أصل فيدها وموقعها الجغرافي
فيدها كانت مملكة هندية آرية قديمة تقع في شمال شرق شبه القارة الهندية. يذكر النص الهندوسي القديم، ياجورفيدا، أرض فيدها. في وقت لاحق، ظهرت فيدها كمملكة رئيسية في الهند القديمة خلال فترة فيديها المتأخرة (حوالي 900-600 قبل الميلاد). كانت تقع في منطقة ميثيلا الحديثة في شمال بيهار وجنوب نيبال. تحدها من الغرب نهر غانداكي، ومن الشرق نهر كوسي، ومن الشمال جبال الهيمالايا، ومن الجنوب نهر الغانج.
تشير الأدلة الأثرية والأدبية إلى أن ثقافة فيدها كانت متطورة ومزدهرة. كانت المنطقة غنية بالموارد الطبيعية، مما ساهم في ازدهارها الاقتصادي. كما كانت مركزًا هامًا للتعلم والفلسفة، حيث ازدهرت فيها المدارس الفكرية المختلفة.
التاريخ السياسي لفيدها
خلال فترة فيديها المتأخرة، أصبحت فيدها قوة سياسية مهمة في المنطقة. حكمها ملوك جانكا، الذين اشتهروا بحكمهم العادل وحكمتهم. كان الملك جاناكا سيراذفاجا، والد سيتا (زوجة راما)، أشهر حكام جانكا. لعبت فيديها دورًا هامًا في تشكيل المشهد السياسي والديني في الهند القديمة.
وفقًا للملاحم الهندوسية، كانت فيديها جزءًا من مملكة كوشالا في وقت ما. ومع ذلك، انفصلت فيدها لاحقًا وأصبحت مملكة مستقلة. خلال فترة حكم سلالة ماوريا (حوالي 322-185 قبل الميلاد)، أصبحت فيديها جزءًا من إمبراطورية ماوريا. بعد سقوط إمبراطورية ماوريا، استعادت فيديها استقلالها لفترة وجيزة قبل أن يتم ضمها إلى إمبراطورية شونغا (حوالي 185-73 قبل الميلاد).
في القرون اللاحقة، حكمت سلالات مختلفة فيديها، بما في ذلك سلالة جوبتا (حوالي 320-550 م). بحلول القرن السابع الميلادي، أصبحت فيديها جزءًا من مملكة كانوج. في العصور الوسطى، حكمت سلالة كارناتاك فيديها. في وقت لاحق، سقطت المنطقة تحت سيطرة سلطنة دلهي وإمبراطورية المغول.
المجتمع والثقافة في فيدها
كان مجتمع فيدها منظمًا بشكل هرمي، مع وجود طبقة من الكهنة (البراهمة) في القمة، تليها طبقة المحاربين (كشاتريا)، ثم طبقة التجار (فايشيا)، وأخيراً طبقة العمال (شودرا). ومع ذلك، كان هناك أيضًا قدر كبير من الحراك الاجتماعي، وكان من الممكن للأفراد أن يرتقوا في السلم الاجتماعي من خلال التعليم والمهارة.
كانت ثقافة فيدها غنية ومتنوعة. كانت المنطقة مركزًا هامًا للتعلم والفلسفة، حيث ازدهرت فيها المدارس الفكرية المختلفة. كانت فيديها أيضًا مركزًا هامًا للفنون والحرف اليدوية، حيث اشتهرت المنطقة بإنتاج المنسوجات والفخار والمجوهرات عالية الجودة.
كانت اللغة السائدة في فيديها هي اللغة السنسكريتية، والتي كانت تستخدم في الأدب والشؤون الدينية. ومع ذلك، كانت هناك أيضًا لغات أخرى منطوقة في المنطقة، بما في ذلك البراكريت والبالي.
الدين في فيدها
كانت فيديها مركزًا هامًا للدين الهندوسي. كان الملك جاناكا سيراذفاجا، والد سيتا، راعيًا عظيمًا للدين الهندوسي، وشجع على نشر تعاليمه. كانت فيديها أيضًا مركزًا هامًا للبوذية والجاينية. أسس العديد من الرهبان البوذيين والجاينيين أديرة في فيديها، وعملوا على نشر تعاليمهم.
يشير النص البوذي “ماجّيما نيكايا” إلى جوتيلا ماجا، وهو معلم بارز عاش في فيديها. يذكر النص أيضًا أن بوذا زار فيديها وألقى العديد من الخطب.
كانت فيديها أيضًا مركزًا هامًا لعبادة الآلهة الأنثوية. كانت سيتا، زوجة راما، تعتبر إلهة في فيديها. كانت هناك أيضًا العديد من المعابد المخصصة للآلهة الأخرى، مثل دورجا وكالي.
فيدها في الأدب
تظهر فيديها بشكل بارز في الأدب الهندوسي، وخاصة في الملاحم الهندوسية، رامايانا ومهابهاراتا. في رامايانا، ولدت سيتا، زوجة راما، في فيديها. كان الملك جاناكا سيراذفاجا، والد سيتا، ملكًا عادلًا وحكيمًا، وكان له دور فعال في زواج سيتا وراما.
في مهابهاراتا، ورد ذكر فيديها كحليف لكورواس في حرب كوروكشترا. كما يذكر النص أن الملك جاناكا كان حاضرًا في حفل راجاسيا الذي أقامه يوديشتيرا.
بالإضافة إلى الملاحم الهندوسية، تظهر فيديها أيضًا في العديد من النصوص الأخرى، بما في ذلك بوراناس وأوبانيشاد.
فيدها اليوم
تقع منطقة فيديها القديمة في شمال بيهار وجنوب نيبال الحديثين. لا تزال المنطقة تحتفظ بالكثير من تراثها الثقافي والتاريخي. هناك العديد من المواقع الأثرية في المنطقة التي تقدم نظرة ثاقبة على تاريخ وثقافة فيديها القديمة.
تعتبر ميثيلا، وهي منطقة ثقافية تشمل أجزاء من بيهار ونيبال، جزءًا من فيديها القديمة. لا يزال شعب ميثيلا يحتفل بالعديد من المهرجانات والتقاليد القديمة التي تعود إلى فترة فيديها.
خاتمة
كانت فيديها مملكة هندية آرية قديمة لعبت دورًا هامًا في تشكيل المشهد السياسي والديني والثقافي لشبه القارة الهندية. كانت المنطقة مركزًا هامًا للتعلم والفلسفة والفنون والحرف اليدوية. تركت فيديها إرثًا دائمًا لا يزال محسوسًا حتى اليوم.