<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد آرثر زاردن في هامبورغ عام 1885 لعائلة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة. تلقى تعليمه الأولي في مدارس هامبورغ، حيث أظهر تفوقًا أكاديميًا مبكرًا. بعد الانتهاء من دراسته الثانوية، التحق بجامعة هامبورغ لدراسة القانون والاقتصاد. خلال فترة دراسته، أظهر زاردن اهتمامًا خاصًا بالمالية العامة والسياسة الضريبية، مما دفعه إلى التركيز على هذه المجالات في أبحاثه ودراساته.
حصل زاردن على الدكتوراه في القانون من جامعة هامبورغ، وكانت أطروحته تدور حول الضرائب على الشركات وتأثيرها على الاستثمار. بعد التخرج، عمل لفترة قصيرة كمساعد باحث في الجامعة قبل أن ينتقل إلى الخدمة الحكومية.
مسيرته المهنية في الخدمة الحكومية
بدأ زاردن مسيرته المهنية في الخدمة الحكومية في وزارة المالية الألمانية في برلين. سرعان ما أثبت نفسه كخبير في مجال الضرائب، وتم ترقيته بسرعة إلى مناصب قيادية. خلال جمهورية فايمار، لعب زاردن دورًا حاسمًا في تطوير السياسات الضريبية التي تهدف إلى استقرار الاقتصاد الألماني المتدهور.
كان زاردن من المؤيدين الرئيسيين لإصلاح النظام الضريبي الألماني، وكان يعتقد أن تبسيط القوانين الضريبية سيشجع الاستثمار ويحسن الامتثال الضريبي. قاد العديد من اللجان التي عملت على تطوير قوانين ضريبية جديدة، بما في ذلك قانون ضريبة الشركات لعام 1925، الذي يعتبر علامة فارقة في تاريخ الضرائب الألمانية.
دوره في الحقبة النازية
مع صعود الحزب النازي إلى السلطة في عام 1933، واجه زاردن تحديات جديدة. على الرغم من أنه لم يكن عضوًا في الحزب النازي، إلا أنه استمر في العمل في وزارة المالية، حيث تم تكليفه بتطوير سياسات ضريبية لدعم أهداف النظام النازي. كان زاردن يدرك تمامًا الطبيعة الإجرامية للنظام النازي، لكنه اختار البقاء في منصبه اعتقادًا منه بأنه يستطيع أن يكون له تأثير إيجابي من الداخل.
خلال الحقبة النازية، شارك زاردن في تطوير قوانين ضريبية تهدف إلى تمويل التوسع العسكري وإعادة التسلح. كما لعب دورًا في تطبيق القوانين الضريبية التي استهدفت الأقليات، وخاصة اليهود. يعتبر هذا الجانب من مسيرته المهنية مثيرًا للجدل، حيث يرى البعض أنه كان متواطئًا في جرائم النظام النازي.
يجادل آخرون بأن زاردن كان ضحية للظروف، وأنه لم يكن لديه خيار سوى التعاون مع النظام النازي من أجل حماية نفسه وعائلته. يشيرون إلى أنه لم يكن عضوًا في الحزب النازي، وأنه لم يشارك بشكل مباشر في أي من الجرائم التي ارتكبها النظام.
إصلاحات زاردن الضريبية
بغض النظر عن الجدل المحيط بدوره في الحقبة النازية، لا يمكن إنكار أن زاردن كان له تأثير كبير على النظام الضريبي الألماني. كان من دعاة تبسيط القوانين الضريبية، وكان يعتقد أن نظامًا ضريبيًا شفافًا وعادلاً سيشجع الامتثال الضريبي ويحسن الكفاءة الاقتصادية. من بين أهم إصلاحاته:
- قانون ضريبة الشركات لعام 1925: يعتبر هذا القانون علامة فارقة في تاريخ الضرائب الألمانية. قام بتبسيط القوانين الضريبية على الشركات، وخفض معدلات الضريبة، وقدم حوافز ضريبية للاستثمار.
- إصلاح ضريبة الدخل: عمل زاردن على إصلاح ضريبة الدخل، بهدف جعلها أكثر عدالة وتقدمية. قدم نظامًا جديدًا للخصومات والإعفاءات الضريبية، ورفع معدلات الضريبة على الدخول المرتفعة.
- تبسيط الإجراءات الضريبية: قام زاردن بتبسيط الإجراءات الضريبية، مما جعلها أسهل على دافعي الضرائب فهمها والامتثال لها. قدم نماذج ضريبية جديدة، وقام بتدريب الموظفين الحكوميين على مساعدة دافعي الضرائب.
وفاته وإرثه
توفي آرثر زاردن في برلين في 18 يناير 1944، عن عمر يناهز 58 عامًا. على الرغم من أن سبب وفاته لم يتم الكشف عنه بالكامل، إلا أنه يعتقد أنه توفي بسبب مضاعفات صحية تفاقمت بسبب ضغوط الحرب. تركت وفاته فراغًا كبيرًا في وزارة المالية الألمانية، حيث كان يعتبر أحد أبرز الخبراء في مجال الضرائب.
لا يزال إرث زاردن مثيرًا للجدل حتى يومنا هذا. يرى البعض أنه كان خبيرًا ضريبيًا لامعًا ساهم في تطوير النظام الضريبي الألماني، بينما يرى آخرون أنه كان متواطئًا في جرائم النظام النازي. بغض النظر عن وجهة النظر، لا يمكن إنكار أن زاردن كان شخصية مهمة في تاريخ الضرائب الألمانية، وأن عمله لا يزال يؤثر على السياسات الضريبية الألمانية حتى اليوم.
خاتمة
كان آرثر زاردن شخصية محورية في تطوير التشريعات الضريبية الألمانية خلال فترة مضطربة من التاريخ. على الرغم من أن مساهماته في تبسيط النظام الضريبي وإصلاحه لا يمكن إنكارها، إلا أن ارتباطه بالنظام النازي يظل وصمة عار في مسيرته المهنية. يعتبر زاردن مثالًا معقدًا لشخصية تاريخية يجب تقييمها في سياق الظروف الصعبة التي واجهها.