حياته المبكرة وتعليمه
ولد أندريه ماري أمبير في ليون بفرنسا، لعائلة ثرية. كان والده، جان جاك أمبير، تاجرًا ناجحًا، حرص على توفير تعليم جيد لابنه. تلقى أمبير تعليمه في المنزل، حيث أظهر نبوغًا مبكرًا في الرياضيات والعلوم. كان يتمتع بذاكرة قوية وقدرة استثنائية على التعلم الذاتي. يقال إنه أتقن حساب التفاضل والتكامل في سن الثانية عشرة، وقرأ جميع مقالات الموسوعة الفرنسية بحلول سن الثالثة عشرة.
لسوء الحظ، واجهت حياة أمبير المبكرة مأساة كبيرة. في عام 1793، أُعدم والده خلال الثورة الفرنسية، مما أثر عليه بشدة. ومع ذلك، استمر أمبير في دراسته، وعمل كمدرس خاص لتمويل تعليمه. في عام 1802، عُيّن أستاذًا للفيزياء والكيمياء في المدرسة المركزية في بورغ أون بريس، ثم انتقل لاحقًا إلى مدرسة ليون.
إسهاماته العلمية
بدأ أمبير مسيرته العلمية بدراسة الرياضيات، حيث قدم مساهمات مهمة في نظرية الاحتمالات وحساب التكامل. لكن شهرته الأساسية تعود إلى عمله الرائد في مجال الكهرومغناطيسية. بعد اكتشاف هانز كريستيان أورستد في عام 1820 أن التيار الكهربائي ينتج مجالًا مغناطيسيًا، انطلق أمبير في سلسلة من التجارب والأبحاث التي أدت إلى اكتشافات مهمة.
من أهم إسهامات أمبير:
- قانون أمبير: وضع أمبير قانونًا يصف العلاقة بين التيار الكهربائي والمجال المغناطيسي الذي ينتجه. ينص القانون على أن التكامل الخطي للمجال المغناطيسي حول أي مسار مغلق يتناسب مع التيار الكهربائي الذي يمر عبر هذا المسار. يُعتبر قانون أمبير أساسًا مهمًا في الكهرومغناطيسية، ويستخدم في حساب المجالات المغناطيسية الناتجة عن توزيعات مختلفة للتيار.
- القوة المتبادلة بين الأسلاك الحاملة للتيار: اكتشف أمبير أن الأسلاك التي تحمل تيارات كهربائية تؤثر على بعضها البعض بقوة. إذا كان التياران في نفس الاتجاه، تتجاذب الأسلاك، وإذا كانا في اتجاهين متعاكسين، تتنافر الأسلاك. وضع أمبير قانونًا كميًا يصف هذه القوة، ويعتمد على مقدار التيارات والمسافة بين الأسلاك.
- نظرية الكهروديناميكية: طور أمبير نظرية شاملة للكهروديناميكية، تصف التفاعلات بين الشحنات الكهربائية المتحركة. اعتبر أمبير أن المغناطيسية ناتجة عن دوران تيارات كهربائية صغيرة داخل المادة، وهو مفهوم كان سابقًا لعصره.
- اختراع الجلفانومتر: ساهم أمبير في تطوير الجلفانومتر، وهو جهاز يستخدم لقياس التيارات الكهربائية الصغيرة. يعتمد الجلفانومتر على مبدأ تأثير المجال المغناطيسي على سلك يحمل تيارًا كهربائيًا.
حياته اللاحقة
في عام 1824، عُيّن أمبير أستاذًا للفيزياء التجريبية في كوليج دو فرانس في باريس، وهو منصب شغله حتى وفاته. خلال هذه الفترة، واصل أمبير أبحاثه في الكهرومغناطيسية، ونشر العديد من الأعمال المهمة، بما في ذلك كتابه الشهير “نظرية الظواهر الكهروديناميكية المستنتجة بشكل فريد من التجربة” (Théorie des phénomènes électrodynamiques, uniquement déduite de l’expérience) الذي نُشر عام 1827. هذا الكتاب يعتبر من أهم الأعمال في تاريخ الكهرومغناطيسية، حيث قدم عرضًا شاملاً لنظريات أمبير وتجاربه.
بالإضافة إلى عمله في الكهرومغناطيسية، اهتم أمبير بالفلسفة والعلوم الإنسانية. كان لديه اهتمام خاص بالتصنيف العلمي، وحاول تطوير نظام شامل لتصنيف جميع العلوم والمعارف. كما كان مهتمًا باللغويات والفلسفة.
توفي أندريه ماري أمبير في مارسيليا بفرنسا في 10 يونيو 1836، عن عمر يناهز 61 عامًا. دُفن في مقبرة مونمارتر في باريس. ترك أمبير إرثًا علميًا كبيرًا، ولا يزال عمله يُدرس ويُستخدم حتى اليوم.
تكريمه
تكريمًا لإسهاماته الكبيرة في علم الكهرومغناطيسية، سُميت وحدة قياس التيار الكهربائي باسمه، الأمبير (Ampere). بالإضافة إلى ذلك، تحمل العديد من الشوارع والمدارس والمؤسسات العلمية اسمه في فرنسا وجميع أنحاء العالم.
خاتمة
أندريه ماري أمبير كان عالمًا فرنسيًا بارزًا في الفيزياء والرياضيات، ويُعتبر أحد مؤسسي علم الكهرومغناطيسية. قدم إسهامات كبيرة في فهم العلاقة بين الكهرباء والمغناطيسية، ووضع قوانين أساسية تصف هذه العلاقة. سُميت وحدة قياس التيار الكهربائي باسمه تكريمًا له. لقد كان لأبحاثه وتجاربه تأثير كبير على تطور العلوم والتكنولوجيا، ولا يزال عمله يُدرس ويُستخدم حتى اليوم.