مقدمة
جون توماس جليك (13 مارس 1832 – 14 أبريل 1923) كان مبشرًا وعالم طبيعة أمريكيًا من هاواي. كان أحد الرواد الأوائل في فهم آليات التطور، وخاصة دور العزلة الجغرافية في نشوء الأنواع. على الرغم من أن عمله لم يحظ بالتقدير الكافي في عصره، إلا أنه يُنظر إليه الآن على أنه مساهمة قيمة في علم الأحياء التطوري.
نشأته وتعليمه
ولد جون توماس جليك في 13 مارس 1832 في جزيرة كاواي، هاواي. كان والداه، بيتر جونسون جليك وإليزابيث لويزا توماس جليك، مبشرين أمريكيين أرسلتهما “المجلس الأمريكي للمفوضين للبعثات الأجنبية” إلى هاواي في عام 1828. نشأ جون في بيئة دينية وعلمية، حيث شجعه والداه على استكشاف العالم الطبيعي من حوله.
تلقى جليك تعليمه المبكر في المنزل على يد والدته. في عام 1849، أرسل إلى مدرسة بوناهو في هونولولو، وهي مدرسة داخلية أسسها المبشرون. بعد تخرجه من بوناهو في عام 1851، التحق بكلية ويليامز في ولاية ماساتشوستس، وتخرج منها في عام 1859. خلال فترة وجوده في ويليامز، درس علم الأحياء وعلم الحيوان، وتأثر بشكل خاص بأفكار تشارلز داروين، على الرغم من أن كتاب “أصل الأنواع” لم يكن قد نُشر بعد.
حياته المهنية كمبشر وعالم طبيعة
بعد تخرجه من الكلية، عاد جليك إلى هاواي في عام 1861 وعمل كمبشر في جزيرة ماوي. كان مهتمًا بشكل خاص بدراسة الحلزونات الأرضية في هاواي، والتي كانت متنوعة بشكل غير عادي. جمع جليك آلاف العينات من الحلزونات الأرضية من مختلف أنحاء هاواي، ولاحظ أن الأنواع المختلفة توجد في مناطق جغرافية مختلفة. بدأ يشك في أن العزلة الجغرافية لعبت دورًا مهمًا في نشوء الأنواع.
في عام 1864، انتقل جليك إلى الصين وعمل كمبشر في منطقة تيانجين. واصل اهتمامه بالحلزونات الأرضية، وجمع عينات من مختلف أنحاء الصين. كما درس أيضًا النباتات والحيوانات الأخرى في الصين، وأرسل عينات إلى المتاحف في الولايات المتحدة وأوروبا.
عاد جليك إلى هاواي في عام 1873، واستأنف عمله كمبشر وعالم طبيعة. استمر في دراسة الحلزونات الأرضية، ونشر العديد من المقالات العلمية حول هذا الموضوع. كما كتب عن مواضيع أخرى، مثل علم النبات في هاواي، والأنثروبولوجيا، والدين.
نظريته عن التطور
طور جليك نظريته الخاصة عن التطور، والتي أكدت على دور العزلة الجغرافية في نشوء الأنواع. جادل بأن الأنواع الجديدة يمكن أن تنشأ عندما تنفصل مجموعات من الكائنات الحية عن بعضها البعض عن طريق الحواجز الجغرافية، مثل الجبال أو الأنهار أو المحيطات. مع مرور الوقت، يمكن أن تتطور هذه المجموعات المنعزلة بشكل مستقل عن بعضها البعض، وتتراكم الاختلافات الوراثية التي تؤدي في النهاية إلى ظهور أنواع جديدة.
كانت نظرية جليك عن التطور مماثلة لنظرية داروين في الاصطفاء الطبيعي، لكنها أكدت بشكل أكبر على دور العزلة الجغرافية. اعتقد جليك أن العزلة الجغرافية كانت شرطًا ضروريًا لنشوء الأنواع، في حين أن داروين اعتقد أنها كانت مجرد عامل واحد من بين العديد من العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى التطور.
لم تحظ نظرية جليك عن التطور بالاهتمام الكافي في عصره. كان داروين هو العالم المهيمن في مجال علم الأحياء التطوري، وكانت أفكار جليك تعتبر غير تقليدية للغاية. ومع ذلك، فقد تم الاعتراف بعمل جليك لاحقًا باعتباره مساهمة قيمة في علم الأحياء التطوري. يُنظر إليه الآن على أنه أحد الرواد الأوائل في فهم آليات التطور، وخاصة دور العزلة الجغرافية.
أهم أعماله
- “تنوع الشخصية كمصدر للاصطفاء الطبيعي” (1872)
- “دراسة التطورات المحفزة وغير المحفزة” (1883)
- “التطور المنعزل كسبب التغيير العضوي” (1890)
- “الوظائف الإضافية في تاريخ المذهب، فيما يتعلق بأصل مملكة النبات” (1905)
حياته اللاحقة ووفاته
تقاعد جليك من عمله كمبشر في عام 1899 وعاش في اليابان لبقية حياته. استمر في الكتابة عن مواضيع علمية ودينية، وتوفي في هونولولو في 14 أبريل 1923 عن عمر يناهز 91 عامًا.
إرثه
على الرغم من أن عمله لم يحظ بالتقدير الكافي في عصره، إلا أن جون توماس جليك يُذكر اليوم لمساهماته الرائدة في فهم آليات التطور. لقد كان أحد أوائل العلماء الذين أدركوا أهمية العزلة الجغرافية في نشوء الأنواع. تُدرس أفكاره الآن في دورات علم الأحياء التطوري في جميع أنحاء العالم.
بالإضافة إلى عمله العلمي، كان جليك أيضًا مبشرًا مخلصًا ومعلمًا محترمًا. كرس حياته لخدمة الآخرين ونشر المعرفة. لا يزال إرثه يلهم الناس حتى اليوم.
تقدير متأخر
في العقود الأخيرة، حظي عمل جون توماس جليك بتقدير متزايد. يُنظر إليه الآن على أنه أحد الشخصيات البارزة في تاريخ علم الأحياء التطوري، وقد ساهمت أفكاره في فهمنا الحديث لعملية التطور.
أكد جليك على أهمية العزلة الجغرافية في نشوء الأنواع، وهي فكرة أصبحت الآن جزءًا أساسيًا من نظرية التطور. لقد أوضح كيف يمكن للعزلة أن تؤدي إلى تباعد المجموعات السكانية وتطور سمات جديدة، مما يؤدي في النهاية إلى تكوين أنواع جديدة.
بالإضافة إلى ذلك، كان جليك رائدًا في استخدام البيانات الكمية في دراسة التطور. جمع بيانات مفصلة عن الحلزونات الأرضية في هاواي وحللها إحصائيًا، مما ساعد على دعم أفكاره حول دور العزلة في نشوء الأنواع.
خاتمة
كان جون توماس جليك مبشرًا وعالم طبيعة أمريكيًا من هاواي. كان رائدًا في فهم آليات التطور، وخاصة دور العزلة الجغرافية في نشوء الأنواع. على الرغم من أن عمله لم يحظ بالتقدير الكافي في عصره، إلا أنه يُنظر إليه الآن على أنه مساهمة قيمة في علم الأحياء التطوري. لقد ساهمت أفكاره في فهمنا الحديث لعملية التطور، ولا يزال إرثه يلهم الناس حتى اليوم.