في مجموعة متنوعة من المجالات.
تحتفظ الكلية بتقاليدها العريقة، لكنها أيضًا تتبنى التغيير والابتكار. تسعى الكلية باستمرار إلى تحسين مناهجها الدراسية وطرق التدريس، وتسعى جاهدة لتوفير أفضل تعليم ممكن لطلابها. كما أنها ملتزمة بخدمة المجتمع، وتشجع الطلاب على استخدام معارفهم ومهاراتهم لتحسين حياة الآخرين.
تشمل الأنشطة الطلابية في الكلية:
- الجمعيات الطلابية المتنوعة التي تغطي مجموعة واسعة من الاهتمامات.
- الفرق الرياضية التي تتنافس في مختلف الألعاب والرياضات.
- الفعاليات الاجتماعية والثقافية التي تقام على مدار العام.
خاتمة
كان روبرت دي إيغليسفيلد مؤسسًا صاحب رؤية لكلية الملكة في أكسفورد. كان يؤمن بقوة التعليم في تغيير حياة الأفراد والمجتمعات. تأسست كلية الملكة عام 1341، ولا تزال مؤسسة أكاديمية مرموقة حتى اليوم، وتشهد على إرث إيغليسفيلد الدائم. لقد ساهم في تشكيل التعليم العالي في إنجلترا، وستظل رؤيته تلهم أجيالًا من الطلاب والعلماء.