أصل التسمية والتاريخ المبكر
كلمة “مونتيم” مشتقة من الكلمة اللاتينية “Ad Montem”، والتي تعني “إلى الجبل”. يشير هذا الاسم إلى التل الذي كان الطلاب يتوجهون إليه كجزء من الاحتفال. يعود تاريخ مونتيم إلى القرن السادس عشر على الأقل، وتشير السجلات إلى أنه كان موجودًا بشكل ما منذ عام 1561. ومع ذلك، فإن الأصول الدقيقة للتقليد غير واضحة، ويعتقد البعض أنها قد تكون مرتبطة بطقوس الربيع الوثنية القديمة.
في البداية، كان المونتيم حدثًا بسيطًا نسبيًا، ولكنه تطور تدريجيًا ليصبح احتفالًا أكثر تفصيلاً وإسرافًا. بحلول القرن الثامن عشر، كان قد أصبح مشهدًا كبيرًا يجذب الآلاف من المتفرجين، بما في ذلك أفراد من العائلة المالكة وأعضاء من النبلاء.
وصف الاحتفال
كان المونتيم احتفالًا معقدًا يتضمن عددًا من المراحل والطقوس المختلفة. فيما يلي وصف تفصيلي للمكونات الرئيسية للاحتفال:
- المسيرة إلى الجبل: كانت المسيرة إلى سولت هيل هي السمة المميزة للمونتيم. كان الطلاب، بقيادة قادة الاحتفال، يسيرون في موكب عبر المدينة إلى التل. كان الطلاب يرتدون أزياء متقنة، غالبًا ما تكون مستوحاة من الشخصيات التاريخية أو الأسطورية.
- “سالترز”: كان هؤلاء الطلاب مكلفين بجمع الأموال من المتفرجين. كانوا يرتدون أزياء ملونة ويحملون أكياسًا صغيرة لجمع التبرعات. كان يُعتقد أن لمسة من “الملح” الذي يحمله هؤلاء الجامعون يجلب الحظ السعيد.
- الخطب والأغاني: بمجرد وصولهم إلى سولت هيل، كان الطلاب يلقون خطبًا ويغنون الأغاني. غالبًا ما كانت هذه الخطب هزلية أو ساخرة، وكانت تهدف إلى الترفيه عن المتفرجين.
- الاحتفالات والولائم: بعد الانتهاء من الخطب والأغاني، كان الطلاب والمتفرجون ينخرطون في الاحتفالات والولائم. كان يتم تقديم الطعام والشراب، وكانت هناك ألعاب وأنشطة أخرى.
الأزياء والأدوار
لعبت الأزياء دورًا مهمًا في مونتيم. كان الطلاب يرتدون مجموعة متنوعة من الأزياء المتقنة، والتي غالبًا ما كانت مصممة لتمثيل شخصيات تاريخية أو أسطورية. كان هناك أيضًا عدد من الأدوار المحددة التي لعبها الطلاب، ولكل منها زيها الخاص.
تشمل بعض الأدوار الأكثر شيوعًا ما يلي:
- قادة المونتيم: كان هؤلاء الطلاب هم المسؤولون عن تنظيم الاحتفال والإشراف عليه. كانوا يرتدون أزياء باهظة الثمن وغالبًا ما كانوا من بين أغنى وأبرز الطلاب في الكلية.
- “سالترز”: كما ذكرنا سابقًا، كان هؤلاء الطلاب مكلفين بجمع الأموال من المتفرجين. كانوا يرتدون أزياء ملونة ويحملون أكياسًا صغيرة لجمع التبرعات.
- ضباط الجيش: غالبًا ما كان بعض الطلاب يرتدون زي الضباط العسكريين، ويقومون بدور حراسة الموكب وإضفاء جو رسمي على الحدث.
الانتقادات والإلغاء
على الرغم من شعبيته، واجه مونتيم عددًا من الانتقادات على مر السنين. جادل البعض بأنه كان باهظ الثمن ومضيعة للوقت، بينما انتقد آخرون السلوك الصاخب وغير المنضبط الذي غالبًا ما كان يصاحب الاحتفال. كانت هناك أيضًا مخاوف بشأن سلامة الطلاب والمتفرجين، حيث وقعت العديد من الحوادث والإصابات على مر السنين.
في عام 1847، قرر مدير كلية إيتون إلغاء المونتيم. كان هذا القرار مدفوعًا جزئيًا بالمخاوف بشأن تكلفة الاحتفال ومخاطره، ولكن أيضًا برغبة في تحديث الكلية وجعلها أكثر جدية وأكاديمية. كان الإلغاء مثيرًا للجدل، لكنه كان يمثل نهاية عصر في تاريخ كلية إيتون.
تأثير المونتيم وإرثه
على الرغم من إلغائه منذ فترة طويلة، لا يزال المونتيم يُذكر كجزء مهم من تاريخ كلية إيتون. لقد كان احتفالًا فريدًا وملونًا لعب دورًا مهمًا في حياة الكلية والمجتمع المحيط بها. كان المونتيم أيضًا مصدر إلهام للعديد من الأعمال الفنية والأدبية، ولا يزال يثير الاهتمام والفضول حتى يومنا هذا.
لا يزال بالإمكان رؤية آثار المونتيم في كلية إيتون اليوم. على سبيل المثال، لا يزال الطلاب يحتفلون بيوم “الرابع من يونيو”، وهو تاريخ كان يُحتفل فيه بالمونتيم تقليديًا. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال بإمكان الزوار رؤية سولت هيل، التل الذي كان الطلاب يسيرون إليه خلال المونتيم.
مونتيم في الثقافة الشعبية
ظهر المونتيم في العديد من الأعمال الأدبية والفنية. يظهر بشكل بارز في رواية “ديزي ميلر” لهنري جيمس، حيث يشاهد شخصيات الرواية المونتيم ويناقشونه. كما تم تصويره في العديد من اللوحات والرسومات، مما يوفر نظرة ثاقبة على مظهره واحتفالاته. هذه التمثيلات الثقافية تضمن بقاء المونتيم في الذاكرة الجماعية.
تفسيرات تاريخية للمونتيم
يجادل بعض المؤرخين بأن المونتيم كان في الأصل احتفالًا وثنيًا مرتبطًا بخصوبة الأرض. بينما يرى آخرون أنه تطور من طقوس مدرسية بسيطة إلى حدث عام كبير بسبب رغبة الكلية في الحصول على الدعم المالي والشعبية. بغض النظر عن أصوله الدقيقة، فقد أصبح المونتيم جزءًا لا يتجزأ من هوية إيتون.
الآثار الاجتماعية والسياسية للمونتيم
كان للمونتيم آثار اجتماعية وسياسية مهمة. فقد سمح للطلاب من خلفيات مختلفة بالاختلاط والتفاعل، مما عزز الشعور بالانتماء للمجتمع. كما وفر فرصة للتواصل مع كبار الشخصيات والسياسيين، مما قد يفتح الأبواب أمام الطلاب في المستقبل. بالإضافة إلى ذلك، كان المونتيم بمثابة منصة للتعبير عن الآراء السياسية والاجتماعية، وغالبًا ما كانت الخطب والأغاني تتضمن تعليقات ساخرة على الأحداث الجارية.
التحديات اللوجستية للمونتيم
كان تنظيم المونتيم يمثل تحديًا لوجستيًا كبيرًا. كان على الكلية إدارة حشود كبيرة من المتفرجين، وضمان سلامة الطلاب، وتوفير الطعام والشراب، وتنسيق الأزياء والأدوار. كانت هذه التحديات تتطلب تخطيطًا دقيقًا وتعاونًا بين الطلاب والمعلمين والإدارة.
خاتمة
كان إيتون مونتيم احتفالًا فريدًا من نوعه ومميزًا في تاريخ كلية إيتون. على الرغم من إلغائه، إلا أنه لا يزال يمثل رمزًا للتقاليد والتاريخ الغني للكلية. كان حدثًا يجمع بين الفرح والاحتفال وجمع التبرعات، مما يجعله جزءًا لا يُنسى من تراث إيتون.