أعلام تاريخ دراسات إسلامية مستشرقون

كليفورد إدموند بوسورث (Clifford Edmund Bosworth)

- بوسورث, تاريخ إسلامي, مؤرخ, مستشرق

مقدمة

كليفورد إدموند بوسورث (بالإنجليزية: Clifford Edmund Bosworth)‏، زميل الأكاديمية البريطانية (29 ديسمبر 1928 – 28 فبراير 2015)، كان مؤرخًا ومستشرقًا إنجليزيًا، متخصصًا في الدراسات العربية والإيرانية والتركية. اشتهر بإسهاماته الكبيرة في فهم تاريخ وآداب وثقافة العالم الإسلامي في العصور الوسطى. يعتبر بوسورث من أبرز الشخصيات الأكاديمية في القرن العشرين والحادي والعشرين في مجال الدراسات الشرق أوسطية.

حياته وتعليمه

ولد كليفورد إدموند بوسورث في 29 ديسمبر 1928. تلقى تعليمه في مدرسة “هامبشير” ثم التحق بكلية سانت جونز في جامعة أكسفورد. حصل على درجة البكالوريوس في الآداب (BA) في عام 1950، ثم الدكتوراه (PhD) في عام 1956. ركزت أبحاثه في أكسفورد على التاريخ الإسلامي، مما وضعه على المسار ليصبح واحدًا من أبرز المستشرقين في العالم.

مسيرته الأكاديمية

بعد حصوله على الدكتوراه، بدأ بوسورث مسيرته الأكاديمية كمحاضر في جامعة إدنبرة في عام 1956. ثم انتقل إلى جامعة مانشستر في عام 1961، حيث عمل كأستاذ للدراسات الشرقية. خلال فترة عمله في مانشستر، أشرف على العديد من طلاب الدراسات العليا وأسهم في تطوير المناهج الدراسية المتعلقة بالدراسات الإسلامية والشرق أوسطية. تقاعد من جامعة مانشستر في عام 1990، لكنه استمر في البحث والكتابة حتى وفاته في عام 2015.

إسهاماته العلمية

تميزت مسيرة بوسورث العلمية بالإنتاج الغزير والعمق في التحليل. نشر العديد من الكتب والمقالات التي تعتبر مرجعًا أساسيًا للباحثين في الدراسات الإسلامية. من أبرز إسهاماته:

  • “السلالات الإسلامية الجديدة: دليل زمني ونسبي” (The New Islamic Dynasties: A Chronological and Genealogical Manual): يعتبر هذا الكتاب مرجعًا شاملاً للسلالات الحاكمة في العالم الإسلامي، ويقدم معلومات مفصلة عن تاريخها وأنسابها.
  • “تاريخ إيران الكمبريدج، المجلد الرابع: من الغزو العربي إلى السلاجقة” (The Cambridge History of Iran, Volume 4: From the Arab Invasion to the Saljuqs): ساهم بوسورث بشكل كبير في هذا المجلد، حيث قدم تحليلات مفصلة للتاريخ السياسي والاجتماعي والثقافي لإيران في العصور الوسطى.
  • “موسوعة الإسلام” (Encyclopaedia of Islam): شارك بوسورث في كتابة العديد من المقالات في هذه الموسوعة، والتي تعتبر مرجعًا أساسيًا للدراسات الإسلامية.
  • “الدولة والغارات في خراسان الإسلامية” (The Ghaznavids: Their Empire in Afghanistan and Eastern Iran 994–1040): يقدم هذا الكتاب دراسة مفصلة لتاريخ الدولة الغزنوية، التي حكمت أجزاء واسعة من أفغانستان وإيران في القرنين العاشر والحادي عشر الميلاديين.

منهجه العلمي

اتبع بوسورث منهجًا علميًا دقيقًا في أبحاثه، حيث اعتمد على المصادر الأولية والتاريخية المتنوعة. كان يتميز بالدقة في التحليل والحيادية في الطرح، مما جعله يحظى بتقدير كبير من قبل الباحثين في مختلف أنحاء العالم. كما كان يتميز بالقدرة على الربط بين الأحداث التاريخية المختلفة وتقديم صورة شاملة للتطورات التي شهدها العالم الإسلامي في العصور الوسطى.

أعماله الرئيسية

تشمل أعمال بوسورث الرئيسية ما يلي:

  • “السلالات الإسلامية الجديدة: دليل زمني ونسبي” (The New Islamic Dynasties: A Chronological and Genealogical Manual)

    • نُشر هذا الكتاب عام 1967، ويعد مرجعًا أساسيًا لتاريخ السلالات الحاكمة في العالم الإسلامي. يتميز الكتاب بتغطيته الشاملة وتقديمه لمعلومات دقيقة حول الأنساب والتسلسل الزمني للحكام.

  • “الدولة والغارات: تاريخ الدولة الغزنوية” (The Ghaznavids: Their Empire in Afghanistan and Eastern Iran 994–1040)

    • صدر هذا الكتاب عام 1963، وهو دراسة متعمقة للدولة الغزنوية التي حكمت أجزاء واسعة من آسيا الوسطى وإيران. يقدم الكتاب تحليلاً مفصلاً للتاريخ السياسي والعسكري والثقافي لهذه الدولة.

  • “سيستان في العصور الوسطى” (Sistan under the Arabs, from the Islamic Conquest to the Rise of the Saffarids (30-250/651-864))

    • نشر هذا الكتاب عام 1968، ويتناول تاريخ منطقة سيستان في الفترة الممتدة من الفتح الإسلامي حتى ظهور الدولة الصفارية. يقدم الكتاب نظرة ثاقبة على التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في هذه المنطقة.

  • مساهماته في “موسوعة الإسلام” (Encyclopaedia of Islam)

    • شارك بوسورث في كتابة العديد من المقالات في “موسوعة الإسلام”، وهي مرجع أساسي للدراسات الإسلامية. تناولت مقالاته مواضيع متنوعة تتعلق بالتاريخ والجغرافيا والأدب الإسلامي.

  • “تاريخ الطبري” (The History of al-Tabari) (مترجم)

    • قام بوسورث بترجمة أجزاء من “تاريخ الطبري” إلى اللغة الإنجليزية، مما ساهم في إتاحة هذا العمل التاريخي الهام لجمهور أوسع من القراء.

تكريمه وجوائزه

تقديرًا لإسهاماته العلمية، حصل بوسورث على العديد من الجوائز والتكريمات، بما في ذلك:

  • انتخابه زميلًا في الأكاديمية البريطانية (FBA).
  • حصوله على ميدالية السير هاملتون جيب من جامعة هارفارد.
  • تكريمه من قبل العديد من المؤسسات الأكاديمية في مختلف أنحاء العالم.

تأثيره على الدراسات الإسلامية

كان لكليفورد إدموند بوسورث تأثير كبير على الدراسات الإسلامية، حيث ساهم في تطوير هذا المجال ورفع مستوى البحث العلمي فيه. ألهمت أعماله العديد من الباحثين والطلاب، ولا تزال تعتبر مرجعًا أساسيًا للباحثين في الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية. كما كان له دور فعال في تعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة من خلال نشر المعرفة حول تاريخ وثقافة العالم الإسلامي.

حياته الشخصية

كان بوسورث يتمتع بشخصية متواضعة ومرحة، وكان يحظى بشعبية كبيرة بين زملائه وطلابه. كان محبًا للقراءة والسفر، وقضى الكثير من الوقت في استكشاف الثقافات المختلفة. كما كان مهتمًا بالموسيقى والفنون، وكان يحرص على حضور الحفلات الموسيقية والمعارض الفنية.

وفاته

توفي كليفورد إدموند بوسورث في 28 فبراير 2015، عن عمر يناهز 86 عامًا. ترك وراءه إرثًا علميًا كبيرًا سيظل يلهم الباحثين والطلاب في الدراسات الإسلامية لسنوات عديدة قادمة.

خاتمة

كان كليفورد إدموند بوسورث شخصية بارزة في مجال الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية. من خلال أبحاثه وكتاباته، أسهم بشكل كبير في فهم تاريخ وثقافة العالم الإسلامي في العصور الوسطى. سيظل إرثه العلمي مصدر إلهام للباحثين والطلاب في هذا المجال لسنوات عديدة قادمة، وسيظل اسمه محفورًا في ذاكرة التاريخ كواحد من أعظم المستشرقين في العصر الحديث.

المراجع

مقالات مرتبطة