الخلفية والتأسيس
في أواخر العشرينات من القرن الماضي، كان المشهد العمالي في كندا يتميز بالتشرذم والضعف. سيطرت النقابات الحرفية المحافظة التابعة لاتحاد العمل الأمريكي (AFL) على الحركة العمالية، وغالبًا ما كانت تهمل مصالح العمال غير المهرة والمهاجرين. في الوقت نفسه، كان الحزب الشيوعي الكندي، الذي تأسس عام 1921، يسعى إلى بناء قاعدة جماهيرية بين الطبقة العاملة. رأى الحزب في النقابات الصناعية المتشددة وسيلة لتوحيد العمال من مختلف المهن والخلفيات في جبهة موحدة ضد الرأسمالية.
في عام 1929، أصدرت الأممية الشيوعية (الكومنترن) توجيهًا للأحزاب الشيوعية في جميع أنحاء العالم لإنشاء منظمات عمالية ثورية مستقلة. استجابةً لذلك، قرر الحزب الشيوعي الكندي حل رابطة عمال كندا (TULC)، وهي منظمة نقابية مرتبطة بالحزب، وتأسيس رابطة وحدة العمال (WUL) كبديل أكثر تشددًا وتركيزًا على الصناعة. تم إطلاق الرابطة رسميًا في مؤتمر عُقد في تورنتو في يناير 1930، بحضور مندوبين من مختلف الصناعات والمناطق.
الأهداف والمبادئ
كان الهدف الرئيسي لرابطة وحدة العمال هو تنظيم العمال في الصناعات الرئيسية في كندا، مثل التعدين والغابات والنقل والتصنيع. سعت الرابطة إلى تحسين ظروف عمل العمال وزيادة الأجور وتقصير ساعات العمل. كما دعت إلى تأمين الحق في التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية. بالإضافة إلى ذلك، تبنت الرابطة برنامجًا سياسيًا أوسع نطاقًا يهدف إلى الإطاحة بالنظام الرأسمالي وإقامة مجتمع اشتراكي.
استندت أنشطة الرابطة إلى عدد من المبادئ الأساسية، بما في ذلك:
- التنظيم الصناعي: تنظيم العمال على أساس الصناعة التي يعملون بها، بغض النظر عن مهنتهم أو مستوى مهارتهم.
- الديمقراطية العمالية: اتخاذ القرارات من خلال مشاركة العمال وقواعدهم الشعبية.
- التضامن الأممي: التعاون مع العمال في جميع أنحاء العالم في النضال ضد الرأسمالية.
- النضال الطبقي: الاعتراف بالصراع بين الطبقة العاملة والطبقة الرأسمالية، والدعوة إلى النضال المستمر من أجل حقوق العمال.
الأنشطة والإضرابات
شاركت رابطة وحدة العمال في عدد من الإضرابات والمظاهرات البارزة خلال فترة الكساد الكبير. ومن بين هذه الإضرابات:
- إضراب عمال المناجم في استيفان (Estevan): في عام 1931، قادت الرابطة إضرابًا لعمال المناجم في استيفان، ساسكاتشوان، للمطالبة بأجور أعلى وظروف عمل أفضل. انتهى الإضراب بمأساة عندما أطلقت الشرطة النار على المتظاهرين، مما أسفر عن مقتل ثلاثة عمال.
- إضراب عمال الأخشاب في كولومبيا البريطانية: في عام 1931 أيضًا، نظمت الرابطة إضرابًا لعمال الأخشاب في كولومبيا البريطانية، للمطالبة بتحسين الأجور وظروف العمل. استمر الإضراب لعدة أشهر وتميز بالعنف والاعتقالات.
- مسيرة إلى أوتاوا (On-to-Ottawa Trek): في عام 1935، شاركت الرابطة في تنظيم “مسيرة إلى أوتاوا”، وهي مسيرة احتجاجية قام بها العاطلون عن العمل من فانكوفر إلى أوتاوا لمطالبة الحكومة الفيدرالية بتقديم المساعدة والإغاثة. تم قمع المسيرة بالقوة من قبل الشرطة في ريجينا.
بالإضافة إلى الإضرابات، شاركت الرابطة أيضًا في تنظيم المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية ضد البطالة والفقر. كما قامت بتنظيم حملات للتوعية بحقوق العمال والدفاع عن تشريعات العمل.
التحديات والصعوبات
واجهت رابطة وحدة العمال عددًا من التحديات والصعوبات خلال فترة وجودها. وشملت هذه:
- القمع الحكومي: تعرضت الرابطة للقمع الشديد من قبل الحكومة وأجهزة إنفاذ القانون. تم اعتقال العديد من قادة الرابطة وسجنهم، وتم حظر اجتماعاتها ومظاهراتها.
- معارضة النقابات الحرفية: عارضت النقابات الحرفية التابعة لاتحاد العمل الأمريكي (AFL) رابطة وحدة العمال، واعتبرتها تهديدًا لمصالحها. غالبًا ما تعاونت النقابات الحرفية مع أصحاب العمل لقمع أنشطة الرابطة.
- الصعوبات الاقتصادية: جعلت الصعوبات الاقتصادية في فترة الكساد الكبير من الصعب على الرابطة تنظيم العمال والحفاظ على عضويتها. كان العمال خائفين من فقدان وظائفهم إذا انضموا إلى الرابطة أو شاركوا في الإضرابات.
- الخلافات الداخلية: عانت الرابطة من الخلافات الداخلية والصراعات الفصائلية. أدت هذه الخلافات إلى إضعاف الرابطة وقوضت فعاليتها.
الحل والإرث
في عام 1935، أمرت الأممية الشيوعية (الكومنترن) الأحزاب الشيوعية في جميع أنحاء العالم بتبني سياسة “الجبهة الشعبية”، التي دعت إلى التعاون مع الأحزاب والمنظمات الأخرى لمواجهة الفاشية. استجابةً لذلك، قرر الحزب الشيوعي الكندي حل رابطة وحدة العمال والانضمام إلى منظمات عمالية أخرى لتشكيل جبهة موحدة.
على الرغم من عمرها القصير نسبيًا، تركت رابطة وحدة العمال إرثًا دائمًا في الحركة العمالية الكندية. لعبت الرابطة دورًا حاسمًا في تنظيم العمال في الصناعات الرئيسية والدعوة إلى حقوق العمال خلال فترة الكساد الكبير. كما ساهمت في تعزيز الوعي الطبقي والنضال من أجل العدالة الاجتماعية.
خاتمة
كانت رابطة وحدة العمال (WUL) منظمة عمالية صناعية متشددة لعبت دورًا مهمًا في الحركة العمالية الكندية خلال فترة الكساد الكبير. على الرغم من مواجهتها للتحديات والصعوبات، تمكنت الرابطة من تنظيم العمال وقيادة الإضرابات والدعوة إلى حقوق العمال. يظل إرث الرابطة بمثابة تذكير بأهمية التنظيم العمالي والنضال من أجل العدالة الاجتماعية.