<![CDATA[
حياتها المبكرة وتعليمها
ولدت جوديث نيس في ريغا، لاتفيا، في عام 1928 لعائلة يهودية ألمانية. بسبب تصاعد التهديد النازي، فرت عائلتها من لاتفيا في عام 1939 واستقرت في السويد. قضت شْكلار سنوات المراهقة في السويد وتعلمت اللغة السويدية بطلاقة. في عام 1941، هاجرت عائلتها إلى كندا واستقرت في مونتريال.
التحقت شْكلار بجامعة ماكغيل في مونتريال وحصلت على درجة البكالوريوس في عام 1949. ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة لمواصلة دراستها العليا في جامعة هارفارد. حصلت على درجة الدكتوراه في الفلسفة السياسية من جامعة هارفارد في عام 1955. كان من بين معلميها كارل فريدريك، وهوارد مومفورد جونز، وبنجامين رايت. أصبحت فيما بعد أول امرأة تحصل على التثبيت الأكاديمي الكامل في قسم العلوم السياسية بجامعة هارفارد.
مسيرتها الأكاديمية
بدأت شْكلار مسيرتها الأكاديمية في جامعة هارفارد كمحاضرة في عام 1956. تمت ترقيتها إلى أستاذ مساعد في عام 1961، وأستاذ مشارك في عام 1965، وأستاذ كامل في عام 1969. شغلت منصب أستاذة جون كاولز للعلوم الحكومية من عام 1980 حتى وفاتها في عام 1992.
خلال مسيرتها المهنية في هارفارد، أشرفت شْكلار على العديد من الطلاب الذين أصبحوا فيما بعد باحثين بارزين في الفلسفة السياسية، بمن فيهم ستيفن لوكس، وأمي جوتمن، ودينيس طومبسون. كانت معروفة بتدريسها الصارم والمحفز، وكانت تلهم طلابها للتفكير بشكل نقدي في القضايا السياسية.
أعمالها الفكرية
تتميز أعمال شْكلار بالعمق الفكري والوضوح الأسلوبي والالتزام بالقيم الليبرالية. كتبت عن مجموعة واسعة من الموضوعات، بما في ذلك الليبرالية والعدالة والظلم والخوف والتسامح. تشمل أعمالها الرئيسية:
- “الليبرالية والقانون” (Legalism) (1964): في هذا الكتاب، تنتقد شْكلار النزعة القانونية، وهي الاعتقاد بأن القانون هو الحل لجميع المشاكل الاجتماعية والسياسية. تجادل بأن النزعة القانونية يمكن أن تؤدي إلى الظلم والقمع، وأن الليبرالية تتطلب أكثر من مجرد الالتزام بالقانون.
- “رجال أردياء: دراسة في الخيال السياسي” (Men and Citizens: A Study of Rousseau’s Social Theory) (1969): في هذا الكتاب، تقدم شْكلار تفسيرًا جديدًا لفكر جان جاك روسو. تجادل بأن روسو كان ناقدًا عميقًا للمجتمع الحديث، وأن نظريته السياسية تهدف إلى خلق مجتمع أكثر عدلاً وإنسانية.
- “أوجه الظلم” (Faces of Injustice) (1990): يعتبر هذا الكتاب تتويجًا لأعمال شْكلار. تستكشف فيه مختلف أشكال الظلم، بما في ذلك الظلم السياسي والاقتصادي والاجتماعي. تجادل بأن الظلم هو أسوأ الشرور السياسية، وأن مكافحة الظلم يجب أن تكون الهدف الرئيسي للسياسة الليبرالية.
- “الخوف والليبرالية” (Ordinary Vices) (1984): في هذا الكتاب، تجادل شْكلار بأن الخوف هو الشعور السياسي الأساسي. تجادل بأن الخوف من القسوة يجب أن يكون المحرك الرئيسي للسياسة الليبرالية، وأن الليبرالية يجب أن تهدف إلى حماية الأفراد من القسوة والظلم.
- “عن الشرور العادية” (Ordinary Vices) (1984): تستكشف شْكلار في هذا الكتاب مجموعة من “الرذائل العادية” التي غالبًا ما يتم تجاهلها في الفلسفة الأخلاقية، مثل النفاق والقسوة والخيانة. تجادل بأن هذه الرذائل يمكن أن تكون مدمرة مثل الرذائل الأكثر دراماتيكية، وأن الليبرالية يجب أن تهدف إلى الحد من هذه الرذائل.
أفكارها الرئيسية
تركزت أفكار شْكلار الرئيسية حول عدة محاور أساسية:
- أولوية الظلم على العدالة: ترى شْكلار أن تجنب الظلم يجب أن يكون الهدف الأساسي للسياسة، وليس تحقيق العدالة المثالية. فالظلم ملموس ومحسوس، بينما العدالة غالبًا ما تكون مجردة ومثالية يصعب تحقيقها.
- الليبرالية والخوف: تؤكد شْكلار على أن الخوف من القسوة يجب أن يكون المحرك الرئيسي للسياسة الليبرالية. فالليبرالية ليست مجرد مجموعة من الحقوق والحريات، بل هي نظام يهدف إلى حماية الأفراد من القسوة والظلم.
- نقد الكمالية الأخلاقية: تنتقد شْكلار الفلسفات الأخلاقية التي تسعى إلى تحقيق الكمال الأخلاقي، وترى أن هذه الفلسفات يمكن أن تؤدي إلى التعصب والقمع.
- أهمية التسامح: تشدد شْكلار على أهمية التسامح في المجتمع الليبرالي. فالتسامح يعني احترام الاختلافات بين الأفراد والجماعات، والاعتراف بحق الجميع في التعبير عن آرائهم ومعتقداتهم.
تأثيرها وإرثها
كانت جوديث شْكلار شخصية مؤثرة للغاية في مجال الفلسفة السياسية. ألهمت أعمالها جيلاً كاملاً من الباحثين، ولا تزال أفكارها ذات صلة اليوم. يعتبرها الكثيرون واحدة من أهم المنظرين السياسيين الليبراليين في القرن العشرين. تركت إرثًا دائمًا في مجال الفلسفة السياسية، ولا تزال أفكارها تلهم الباحثين وصناع السياسات في جميع أنحاء العالم.
تأثرت شْكلار بالعديد من المفكرين، بمن فيهم مونتسكيو وتوكفيل ومل، لكنها طورت أسلوبًا فريدًا خاصًا بها. كانت معروفة بقدرتها على الجمع بين التحليل الفلسفي الدقيق والرؤى التاريخية العميقة.
لا تزال أعمال شْكلار تُقرأ وتُدرس على نطاق واسع في الجامعات حول العالم. وقد تُرجمت كتبها إلى العديد من اللغات، ولا تزال أفكارها تلهم الباحثين وصناع السياسات في جميع أنحاء العالم.
من بين أبرز المفكرين الذين تأثروا بأعمال شْكلار: جون راولز، وأمي جوتمن، وتشارلز لوتز، وستيفن لوكس.
الجوائز والتكريمات
حصلت جوديث شْكلار على العديد من الجوائز والتكريمات خلال مسيرتها المهنية، بما في ذلك:
- زمالة غوغنهايم
- زمالة المؤسسة الوطنية للعلوم الإنسانية
- عضوية الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم
خاتمة
كانت جوديث ن. شْكلار فيلسوفة ومنظرة سياسية بارزة تركت بصمة لا تُمحى في مجال الفلسفة السياسية. من خلال أعمالها الرائدة، قدمت مساهمات كبيرة في فهمنا لليبرالية والعدالة والظلم. ستظل أفكارها ذات صلة وملهمة للأجيال القادمة من الباحثين وصناع السياسات.