الأصول والتاريخ المبكر
تعود أصول اللومبارديين إلى منطقة جرمانيا، وقد هاجروا إلى إيطاليا في القرن السادس الميلادي، بقيادة الملك ألبوين. استقروا في البداية في سهل البو، وأسسوا مملكة لومبارديا وعاصمتها بافيا. ومع ذلك، لم يتمكن اللومبارديون من السيطرة الكاملة على شبه الجزيرة الإيطالية، وظلت مناطق واسعة تحت السيطرة البيزنطية، بما في ذلك إكسرخسية رافينا، ودوقية روما، ومناطق في الجنوب.
في الجنوب، أسس اللومبارديون دوقيتين قويتين: سبوليتو وبينيفينتو. كانت دوقية سبوليتو تقع في وسط إيطاليا، بينما كانت دوقية بينيفينتو تقع في الجنوب. تميزت هاتان الدوقيتان باستقلالهما النسبي عن المملكة اللومباردية في الشمال، وغالبًا ما كانتا تسعيان إلى تحقيق مصالحهما الخاصة، سواء في الحرب أو في السلام.
العلاقات مع الإمبراطورية البيزنطية
كانت العلاقات بين لونغوبارديا والإمبراطورية البيزنطية معقدة ومتغيرة. في بعض الأحيان، كانت الدوقيات اللومباردية في حالة حرب مع البيزنطيين، بينما في أحيان أخرى كانت متحالفة معهم ضد تهديدات أخرى. على سبيل المثال، تحالفت دوقية بينيفينتو مع البيزنطيين في القرن التاسع الميلادي ضد الغزو العربي لصقلية.
كان البيزنطيون يحتفظون بمجموعة من الممتلكات في إيطاليا الجنوبية، وكانت تُعرف باسم كاتبانية إيطاليا. كانت هذه الممتلكات بمثابة نقطة ارتكاز للنفوذ البيزنطي في المنطقة، وغالبًا ما كانت مصدرًا للصراع مع اللومبارديين.
السقوط التدريجي
بعد سقوط مملكة لومبارديا في عام 774 م، استمرت دوقيات سبوليتو وبينيفينتو في الوجود. ومع ذلك، فقد ضعفتا تدريجيًا بسبب الصراعات الداخلية والضغوط الخارجية. في القرن الحادي عشر الميلادي، غزا النورمان جنوب إيطاليا، واستولوا على بينيفينتو وسبوليتو، منهين بذلك حكم اللومبارديين في المنطقة.
التراث الثقافي
تركت لونغوبارديا إرثًا ثقافيًا هامًا في جنوب إيطاليا. أثرت العمارة والفن اللومباردي على التطورات اللاحقة في المنطقة. كما كان للغة اللومباردية تأثير على اللهجات الإيطالية الجنوبية.
كان اللومبارديون محاربين أقوياء، وكانوا معروفين بمهاراتهم في صناعة الأسلحة. كما كانوا أيضًا رعاة للفنون والعلوم، وقد بنوا العديد من الكنائس والأديرة في جنوب إيطاليا.
تعد كنيسة سانتا صوفيا في بينيفينتو مثالًا رائعًا على العمارة اللومباردية. تم بناء هذه الكنيسة في القرن الثامن الميلادي، وتتميز بتصميمها الفريد وزخارفها الغنية.
لونغوبارديا و مملكة صقلية
في القرن الحادي عشر، شهدت المنطقة تحولات كبيرة، بما في ذلك ظهور النورمان كقوة مهيمنة. أدت الغزوات النورمانية إلى إنشاء مملكة صقلية، التي ضمت أجزاء كبيرة من لونغوبارديا السابقة. كانت المملكة الجديدة مزيجًا من التأثيرات الثقافية، بما في ذلك النورمانديون واللومبارديون والبيزنطيون والعرب، مما أدى إلى فترة فريدة من الازدهار الثقافي والفني.
بينما سيطر النورمان على السلطة السياسية والعسكرية، استمر اللومبارديون في لعب دور مهم في المجتمع. احتفظوا بمناصب بارزة في الحكومة والكنيسة والجيش، وساهموا في التنمية الاقتصادية والثقافية للمملكة. أدى وجودهم المستمر إلى مزيج من التقاليد والعادات، مما أثرى الهوية الثقافية للمنطقة.
الآثار اللغوية
تركت اللغة اللومباردية بصماتها على اللهجات الإيطالية الجنوبية. يعتقد العديد من اللغويين أن بعض الكلمات والعبارات المستخدمة في هذه اللهجات مشتقة من اللغة اللومباردية. يمكن رؤية هذا التأثير في المفردات والقواعد والنطق، مما يسلط الضوء على التأثير الدائم للغة اللومباردية على المنطقة.
على الرغم من أن اللغة اللومباردية لم تعد منطوقة على نطاق واسع كلغة منفصلة، إلا أن آثارها لا تزال محسوسة في المنطقة. من خلال دراسة اللهجات الإيطالية الجنوبية، يمكن للباحثين الحصول على نظرة ثاقبة حول التاريخ اللغوي للونغوبارديا وفهم تطور المنطقة اللغوي بشكل أفضل.
لونغوبارديا في الفن والأدب
كان للونغوبارديا تأثير كبير على الفن والأدب في جنوب إيطاليا. يمكن رؤية تأثير الفن اللومباردي في تصميم الكنائس والمباني الأخرى التي تم بناؤها خلال هذه الفترة. يمكن رؤية تأثير الأدب اللومباردي في الحكايات الشعبية والأساطير التي تناقلتها الأجيال.
استخدم الفنانون والكتاب في جنوب إيطاليا لونغوبارديا كمصدر إلهام لأعمالهم. لقد صوروا تاريخ وثقافة المنطقة في لوحاتهم ومنحوتاتهم وكتاباتهم. من خلال فنهم وأدبهم، ساعدوا في الحفاظ على ذاكرة لونغوبارديا للأجيال القادمة.
لونغوبارديا اليوم
اليوم، لا تزال ذكرى لونغوبارديا حية في جنوب إيطاليا. يمكن رؤية تأثير اللومبارديين في ثقافة وعادات المنطقة. يمكن رؤية تأثير العمارة اللومباردية في تصميم الكنائس والمباني الأخرى التي تم بناؤها خلال هذه الفترة. يمكن رؤية تأثير الأدب اللومباردي في الحكايات الشعبية والأساطير التي تناقلتها الأجيال.
يأتي السياح من جميع أنحاء العالم لزيارة المواقع التاريخية لـ لونغوبارديا. يمكنهم استكشاف الكنائس القديمة والقلاع والمباني الأخرى التي تم بناؤها خلال هذه الفترة. يمكنهم أيضًا التعرف على تاريخ وثقافة المنطقة من خلال زيارة المتاحف والمواقع التاريخية الأخرى.
خاتمة
كانت لونغوبارديا منطقة تاريخية مهمة في جنوب إيطاليا. حكم اللومبارديون هذه المنطقة لعدة قرون، وتركوا وراءهم إرثًا ثقافيًا هامًا. على الرغم من أنهم سقطوا في النهاية في أيدي النورمان، إلا أن ذاكرتهم لا تزال حية في جنوب إيطاليا اليوم.