نشأته وتعليمه
ولد حاييم كريزويرث في ووجرودي، بولندا الكبرى (الآن في بولندا)، في عام 1918. كان والده، الحاخام تسفي هيرش كريزويرث، شخصية بارزة في عالم التوراة، وشغل منصب رئيس محكمة حاخامية (أف بيت دين) في ووجرودي. كانت عائلة كريزويرث معروفة بأصولها الممتدة إلى العديد من الشخصيات الحاخامية البارزة على مر الأجيال.
تلقى حاييم تعليمه المبكر على يد والده، الذي غرس فيه حبًا عميقًا للتوراة والشريعة اليهودية. أظهر كريزويرث الصغير نبوغًا مبكرًا في دراساته، وسرعان ما أصبح معروفًا بفهمه العميق للنصوص التلمودية وقدرته على التحليل النقدي. في سن مبكرة، أرسل للدراسة في يشيفات “مير”، وهي مؤسسة تعليمية يهودية مرموقة في مير، بيلاروسيا (آنذاك جزء من بولندا). في يشيفات مير، درس تحت إشراف رؤساء اليشيفا البارزين، بمن فيهم الحاخام يروخام ليبوفيتز والحاخام حاييم شمويلفيتز. اكتسب سمعة طيبة لذكائه الحاد، واجتهاده الاستثنائي، والتزامه الراسخ بالشريعة اليهودية.
بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية، اضطرت يشيفات مير إلى الفرار من أوروبا الشرقية. بعد رحلة محفوفة بالمخاطر عبر ليتوانيا، وروسيا، واليابان، استقرت اليشيفا في شنغهاي، الصين. واصل حاييم كريزويرث دراسته في شنغهاي، حيث بقي حتى نهاية الحرب.
مسيرته الحاخامية
بعد الحرب، عاد حاييم كريزويرث إلى أوروبا واستقر في أنتويرب، بلجيكا. في عام 1953، تم تعيينه الحاخام الأكبر لكنيس “ماخزيكي هاداس”، وهو المنصب الذي شغله حتى وفاته في عام 2001. تحت قيادته، ازدهرت الجالية اليهودية في أنتويرب وأصبحت مركزًا رئيسيًا للدراسة والعبادة اليهودية.
كان الحاخام كريزويرث شخصية محترمة للغاية في عالم الحاخامية. كان يُنظر إليه على أنه سلطة رائدة في الشريعة اليهودية، وكان يسعى إليه للحصول على المشورة والأحكام من قبل الحاخامات والمجتمعات اليهودية في جميع أنحاء العالم. اشتهر بمعرفته الواسعة بالتوراة والتلمود، فضلاً عن قدرته على تطبيق الشريعة اليهودية على القضايا المعاصرة. كان لديه أيضًا اهتمام عميق برفاهية مجتمعه، وعمل بلا كلل لدعم المؤسسات التعليمية والدينية والخيرية اليهودية.
تشمل أبرز مساهمات الحاخام كريزويرث:
- القيادة الروحية: قدم توجيهًا روحيًا لا مثيل له لأفراد مجتمعه، ملهمًا إياهم لعيش حياة ملتزمة بالتوراة والمצוوت (الوصايا).
- الأحكام الشرعية: أصدر أحكامًا شرعية واضحة ومدروسة جيدًا في مجموعة واسعة من القضايا، مما ساهم في الحفاظ على الشريعة اليهودية وتطبيقها.
- التعليم: دعم المؤسسات التعليمية اليهودية، وشجع الدراسة والبحث في التوراة.
- العمل الخيري: كان مدافعًا قويًا عن العمل الخيري، ودعم العديد من المنظمات التي ساعدت المحتاجين.
- العلاقات بين الأديان: سعى إلى تعزيز العلاقات الجيدة بين اليهود وأعضاء الديانات الأخرى.
تأثيره وإرثه
ترك الحاخام كريزويرث إرثًا دائمًا في الجالية اليهودية في أنتويرب وخارجها. كان نموذجًا للقائد الديني، والعالم، والإنسان. أثرت تعاليمه وأحكامه على حياة آلاف الأشخاص، وسيستمر إرثه في إلهام الأجيال القادمة. بعد وفاته، خلفه ابنه الحاخام مردخاي يسرائيل يتسحاق كريزويرث في منصب الحاخام الأكبر لكنيس “ماخزيكي هاداس”.
من بين جوانب إرثه:
- إعادة بناء الجالية اليهودية في أنتويرب: لعب دورًا محوريًا في إعادة بناء الجالية اليهودية في أنتويرب بعد الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية.
- تعزيز دراسة التوراة: شجع دراسة التوراة والشريعة اليهودية، مما ساهم في الحفاظ على التراث اليهودي.
- تخريج طلاب متميزين: قام بتدريس وتوجيه العديد من الطلاب الذين أصبحوا قادة حاخاميين ومعلمين بأنفسهم.
- ترك مؤلفات قيمة: ترك وراءه مؤلفات قيمة في الشريعة اليهودية، والتي لا تزال تدرس وتستخدم حتى اليوم.
أعماله ومؤلفاته
على الرغم من أن الحاخام كريزويرث لم ينشر العديد من الكتب في حياته، إلا أن تعاليمه وأحكامه الشرعية تم تدوينها وتسجيلها من قبل طلابه ومعجبيه. تم نشر العديد من الكتب والمقالات التي تستند إلى خطاباته وكتاباته، وتعتبر مصدرًا قيمًا للمعرفة الشرعية والأخلاقية. تشمل بعض الأعمال البارزة المنسوبة إليه:
- شيوريم دا’عات (Shiurei Da’at): مجموعة من الدروس والمحاضرات في الفكر اليهودي والأخلاق.
- تسوفينات حاييم (Tzufnat Chaim): مجموعة من الأحكام الشرعية والردود على الأسئلة الفقهية.
- مقالات ومحاضرات متفرقة: تم جمع العديد من مقالاته ومحاضراته ونشرها في مجلات ومجموعات مختلفة.
مكانته في عالم الحاخامية
كان الحاخام حاييم كريزويرث شخصية بارزة في عالم الحاخامية الأرثوذكسية. كان يُنظر إليه على أنه سلطة رائدة في الشريعة اليهودية، وكان يسعى إليه للحصول على المشورة والأحكام من قبل الحاخامات والمجتمعات اليهودية في جميع أنحاء العالم. اشتهر بمعرفته الواسعة بالتوراة والتلمود، فضلاً عن قدرته على تطبيق الشريعة اليهودية على القضايا المعاصرة. كان يتمتع باحترام كبير لتقواه وإخلاصه، وكان يعتبر نموذجًا للقائد الحاخامي.
لقد لعب دورًا حاسمًا في الحفاظ على تقاليد الشريعة اليهودية ونقلها إلى الأجيال القادمة. لقد كان مصدر إلهام للعديد من الأشخاص، وسيستمر إرثه في إلهام الأجيال القادمة.
خاتمة
كان الحاخام حاييم كريزويرث شخصية استثنائية تركت بصمة لا تُمحى على الجالية اليهودية في أنتويرب وخارجها. بصفته الحاخام الأكبر لكنيس “ماخزيكي هاداس”، قاد مجتمعه بتفانٍ وحكمة، وألهم آلاف الأشخاص لعيش حياة ملتزمة بالتوراة والمצוوت. بفضل معرفته الواسعة بالشريعة اليهودية، وأحكامه الشرعية الصائبة، والتزامه الراسخ بالعمل الخيري، استحوذ على احترام وإعجاب الجميع. سيستمر إرثه في إلهام الأجيال القادمة، وسيظل يُذكر كواحد من أعظم القادة الحاخاميين في عصره.