الاكتشاف والتسمية
اكتُشف غريسليوصور لأول مرة في سويسرا، وتم وصفه وتسميته في الأصل بواسطة جاكوب فراي في عام 1932 تحت اسم “بلاتيوصور مينور” (Plateosaurus minor). ومع ذلك، أدرك لاحقًا أن هذا النوع يختلف بشكل كبير عن البلاتيوصور النموذجي، مما استدعى إعادة تصنيفه.
في عام 1976، قام بيتر جالينتون بإعادة تسمية النوع ليصبح “غريسليوصور مينور” (Gresslyosaurus minor)، تكريمًا لعالم الجيولوجيا السويسري أمانز غريسلي، الذي كان له دور فعال في دراسة الصخور التي عُثر فيها على الأحافير. الاسم العام “غريسليوصور” يعني حرفيًا “سحلية غريسلي”.
التصنيف
يعتبر غريسليوصور من أوائل عظائيات الأرجل، وهي مجموعة من الديناصورات العاشبة طويلة العنق التي ازدهرت خلال العصر الجوراسي والعصر الطباشيري. يُصنف غريسليوصور ضمن فصيلة Plateosauridae، وهي مجموعة من عظائيات الأرجل المبكرة التي تميزت بأجسامها النحيلة وأعناقها الطويلة نسبيًا.
على مر السنين، كان هناك بعض الجدل حول التصنيف الدقيق لغريسليوصور. اعتبره بعض الباحثين مرادفًا لجنس بلاتيوصور (Plateosaurus) الأكثر شهرة، بينما رأى آخرون أنه جنس متميز. تشير الدراسات الحديثة إلى أن غريسليوصور يمثل جنسًا منفصلاً، ولكنه وثيق الصلة ببلاتيوصور.
الوصف الجسدي
كان غريسليوصور ديناصورًا متوسط الحجم مقارنةً بعظائيات الأرجل الأخرى. تشير التقديرات إلى أنه كان يبلغ طوله حوالي 4 إلى 6 أمتار ويزن عدة مئات من الكيلوغرامات. كان لديه جسم نحيل وأطراف خلفية قوية، مما يشير إلى أنه كان قادرًا على المشي على قدمين.
الجمجمة: على الرغم من عدم العثور على جمجمة كاملة لغريسليوصور، إلا أن العظام الجزئية للجمجمة المعروفة تشير إلى أنها كانت صغيرة نسبيًا وممدودة. كانت الأسنان بسيطة ومخروطية الشكل، ومصممة لتقطيع النباتات.
العنق: كان لدى غريسليوصور عنق طويل ومرن، مما سمح له بالوصول إلى النباتات العالية. تتكون الرقبة من عدد كبير من الفقرات المطولة، مما يمنحها نطاقًا واسعًا من الحركة.
الجسم: كان جسم غريسليوصور نحيلًا نسبيًا، مع صدر ضيق وبطن صغير. كانت الأطراف الأمامية أقصر من الأطراف الخلفية، ولكنها كانت لا تزال قوية بما يكفي لدعم وزن الحيوان.
الذيل: كان لدى غريسليوصور ذيل طويل ومتوازن، والذي ربما استخدمه لتحقيق الاستقرار أثناء المشي أو الجري. يتكون الذيل من عدد كبير من الفقرات الصغيرة، مما يمنحه مرونة كبيرة.
النظام الغذائي
كان غريسليوصور حيوانًا عاشبًا، وكان يتغذى على مجموعة متنوعة من النباتات. بفضل عنقه الطويل، كان قادرًا على الوصول إلى أوراق الشجر العالية، بينما كانت أسنانه البسيطة مناسبة لتقطيع النباتات الأكثر ليونة.
من المحتمل أن يكون غريسليوصور قد تناول مجموعة متنوعة من النباتات، بما في ذلك السرخس والسيكاد والصنوبريات. ربما كان يتناول أيضًا النباتات الأرضية الصغيرة مثل الطحالب والأشنات.
البيئة
عاش غريسليوصور خلال العصر الترياسي المتأخر، وهي فترة زمنية تميزت بمناخ دافئ ورطب. كانت سويسرا في ذلك الوقت جزءًا من قارة بانجيا العظمى، وكانت تتمتع بمناخ استوائي إلى شبه استوائي.
كانت البيئة التي عاش فيها غريسليوصور عبارة عن غابات كثيفة وسهول فيضية، مع وفرة من النباتات والحيوانات. شارك غريسليوصور موطنه مع مجموعة متنوعة من الديناصورات الأخرى، بما في ذلك الثيروبودات الصغيرة والتماسيح البدائية.
الأهمية الأحفورية
تعتبر أحافير غريسليوصور مهمة لأنها توفر نظرة ثاقبة على التطور المبكر لعظائيات الأرجل. يساعد غريسليوصور العلماء على فهم كيفية تطور هذه الديناصورات العملاقة من أسلافها الأصغر حجمًا والأكثر رشاقة.
بالإضافة إلى ذلك، توفر أحافير غريسليوصور معلومات قيمة حول البيئة والمناخ في سويسرا خلال العصر الترياسي المتأخر. تساعد هذه المعلومات العلماء على إعادة بناء التاريخ القديم لهذه المنطقة.
الأبحاث الحديثة
لا يزال غريسليوصور موضوعًا للدراسة من قبل علماء الحفريات حول العالم. تركز الأبحاث الحديثة على تصنيف وعلاقات غريسليوصور، بالإضافة إلى بيولوجيته وسلوكه.
على سبيل المثال، استخدمت دراسة حديثة التصوير المقطعي المحوسب (CT) لفحص عظام غريسليوصور بتفصيل كبير. كشفت هذه الدراسة عن معلومات جديدة حول بنية العظام وكيفية نموها. كما ساعدت على تحديد بعض الاختلافات الرئيسية بين غريسليوصور وبلاتيوصور.
تهدف الأبحاث الأخرى إلى فهم أفضل للنظام الغذائي لغريسليوصور. يدرس العلماء تآكل الأسنان وعلامات الخدش على الأسنان لتحديد أنواع النباتات التي كان يتناولها غريسليوصور.
خاتمة
غريسليوصور هو جنس من ديناصورات عظائيات الأرجل شبيهة طبقية عاشت خلال العصر الترياسي المتأخر. على الرغم من أنه أقل شهرة من قريبه بلاتيوصور، إلا أن غريسليوصور يوفر معلومات قيمة حول التطور المبكر لعظائيات الأرجل وبيئة سويسرا القديمة. الأبحاث المستمرة تلقي المزيد من الضوء على هذا الديناصور المثير للاهتمام.