مقدمة
هيبسيبما (Hypsibema) هو جنس منقرض من ديناصورات الهادروصوريات التي عاشت في العصر الطباشيري المتأخر (مرحلة الكامباني) في مجموعة بلاك كريك في ولاية كارولينا الشمالية. على الرغم من أن بقايا الهيبسيبما مجزأة للغاية، إلا أنها تمثل جزءًا مهمًا من فهمنا لتنوع الديناصورات في شرق أمريكا الشمالية خلال العصر الطباشيري.
الاكتشاف والتسمية
تم اكتشاف أول بقايا معروفة من الهيبسيبما في سبعينيات القرن التاسع عشر بالقرب من نهر كيب فير في مقاطعة بلادين، بولاية كارولينا الشمالية. تضمنت هذه البقايا عظامًا من الأطراف وفقرات. في البداية، تم تصنيف هذه العظام على أنها تنتمي إلى جنس “لابتوسبونديلوس” (Laptosaurus)، وهو جنس مهمل وغير صالح علميًا اليوم. لاحقًا، أدرك الباحثون أن هذه البقايا تمثل جنسًا جديدًا ومتميزًا من ديناصورات الهادروصوريات.
في عام 1869، قام عالم الحفريات الأمريكي الشهير إدوارد درينكر كوب بتسمية العظام المكتشفة ووصفها كنوع جديد أسماه “لابتوسبونديلوس كراسونوتوس” (Laptosaurus crassusnotus). ومع ذلك، فإن اسم الجنس “لابتوسبونديلوس” كان قيد الاستخدام بالفعل لوصف نوع آخر من الفقاريات، مما جعل الاسم غير صالح بموجب قواعد التسمية العلمية. في عام 1974، قام عالم الحفريات دونالد بايرد بتصحيح هذا الخطأ وأنشأ جنسًا جديدًا أطلق عليه اسم “هيبسيبما” (Hypsibema) للبقايا المكتشفة في ولاية كارولينا الشمالية. الاسم “هيبسيبما” مشتق من الكلمات اليونانية “hypsos” التي تعني “مرتفع” أو “عالي”، و “bema” التي تعني “منصة” أو “هضبة”، في إشارة إلى موقع اكتشاف العظام في منطقة مرتفعة.
تم تعيين النوع النمطي للهيبسيبما باسم “هيبسيبما كراسونوتا” (Hypsibema crassusnotus)، مما يعكس تاريخ التسمية المعقد لهذا الديناصور.
التصنيف
يعتبر الهيبسيبما عضوًا في فصيلة الهادروصوريات (Hadrosauridae)، وهي مجموعة كبيرة ومتنوعة من ديناصورات أكلة النباتات التي ازدهرت في العصر الطباشيري المتأخر. تتميز الهادروصوريات بمنقارها العريض المسطح الذي يشبه منقار البط، وأسنانها المتراصة التي تشكل ما يشبه البطاريات لطحن النباتات. داخل فصيلة الهادروصوريات، يصنف الهيبسيبما عمومًا ضمن مجموعة الهادروصورينيات (Hadrosaurinae)، التي تضم الهادروصوريات ذات القمم العظمية الصلبة أو المسطحة على رؤوسها.
تعتبر العلاقات التطورية الدقيقة للهيبسيبما داخل فصيلة الهادروصوريات غير واضحة تمامًا بسبب الطبيعة المجزأة للبقايا الأحفورية المتاحة. ومع ذلك، تشير بعض الدراسات إلى أنه قد يكون مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالهادروصوريات الأخرى التي عاشت في شرق أمريكا الشمالية خلال العصر الطباشيري المتأخر، مثل “إدوكاساوروس” (Edmontosaurus) و”كريتوساوروس” (Kritosaurus).
الوصف
نظرًا لأن بقايا الهيبسيبما مجزأة، فمن الصعب الحصول على صورة كاملة عن مظهره العام. ومع ذلك، يمكننا استخلاص بعض الاستنتاجات بناءً على العظام المكتشفة وعلاقاته التطورية مع الهادروصوريات الأخرى. من المحتمل أن يكون الهيبسيبما ديناصورًا كبيرًا رباعي الأرجل، يبلغ طوله حوالي 9 أمتار ويزن عدة أطنان. من المحتمل أنه كان يمتلك منقارًا عريضًا مسطحًا وأسنانًا متراصة لطحن النباتات، وهي سمات مميزة للهادروصوريات.
تشير عظام الأطراف المكتشفة إلى أن الهيبسيبما كان يتمتع بأطراف قوية ومتينة، مما سمح له بالتنقل بسهولة عبر التضاريس المتنوعة في بيئته. من المحتمل أن يكون قد استخدم أطرافه الأمامية للتوازن والدعم أثناء الرعي على النباتات المنخفضة، بينما كانت أطرافه الخلفية تدفعه إلى الأمام.
لا يوجد دليل مباشر على وجود قمة عظمية على رأس الهيبسيبما، ولكن من الممكن أنه كان يمتلك قمة صغيرة أو مسطحة، كما هو الحال في بعض الهادروصورينيات الأخرى. كانت القمم العظمية تستخدم على الأرجح للعرض والتواصل بين أفراد النوع الواحد.
البيئة
عاش الهيبسيبما في منطقة شرق أمريكا الشمالية خلال العصر الطباشيري المتأخر (مرحلة الكامباني)، منذ حوالي 80 مليون سنة. في ذلك الوقت، كانت منطقة شرق أمريكا الشمالية عبارة عن سهل ساحلي دافئ ورطب، تغطيه الغابات الكثيفة والأهوار والمستنقعات. كانت هذه البيئة موطنًا لمجموعة متنوعة من الديناصورات الأخرى، بما في ذلك الديناصورات المدرعة (مثل النودوصورات)، والثيروبودات (مثل الدريبتوصورات)، والتيروصورات، والسلاحف، والتماسيح.
كان الهيبسيبما من الحيوانات العاشبة، وكان يعتمد على النباتات الوفيرة في بيئته للحصول على الغذاء. من المحتمل أنه كان يتغذى على مجموعة متنوعة من النباتات، بما في ذلك السرخسيات والسيكاديات والصنوبريات والأشجار المزهرة المبكرة. ربما كان الهيبسيبما يعيش في قطعان أو مجموعات صغيرة، مما يوفر له الحماية من الحيوانات المفترسة ويساعده في العثور على مصادر الغذاء.
تشير الأدلة الأحفورية إلى أن شرق أمريكا الشمالية خلال العصر الطباشيري المتأخر كانت منطقة ذات تنوع بيولوجي كبير، حيث تعايشت العديد من أنواع الديناصورات المختلفة في نفس البيئة. لعب الهيبسيبما دورًا مهمًا في هذا النظام البيئي، حيث كان يمثل جزءًا من السلسلة الغذائية ويساهم في توزيع البذور وتشكيل المناظر الطبيعية.
الأهمية العلمية
على الرغم من أن بقايا الهيبسيبما مجزأة، إلا أنها تمثل جزءًا مهمًا من فهمنا لتاريخ الديناصورات في شرق أمريكا الشمالية. يوفر الهيبسيبما معلومات قيمة حول تنوع الهادروصوريات وتوزيعها الجغرافي خلال العصر الطباشيري المتأخر. كما يساعدنا على فهم العلاقات التطورية بين الهادروصوريات المختلفة التي عاشت في أمريكا الشمالية وخارجها.
يعد الهيبسيبما أيضًا مثالًا مهمًا على كيفية تغير توزيع الديناصورات بمرور الوقت. خلال العصر الطباشيري المتأخر، كانت أمريكا الشمالية مقسمة إلى قسمين بواسطة بحر داخلي ضخم. أدى هذا التقسيم إلى تطور مجموعات مختلفة من الديناصورات في شرق وغرب أمريكا الشمالية. يمثل الهيبسيبما أحد الديناصورات التي تطورت في شرق أمريكا الشمالية، ويساعدنا على فهم الاختلافات بين الديناصورات التي عاشت في هذه المنطقة وتلك التي عاشت في غرب أمريكا الشمالية.
تستمر الأبحاث حول الهيبسيبما وبقايا الديناصورات الأخرى المكتشفة في ولاية كارولينا الشمالية في تقديم رؤى جديدة حول تاريخ الحياة في العصر الطباشيري المتأخر. يأمل العلماء في العثور على المزيد من البقايا الأحفورية الكاملة للهيبسيبما في المستقبل، مما سيساعدهم على فهم مظهره وسلوكه وعلاقاته التطورية بشكل أفضل.
خاتمة
هيبسيبما هو جنس منقرض من ديناصورات الهادروصوريات التي عاشت في شرق أمريكا الشمالية خلال العصر الطباشيري المتأخر. على الرغم من أن بقاياه مجزأة، إلا أنه يمثل جزءًا مهمًا من فهمنا لتنوع الديناصورات في هذه المنطقة. يوفر الهيبسيبما معلومات قيمة حول تطور الهادروصوريات وتوزيعها الجغرافي، ويساعدنا على فهم الاختلافات بين الديناصورات التي عاشت في شرق وغرب أمريكا الشمالية. تستمر الأبحاث حول الهيبسيبما في تقديم رؤى جديدة حول تاريخ الحياة في العصر الطباشيري المتأخر.