حياتها المبكرة وتعليمها
ولدت ماريا ريسا في مانيلا، الفلبين، في 2 أكتوبر 1963. عندما كانت في العاشرة من عمرها، انتقلت والدتها إلى الولايات المتحدة، وتبعتها ماريا وشقيقتها بعد عام واحد. تبنت والدة ريسا لاحقًا زوجها الجديد، وأخذت ماريا اسم عائلته.
درست ريسا علم الأحياء الجزيئي والمسرح في جامعة برينستون، وتخرجت بامتياز مع مرتبة الشرف في عام 1986. حصلت أيضًا على شهادة في السياسة العامة من كلية وودرو ويلسون للشؤون العامة والدولية.
مسيرتها المهنية
بدأت ريسا مسيرتها المهنية في مجال الصحافة في الفلبين، حيث عملت في عدد من المنافذ الإخبارية المحلية. في عام 1987، انضمت إلى شبكة سي إن إن، حيث عملت كمراسلة استقصائية رئيسية في جنوب شرق آسيا لمدة عقدين. غطت مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك الإرهاب، والفساد، والانتخابات.
في عام 2012، شاركت ريسا في تأسيس موقع رابلر، وهو موقع إخباري رقمي فلبيني يركز على الصحافة الاستقصائية. سرعان ما أصبح رابلر واحدًا من أكثر المواقع الإخبارية شعبية في الفلبين، واشتهر بتغطيته النقدية للحكومة الفلبينية.
بصفتها رئيسة التحرير التنفيذية لموقع رابلر، واجهت ريسا العديد من التحديات القانونية والسياسية. اتُهمت الحكومة الفلبينية رابلر بنشر أخبار كاذبة والتهرب الضريبي، لكن ريسا نفت هذه الاتهامات بشدة، ووصفتها بأنها محاولة لإسكات وسائل الإعلام المستقلة.
الجوائز والتكريمات
حصلت ريسا على العديد من الجوائز والتكريمات لعملها الصحفي، بما في ذلك:
- جائزة نوبل للسلام (2021)
- جائزة اليونسكو/غييرمو كانو العالمية لحرية الصحافة (2021)
- جائزة جون أوستين الصحفية (2018)
- جائزة فورث إستيت (2018)
- واحدة من “شخصيات العام” لمجلة تايم (2018)
تُعرف ريسا بدفاعها القوي عن حرية الصحافة، وقد تحدثت علنًا عن أهمية وسائل الإعلام المستقلة في الديمقراطية.
رابلر والتحديات القانونية
واجه موقع رابلر سلسلة من التحديات القانونية في الفلبين، والتي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها ذات دوافع سياسية. من بين القضايا البارزة:
- قضية التشهير الإلكتروني: في عام 2020، أدينت ريسا والصحفي السابق في رابلر، رينالدو سانتوس جونيور، بالتشهير الإلكتروني بموجب قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية. استندت القضية إلى مقال نُشر في عام 2012 حول علاقة رجل الأعمال ويلفريدو كينغ مع رئيس المحكمة العليا آنذاك، ريناتو كورونا.
- التهرب الضريبي: اتُهم رابلر أيضًا بالتهرب الضريبي، وهي اتهامات نفاها الموقع بشدة.
- إلغاء الترخيص: في عام 2018، ألغت لجنة الأوراق المالية والبورصات الفلبينية ترخيص رابلر، بحجة أن الموقع انتهك قيود الملكية الأجنبية. ومع ذلك، استمر رابلر في العمل، وقدم طعونًا قانونية ضد القرار.
ترى ريسا وأنصارها أن هذه القضايا تمثل هجومًا على حرية الصحافة، وتهدف إلى إسكات رابلر وتخويف وسائل الإعلام الأخرى في الفلبين.
جائزة نوبل للسلام
في 8 أكتوبر 2021، مُنحت ماريا ريسا جائزة نوبل للسلام بالمشاركة مع دميتري موراتوف، رئيس تحرير صحيفة “نوفايا غازيتا” الروسية. مُنحت الجائزة لريسا وموراتوف “لجهودهما لحماية حرية التعبير، وهي شرط أساسي للديمقراطية والسلام الدائمين”.
أشادت لجنة نوبل بريسا لـ “استخدامها حرية التعبير لفضح إساءة استخدام السلطة والعنف المتزايد والنزعة الاستبدادية في بلدها، الفلبين”. وأشادت أيضًا برابلر لـ “توثيقه الحملة الدموية التي تشنها حكومة الرئيس رودريغو دوتيرتي ضد المخدرات”.
موقفها من وسائل التواصل الاجتماعي
تنتقد ماريا ريسا بشدة دور وسائل التواصل الاجتماعي في نشر المعلومات المضللة وتقويض الديمقراطية. في كتابها “كيف تكافح من أجل الحقيقة عندما يكذب العالم”، تجادل بأن شركات وسائل التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وتويتر، قد فشلت في معالجة انتشار الأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية على منصاتها. تدعو ريسا إلى تنظيم أكثر صرامة لوسائل التواصل الاجتماعي، وتؤكد على ضرورة أن تتحمل هذه الشركات مسؤولية المحتوى الذي يتم نشره على منصاتها.
آراء حول القيادة السياسية في الفلبين
تُعرف ماريا ريسا بانتقادها الصريح للرئيس الفلبيني السابق، رودريغو دوتيرتي، وسياساته، خاصةً حربه على المخدرات. اتهمت ريسا حكومة دوتيرتي بمحاولة إسكات وسائل الإعلام المستقلة وقمع المعارضة. كما أعربت عن قلقها بشأن تدهور حقوق الإنسان وسيادة القانون في الفلبين في عهد دوتيرتي.
كتاب “كيف تكافح من أجل الحقيقة عندما يكذب العالم”
في عام 2018، نشرت ماريا ريسا كتابًا بعنوان “كيف تكافح من أجل الحقيقة عندما يكذب العالم”. يستكشف الكتاب دور وسائل التواصل الاجتماعي في انتشار المعلومات المضللة وتقويض الديمقراطية. تدعو ريسا إلى اتخاذ إجراءات لحماية حرية الصحافة ومكافحة الأخبار الكاذبة.
الاستمرار في العمل الصحفي
على الرغم من التحديات القانونية والتهديدات التي واجهتها، تواصل ماريا ريسا العمل كصحفية ورئيسة تحرير تنفيذية لموقع رابلر. تظل ملتزمة بالدفاع عن حرية الصحافة وكشف الحقيقة، وتعتبر نفسها جزءًا من جيل جديد من الصحفيين الذين يستخدمون التكنولوجيا لمكافحة المعلومات المضللة وتعزيز الديمقراطية.
خاتمة
ماريا ريسا هي صحفية فلبينية أمريكية بارزة، اشتهرت بتغطيتها الاستقصائية وانتقادها للحكومة الفلبينية. شاركت في تأسيس موقع رابلر، وهو موقع إخباري رقمي فلبيني، وتشغل منصب الرئيس التنفيذي ورئيسة التحرير فيه. حصلت على جائزة نوبل للسلام في عام 2021 لجهودها في حماية حرية التعبير. على الرغم من التحديات القانونية والتهديدات التي واجهتها، تواصل ريسا العمل كصحفية وتدافع عن حرية الصحافة.