حياته المبكرة وتعليمه
ولد إريك شميدت في بادن بألمانيا عام 1897. تلقى تعليمه الأولي في ألمانيا، ثم هاجر إلى الولايات المتحدة في شبابه. التحق بجامعة كولومبيا، حيث درس الأنثروبولوجيا وعلم الآثار تحت إشراف فرانز بواس، أحد رواد الأنثروبولوجيا الحديثة. حصل شميدت على درجة الدكتوراه من جامعة كولومبيا في عام 1930، وكانت أطروحته تركز على الاكتشافات الأثرية في أمريكا الجنوبية. كان لتدريب شميدت في جامعة كولومبيا تحت إشراف بواس تأثير عميق على منهجه في علم الآثار، حيث أكد على أهمية السياق الثقافي والتحليل المنهجي للبيانات الأثرية.
مسيرته المهنية
بعد حصوله على الدكتوراه، بدأ إريك شميدت مسيرة مهنية متميزة في علم الآثار. انضم إلى المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي في نيويورك، حيث عمل في البداية كأمين مساعد. سرعان ما أظهر قدرات قيادية وإدارية، مما أهله لتولي مسؤولية تنظيم وإدارة العديد من المشاريع الأثرية الكبرى.
التنقيب في تل هيسار: في أوائل الثلاثينيات من القرن الماضي، قاد شميدت بعثة استكشافية إلى تل هيسار في شمال شرق إيران. كان تل هيسار موقعًا أثريًا مهمًا يعود تاريخه إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد. كشفت أعمال التنقيب التي قام بها شميدت عن أدلة على وجود حضارة متطورة ازدهرت في هذه المنطقة خلال العصر البرونزي. تضمنت الاكتشافات الأثرية في تل هيسار مجموعة متنوعة من القطع الأثرية، بما في ذلك الأواني الفخارية والأدوات البرونزية والمجوهرات والأسلحة. قدمت هذه الاكتشافات رؤى قيمة حول الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسكان تل هيسار القدماء.
التنقيب في برسيبوليس: بين عامي 1935 و 1939، قاد شميدت أعمال التنقيب في برسيبوليس، العاصمة الاحتفالية للإمبراطورية الأخمينية الفارسية. كانت برسيبوليس موقعًا ضخمًا يضم مجموعة متنوعة من القصور والمعابد والقاعات المزخرفة. كانت أعمال التنقيب التي قام بها شميدت في برسيبوليس واسعة النطاق وشملت توثيقًا دقيقًا للمعالم المعمارية والقطع الأثرية. اكتشف شميدت وفريقه العديد من النقوش والمنحوتات التي تصور مشاهد من الحياة الملكية والاحتفالات الدينية. ساهمت هذه الاكتشافات بشكل كبير في فهمنا لتاريخ وفن وهندسة الإمبراطورية الأخمينية.
مشروع مسح إيران: بالإضافة إلى أعمال التنقيب في تل هيسار وبرسيبوليس، أطلق شميدت مشروعًا طموحًا لمسح المواقع الأثرية في جميع أنحاء إيران. هدف هذا المشروع إلى تحديد وتوثيق المواقع الأثرية المحتملة قبل أن تتأثر بالتنمية الحديثة. استخدم شميدت تقنيات التصوير الجوي على نطاق واسع لتحديد المواقع الأثرية من الجو. ساعد هذا المشروع في إنشاء سجل شامل للتراث الأثري لإيران.
منهجه في علم الآثار
تميز منهج إريك شميدت في علم الآثار بالدقة والمنهجية. كان شميدت مؤمنًا بشدة بأهمية التوثيق الدقيق لجميع جوانب الموقع الأثري، بما في ذلك المعالم المعمارية والقطع الأثرية والسياق البيئي. استخدم شميدت تقنيات المسح والتصوير الفوتوغرافي المتقدمة لإنشاء سجلات مفصلة للمواقع التي نقب فيها. كما أكد على أهمية التعاون بين مختلف التخصصات العلمية، مثل الجيولوجيا وعلم النبات وعلم الحيوان، لفهم السياق الأوسع للموقع الأثري. كان شميدت أيضًا مدافعًا قويًا عن الحفاظ على المواقع الأثرية وحمايتها من التدمير.
إرثه
ترك إريك شميدت إرثًا دائمًا في مجال علم الآثار. ساهمت أعمال التنقيب التي قام بها في تل هيسار وبرسيبوليس ومشروع مسح إيران بشكل كبير في فهمنا للحضارات القديمة في بلاد فارس. كان شميدت رائدًا في استخدام التقنيات الحديثة في علم الآثار، مثل التصوير الجوي والتحليل المخبري للقطع الأثرية. كان أيضًا معلمًا وملهمًا للعديد من علماء الآثار الشباب، الذين واصلوا حمل إرثه من البحث والاستكشاف. لا تزال منشورات شميدت حول علم الآثار في إيران تعتبر من الأعمال الكلاسيكية في هذا المجال.
- اكتشافات تل هيسار: كشفت أعمال التنقيب التي قام بها شميدت في تل هيسار عن أدلة على وجود حضارة متطورة ازدهرت في شمال شرق إيران خلال العصر البرونزي.
- توثيق برسيبوليس: ساهمت أعمال التنقيب التي قام بها شميدت في برسيبوليس بشكل كبير في فهمنا لتاريخ وفن وهندسة الإمبراطورية الأخمينية.
- مشروع مسح إيران: ساعد مشروع مسح إيران الذي أطلقه شميدت في إنشاء سجل شامل للتراث الأثري لإيران.
جوائز وتكريمات
تقديراً لمساهماته البارزة في علم الآثار، حصل إريك شميدت على العديد من الجوائز والتكريمات خلال حياته المهنية. انتخب زميلاً في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم، وهي جمعية مرموقة تكرم الإنجازات المتميزة في العلوم والفنون. حصل أيضًا على ميدالية الخدمة المتميزة من المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي، اعترافًا بجهوده في تعزيز البحث الأثري والحفاظ على التراث الثقافي. بالإضافة إلى ذلك، تم تكريم شميدت من قبل العديد من المؤسسات العلمية والأكاديمية في جميع أنحاء العالم.
منشوراته الرئيسية
نشر إريك شميدت العديد من الكتب والمقالات حول علم الآثار في إيران. تشمل منشوراته الرئيسية:
- Excavations at Tepe Hissar, Damghan (1931)
- Persepolis I: Structures, Reliefs, Inscriptions (1953)
- Persepolis II: Contents of the Treasury and Other Discoveries (1957)
- Persepolis III: The Royal Tombs and Other Monuments (1970)
تعتبر هذه المنشورات من المصادر الأساسية للباحثين والطلاب المهتمين بتاريخ وعلم الآثار في إيران القديمة.
تأثيره على علم الآثار
كان لإريك شميدت تأثير كبير على تطور علم الآثار كعلم. أكد على أهمية التوثيق الدقيق والتحليل المنهجي للبيانات الأثرية. كما كان مدافعًا قويًا عن التعاون بين مختلف التخصصات العلمية لفهم السياق الأوسع للموقع الأثري. ساهمت أعمال شميدت في تطوير تقنيات جديدة في علم الآثار، مثل التصوير الجوي والتحليل المخبري للقطع الأثرية. ألهم شميدت العديد من علماء الآثار الشباب لمتابعة مهن في هذا المجال. كان إرثه لا يزال يشعر به في البحث الأثري اليوم.
خاتمة
كان إريك شميدت شخصية بارزة في علم الآثار، حيث قدم مساهمات كبيرة في فهمنا للحضارات القديمة في بلاد فارس. من خلال أعمال التنقيب الدقيقة في تل هيسار وبرسيبوليس، ومشروع المسح الشامل لإيران، ترك إرثًا دائمًا أثرى معرفتنا بالتاريخ والثقافة في الشرق الأدنى القديم. يبقى إرثه مصدر إلهام لعلماء الآثار والباحثين في جميع أنحاء العالم.