مقدمة
العطيفة الجنينية (Campylobacter fetus) هي نوع من البكتيريا عصوية الشكل، سلبية الغرام، تنتمي إلى جنس العطيفة (Campylobacter) ضمن شعبة المتقلبات (Pseudomonadota). تعتبر هذه البكتيريا من مسببات الأمراض الحيوانية والإنسانية، وتشتهر بقدرتها على إحداث الإجهاض العفوي في الأبقار والأغنام، فضلاً عن تسببها في مجموعة متنوعة من الأمراض لدى البشر.
خصائص العطيفة الجنينية
تتميز العطيفة الجنينية بمجموعة من الخصائص التي تميزها عن غيرها من أنواع البكتيريا، وتساهم في قدرتها على إحداث العدوى. تشمل هذه الخصائص:
- الشكل: عصوية الشكل، منحنية قليلاً في بعض الأحيان، مما يعطيها مظهرًا يشبه حرف “S”.
- الحجم: صغيرة نسبيًا، يتراوح طولها بين 1.5 و 5 ميكرومتر، وعرضها بين 0.2 و 0.5 ميكرومتر.
- الغرام: سلبية الغرام، مما يعني أن جدارها الخلوي يحتوي على طبقة رقيقة من الببتيدوغليكان.
- الحركة: متحركة بواسطة سوط قطبي واحد في أحد طرفي الخلية، مما يسمح لها بالتحرك بكفاءة في البيئات السائلة.
- الظروف الهوائية: كائن دقيق التهوئة (microaerophilic)، أي أنها تنمو بشكل أفضل في بيئات تحتوي على مستويات منخفضة من الأكسجين (حوالي 5%) ومستويات مرتفعة من ثاني أكسيد الكربون (حوالي 10%).
- درجة الحرارة: تنمو بشكل مثالي في درجة حرارة 37 درجة مئوية، ولكن بعض السلالات يمكن أن تنمو في درجات حرارة أقل.
- النمو: تنمو ببطء نسبيًا مقارنة بالعديد من أنواع البكتيريا الأخرى، وتحتاج إلى وسائط استنبات خاصة تحتوي على مغذيات وعوامل نمو محددة.
تصنيف العطيفة الجنينية
تصنف العطيفة الجنينية إلى سلالتين رئيسيتين بناءً على الاختلافات في المستضدات السطحية والقدرة على النمو في بيئات معينة:
- العطيفة الجنينية النّويع الجنيني (Campylobacter fetus subsp. fetus): تعتبر هذه السلالة أكثر شيوعًا في إحداث العدوى لدى البشر والحيوانات، وتتميز بقدرتها على النمو في وجود حمض الجليكوكوليك.
- العطيفة الجنينية النّويع المعوية (Campylobacter fetus subsp. venerealis): تصيب بشكل رئيسي الأبقار، وتسبب العقم والإجهاض. تختلف هذه السلالة عن النّويع الجنيني في تركيب المستضدات السطحية وعدم قدرتها على النمو في وجود حمض الجليكوكوليك.
الأمراض التي تسببها العطيفة الجنينية
تتسبب العطيفة الجنينية في مجموعة متنوعة من الأمراض لدى الحيوانات والبشر، وتختلف الأعراض والشدة حسب السلالة المسببة للعدوى والجهاز المناعي للمضيف.
في الحيوانات
تعتبر العطيفة الجنينية من الأسباب الرئيسية للإجهاض العفوي والعقم لدى الأبقار والأغنام. تشمل الأعراض الشائعة:
- الإجهاض: يحدث عادة في المراحل المتأخرة من الحمل.
- العقم: يمكن أن يؤدي إلى صعوبة الحمل أو عدم القدرة على الحمل.
- التهاب الرحم: التهاب في بطانة الرحم.
- ولادة مواليد ضعيفة: قد تلد الحيوانات المصابة مواليد ضعيفة أو ميتة.
في البشر
تسبب العطيفة الجنينية مجموعة متنوعة من الأمراض لدى البشر، بما في ذلك:
- التهاب المعدة والأمعاء: يعتبر الأكثر شيوعًا، ويسبب الإسهال وآلام البطن والحمى.
- تجرثم الدم (Bacteremia): وجود البكتيريا في الدم، ويمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل التهاب الشغاف (Endocarditis) والتهاب السحايا (Meningitis).
- التهاب الأوعية الدموية: التهاب في جدران الأوعية الدموية.
- التهاب المفاصل التفاعلي: التهاب في المفاصل يحدث بعد العدوى.
الأشخاص ذوو المناعة الضعيفة، مثل المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV) أو الذين يخضعون للعلاج الكيميائي، هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض خطيرة نتيجة عدوى العطيفة الجنينية.
انتقال العدوى
تنتقل العطيفة الجنينية بعدة طرق، بما في ذلك:
- تناول الأطعمة الملوثة: مثل اللحوم غير المطهية جيدًا أو الحليب غير المبستر.
- ملامسة الحيوانات المصابة: خاصة الأبقار والأغنام.
- شرب المياه الملوثة: يمكن أن تكون المياه الملوثة مصدرًا للعدوى.
- الانتقال الجنسي: في حالات نادرة، يمكن أن تنتقل العدوى جنسيًا.
تشخيص العدوى
يعتمد تشخيص عدوى العطيفة الجنينية على مجموعة من الاختبارات، بما في ذلك:
- زرع العينات: يتم زرع عينات من الدم أو البراز أو السوائل الأخرى على وسائط استنبات خاصة للكشف عن وجود البكتيريا.
- تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR): يستخدم للكشف عن الحمض النووي للبكتيريا في العينات.
- اختبارات الأجسام المضادة: تستخدم للكشف عن وجود الأجسام المضادة للبكتيريا في الدم، مما يشير إلى وجود عدوى سابقة أو حالية.
علاج العدوى
يعتمد علاج عدوى العطيفة الجنينية على شدة العدوى والحالة الصحية للمريض. في الحالات الخفيفة، قد لا يكون العلاج ضروريًا، ويمكن أن يتعافى المريض تلقائيًا. ومع ذلك، في الحالات الأكثر خطورة، قد يكون العلاج بالمضادات الحيوية ضروريًا. تشمل المضادات الحيوية الشائعة الاستخدام:
- الإريثروميسين (Erythromycin): يستخدم عادة لعلاج التهاب المعدة والأمعاء.
- السيبروفلوكساسين (Ciprofloxacin): يستخدم لعلاج تجرثم الدم والتهابات أخرى.
- الإيميبينيم (Imipenem): يستخدم لعلاج الالتهابات الشديدة المقاومة للمضادات الحيوية الأخرى.
الوقاية من العدوى
يمكن اتخاذ عدة تدابير للوقاية من عدوى العطيفة الجنينية، بما في ذلك:
- طهي اللحوم جيدًا: يجب طهي اللحوم جيدًا لقتل البكتيريا.
- تجنب تناول الحليب غير المبستر: يجب شرب الحليب المبستر فقط.
- غسل اليدين جيدًا: يجب غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون بعد ملامسة الحيوانات أو الأطعمة النيئة.
- تجنب شرب المياه الملوثة: يجب شرب المياه النظيفة أو المعبأة فقط.
- اتخاذ الاحتياطات اللازمة عند التعامل مع الحيوانات: يجب ارتداء القفازات والملابس الواقية عند التعامل مع الحيوانات، خاصة الأبقار والأغنام.
مقاومة المضادات الحيوية
تعتبر مقاومة المضادات الحيوية مشكلة متزايدة الأهمية في علاج عدوى العطيفة الجنينية. أظهرت بعض السلالات مقاومة للمضادات الحيوية الشائعة الاستخدام، مما يجعل علاج العدوى أكثر صعوبة. لذلك، من المهم استخدام المضادات الحيوية بحكمة وفقط عند الضرورة، والالتزام بتعليمات الطبيب.
الأبحاث الحالية
تجري حاليًا العديد من الأبحاث حول العطيفة الجنينية بهدف فهم أفضل لآلية عملها وكيفية الوقاية من العدوى وعلاجها. تشمل مجالات البحث الرئيسية:
- تطوير لقاحات: يتم العمل على تطوير لقاحات للحيوانات والبشر للوقاية من العدوى.
- دراسة آليات المقاومة: يتم دراسة الآليات التي تستخدمها البكتيريا لتطوير مقاومة للمضادات الحيوية.
- تطوير طرق تشخيص جديدة: يتم العمل على تطوير طرق تشخيص أسرع وأكثر دقة للكشف عن العدوى.
خاتمة
العطيفة الجنينية هي بكتيريا مهمة تسبب الأمراض في الحيوانات والبشر. من خلال فهم خصائصها وطرق انتقالها، يمكن اتخاذ تدابير فعالة للوقاية من العدوى وعلاجها. يجب على الأفراد والمهنيين الصحيين والباحثين العمل معًا للحد من انتشار هذه البكتيريا وحماية الصحة العامة.