مقدمة
إرنست فهر (ولد في 21 يونيو 1956 في هارد، النمسا) هو عالم اقتصاد سلوكي واقتصاد عصبي نمساوي سويسري وأستاذ في قسم الاقتصاد بجامعة زيورخ. يشتهر فهر بعمله التجريبي في الاقتصاد السلوكي والاقتصاد العصبي وعلم النفس التطوري. تركز أبحاثه على الأسس العصبية والتحفيزية للسلوك الاجتماعي البشري، بما في ذلك التعاون والإيثار والعدالة والإنصاف والمعاملة بالمثل. وقد ساهم بشكل كبير في فهمنا لكيفية تأثير الأعراف الاجتماعية والتفضيلات الاجتماعية على القرارات الاقتصادية.
الحياة المبكرة والتعليم
ولد إرنست فهر في بلدة هارد الصغيرة في النمسا. درس الاقتصاد في جامعة فيينا، حيث حصل على درجة الدكتوراه. خلال فترة دراسته، تأثر فهر بشدة بأعمال الاقتصاديين مثل فريدريش هايك ولودفيج فون ميزس، اللذين أكدا على أهمية الفردية والحرية الاقتصادية. ومع ذلك، فقد أصبح أيضًا مهتمًا بشكل متزايد بقيود النموذج الاقتصادي الكلاسيكي الجديد، الذي يفترض أن الأفراد عقلانيون وأنانيون تمامًا.
المسيرة الأكاديمية
بعد حصوله على درجة الدكتوراه، عمل فهر باحثًا في جامعة فيينا قبل أن ينتقل إلى جامعة زيورخ في عام 1994، حيث أصبح أستاذًا للاقتصاد. في زيورخ، أسس معهد الاقتصاد التجريبي، الذي سرعان ما أصبح مركزًا رائدًا للبحث في الاقتصاد السلوكي والاقتصاد العصبي. تحت قيادته، اجتذب المعهد باحثين موهوبين من جميع أنحاء العالم وساهم بشكل كبير في تطوير هذه المجالات.
أبرز المساهمات في الاقتصاد السلوكي والاقتصاد العصبي
نظرية العدالة: واحدة من أهم مساهمات فهر هي تطوير نظرية العدالة، التي تجادل بأن الأفراد لا يهتمون فقط بمكاسبهم الخاصة ولكن أيضًا بعدالة توزيع الموارد. أظهر فهر وزملاؤه تجريبيًا أن الناس غالبًا ما يكونون على استعداد للتضحية بمكاسبهم الخاصة لمعاقبة الأفراد الذين يعتبرونهم غير عادلين. وقد كان لهذه النظرية تأثير عميق على فهمنا للسلوك الاجتماعي والتعاون.
التعاون والمعاملة بالمثل: استكشف فهر على نطاق واسع دور التعاون والمعاملة بالمثل في المجتمعات البشرية. أظهر أن الأفراد أكثر عرضة للتعاون مع الآخرين إذا كانوا يعتقدون أن الآخرين سيعاملونهم بالمثل. وقد قدم أيضًا أدلة على أن معاقبة المخالفين يمكن أن تكون وسيلة فعالة لتعزيز التعاون في المجموعات.
الأسس العصبية للسلوك الاجتماعي: استخدم فهر تقنيات تصوير الدماغ، مثل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، للتحقيق في الأسس العصبية للسلوك الاجتماعي. وقد وجد أن مناطق معينة من الدماغ، مثل القشرة الأمامية الحجاجية (OFC) والجزء البطني المخطط (VStr)، تلعب دورًا حاسمًا في معالجة معلومات العدالة واتخاذ القرارات الاجتماعية.
التفضيلات الاجتماعية: ساهم فهر في فهم كيفية تأثير التفضيلات الاجتماعية على القرارات الاقتصادية. يوضح أن الناس ليسوا أنانيين بالكامل، وأنهم يهتمون برفاهية الآخرين. لقد أظهر أن الناس على استعداد للتضحية ببعض مكاسبهم الخاصة لمساعدة الآخرين، خاصة إذا كانوا يعتبرونهم أعضاء في مجموعتهم. هذه النتائج لها آثار مهمة على تصميم المؤسسات والسياسات الاقتصادية.
الجوائز والتكريمات
حصل فهر على العديد من الجوائز والتكريمات لعمله الرائد في الاقتصاد السلوكي والاقتصاد العصبي، بما في ذلك:
- جائزة الاقتصاد من معهد كيل العالمي للاقتصاد (2008)
- جائزة جوتفريد فيلهلم ليبنيز من مؤسسة الأبحاث الألمانية (2008)
- زمالة الأكاديمية الوطنية للعلوم (2012)
- جائزة هورويتز (2024)
بالإضافة إلى ذلك، فهو عضو في العديد من الأكاديميات العلمية المرموقة، بما في ذلك الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم والأكاديمية الأوروبية.
تأثير فهر على السياسة العامة
كان لعمل فهر تأثير كبير على السياسة العامة. وقد قدم المشورة للحكومات والمنظمات الدولية بشأن مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك:
- تصميم الحوافز لتحسين الأداء
- تعزيز التعاون في المنظمات
- الحد من الفساد
- تصميم سياسات أكثر عدالة وإنصافًا
وقد تم الاستشهاد بأبحاثه على نطاق واسع من قبل صانعي السياسات والاقتصاديين على حد سواء، وقد ساهمت في تطوير الاقتصاد السلوكي كأداة قيمة لصنع السياسات.
منهجية البحث
تتميز منهجية بحث فهر بالجمع بين النظرية والتجريب. يقوم بتطوير نماذج نظرية لشرح السلوك الاجتماعي البشري ثم يختبر هذه النماذج تجريبيًا باستخدام مجموعة متنوعة من الأساليب، بما في ذلك:
- التجارب المعملية
- المسح الميداني
- تصوير الدماغ
يضمن هذا النهج أن أبحاثه ترتكز على كل من النظرية القوية والأدلة التجريبية، مما يجعلها ذات صلة ومؤثرة بشكل خاص.
أهم المنشورات
نشر فهر العديد من المقالات المؤثرة في المجلات العلمية الرائدة، بما في ذلك:
- “The Nature of Human Altruism” (Nature, 2003)
- “Social Preferences and the Enforcement of Norms” (American Economic Review, 2000)
- “A Theory of Fairness, Competition, and Cooperation” (Quarterly Journal of Economics, 1999)
وقد تم الاستشهاد بهذه المقالات على نطاق واسع وأثرت بشكل كبير على تطور الاقتصاد السلوكي والاقتصاد العصبي.
نقد
على الرغم من تأثيره الكبير، فإن عمل فهر ليس بدون منتقدين. يجادل بعض النقاد بأن تجاربه المعملية غالبًا ما تكون مصطنعة جدًا ولا تعكس بدقة السلوك في العالم الحقيقي. يجادل آخرون بأن تركيزه على التفضيلات الاجتماعية يقلل من أهمية العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر على القرارات الاقتصادية، مثل الحوافز والمؤسسات.
ومع ذلك، يرد فهر على هذه الانتقادات بالإشارة إلى أن تجاربه المعملية مصممة بعناية للتحكم في المتغيرات ذات الصلة وتحديد الآليات الأساسية التي تحرك السلوك الاجتماعي. يجادل أيضًا بأن التفضيلات الاجتماعية هي ببساطة واحدة من العديد من العوامل التي يمكن أن تؤثر على القرارات الاقتصادية، وأنه من المهم أن نأخذها في الاعتبار عند تصميم المؤسسات والسياسات.
الإرث
إرنست فهر هو واحد من أبرز علماء الاقتصاد السلوكي والاقتصاد العصبي في العالم. لقد ساهم بشكل كبير في فهمنا للسلوك الاجتماعي البشري، وقد كان لعمله تأثير كبير على السياسة العامة. سيستمر إرثه في التأثير على الأجيال القادمة من الاقتصاديين وعلماء الاجتماع.
خاتمة
إرنست فهر هو شخصية بارزة في عالم الاقتصاد السلوكي والاقتصاد العصبي، حيث ساهم بشكل كبير في فهمنا للدوافع الاجتماعية والإدراك العصبي وراء القرارات الاقتصادية. من خلال أبحاثه الرائدة، أثبت أن الأفراد ليسوا مدفوعين فقط بالمصلحة الذاتية، ولكن أيضًا بالاعتبارات المتعلقة بالإنصاف والتعاون والمعاملة بالمثل. وقد أثر عمله بعمق على الطريقة التي نفكر بها في الاقتصاد والسياسة العامة، مما جعله شخصية مؤثرة في العلوم الاجتماعية.