التعداد الجانبي (Side Population)

أساسيات التعداد الجانبي

يعتمد تحديد خلايا التعداد الجانبي على قدرتها على طرد صبغة فلورية تُعرف باسم Hoechst 33342. هذه الصبغة تخترق جميع الخلايا، ولكن يتم طردها من خلايا التعداد الجانبي بواسطة مضخات ABC. يتم تحليل الخلايا باستخدام جهاز التدفق الخلوي، الذي يقيس الضوء المنبعث من الصبغة. الخلايا التي تحتفظ بالحد الأدنى من الصبغة تعتبر خلايا التعداد الجانبي، وتظهر على شكل “ذيل” جانبي مميز على الرسم البياني.

عملية الفحص تتضمن عادةً الخطوات التالية:

• تحضير الخلايا: يتم تحضير عينة الخلايا المراد فحصها، والتي يمكن أن تكون من مصادر مختلفة مثل نخاع العظام، الدم، أو الأنسجة الصلبة.
• تلوين الخلايا: يتم حضانة الخلايا مع صبغة Hoechst 33342، وغالبًا ما يتم استخدام عقار حجب مثل فيراباميل (verapamil) للتمييز بين مجموعات الخلايا المختلفة.
• التحليل باستخدام التدفق الخلوي: يتم تمرير الخلايا عبر جهاز التدفق الخلوي، الذي يقيس تشتت الضوء والفلورة المنبعثة من الخلايا.
• التحليل البياني: يتم تحليل البيانات لتحديد خلايا التعداد الجانبي بناءً على خصائص الفلورة الخاصة بها.

مضخات ABC وتأثيرها

تلعب مضخات ABC دورًا حاسمًا في قدرة خلايا التعداد الجانبي على طرد الصبغات. تعمل هذه المضخات كبوابات تنقل المواد من داخل الخلية إلى الخارج، وذلك باستخدام الطاقة المستمدة من تحلل ATP. من بين مضخات ABC الهامة في هذا السياق: ABCG2 (BCRP)، الذي يعتبر من بين أهم المضخات المسؤولة عن طرد صبغة Hoechst 33342. مضخات أخرى مثل MDR1 (P-glycoprotein) يمكن أن تساهم أيضًا في هذه العملية.

نظرًا لأن هذه المضخات تنقل أيضًا الأدوية، فإن خلايا التعداد الجانبي غالبًا ما تكون مقاومة للأدوية، وهذا ما يفسر أهمية دراستها في سياق علاج السرطان. إن فهم آليات عمل هذه المضخات يمكن أن يساعد في تطوير استراتيجيات للتغلب على مقاومة الأدوية.

أهمية خلايا التعداد الجانبي

تتميز خلايا التعداد الجانبي بأهمية كبيرة في مجالات مختلفة:

• الخلايا الجذعية: غالبًا ما تظهر خلايا التعداد الجانبي في الخلايا الجذعية، مما يشير إلى أنها تتمتع بخصائص مثل القدرة على التجدد الذاتي والتمايز.
• السرطان: توجد خلايا التعداد الجانبي في العديد من أنواع السرطانات، وغالبًا ما ترتبط بقدرتها على تكوين الأورام، الانتشار، ومقاومة العلاج الكيميائي.
• الخلايا السرطانية الجذعية: يعتقد أن خلايا التعداد الجانبي تمثل جزءًا من الخلايا السرطانية الجذعية، والتي يُعتقد أنها تلعب دورًا رئيسيًا في تطور السرطان وتكراره.
• تطوير الأدوية: تُستخدم خلايا التعداد الجانبي في اختبار الأدوية المحتملة وتحديد مدى فعاليتها في استهداف الخلايا السرطانية.

خلايا التعداد الجانبي والخلايا السرطانية الجذعية

هناك تداخل كبير بين خلايا التعداد الجانبي والخلايا السرطانية الجذعية. غالبًا ما تظهر خصائص خلايا التعداد الجانبي في الخلايا السرطانية الجذعية، مثل القدرة على التجدد الذاتي ومقاومة العلاج. وبالتالي، فإن تحديد الخلايا السرطانية الجذعية باستخدام تقنية التعداد الجانبي يساعد في فهم آليات السرطان وتطوير علاجات فعالة. علاوة على ذلك، فإن دراسة هذه الخلايا تساعد في فهم كيفية مقاومتها للعلاج الكيميائي والإشعاعي، مما يفتح الباب أمام استراتيجيات جديدة لمكافحة السرطان.

تتميز الخلايا السرطانية الجذعية بقدرتها على البدء في تكوين الأورام، مما يجعلها هدفًا حيويًا للعلاج. إن تحديد خلايا التعداد الجانبي كعلامة للخلايا السرطانية الجذعية يتيح الفرصة لاستهداف هذه الخلايا بشكل انتقائي، مما يقلل من الآثار الجانبية للعلاج ويزيد من فرص الشفاء.

التطبيقات العلاجية

تفتح دراسة خلايا التعداد الجانبي الباب أمام العديد من التطبيقات العلاجية:

• علاجات السرطان: يمكن استهداف خلايا التعداد الجانبي بشكل مباشر للقضاء على الخلايا السرطانية الجذعية وتقليل خطر الانتكاس.
• زراعة الخلايا الجذعية: يمكن استخدام تقنية التعداد الجانبي لتحديد وتنقية الخلايا الجذعية لاستخدامها في العلاج التجديدي.
• اختبار الأدوية: يمكن استخدام خلايا التعداد الجانبي لاختبار الأدوية الجديدة وتحديد مدى فعاليتها في استهداف الخلايا السرطانية.
• العلاج الجيني: يمكن استهداف مضخات ABC الموجودة في خلايا التعداد الجانبي لتغيير سلوك الخلايا السرطانية.

التحديات والاتجاهات المستقبلية

على الرغم من التقدم الكبير في فهم خلايا التعداد الجانبي، لا تزال هناك بعض التحديات:

• التعقيد: آلية عمل مضخات ABC معقدة، مما يتطلب فهمًا أعمق لتفاعلاتها مع الأدوية والجزيئات الأخرى.
• التباين: يمكن أن تختلف خصائص خلايا التعداد الجانبي بناءً على نوع الخلية والبيئة المحيطة بها.
• التطبيقات السريرية: هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الدراسات السريرية لتقييم فعالية استهداف خلايا التعداد الجانبي في علاج الأمراض المختلفة.

تشمل الاتجاهات المستقبلية:

• تطوير أدوية جديدة: تطوير أدوية أكثر تحديدًا تستهدف مضخات ABC أو مسارات الإشارات الأخرى ذات الصلة بخلايا التعداد الجانبي.
• العلاجات المناعية: استخدام العلاجات المناعية لاستهداف خلايا التعداد الجانبي وتدميرها.
• البيولوجيا الاصطناعية: استخدام تقنيات البيولوجيا الاصطناعية لتعديل خلايا التعداد الجانبي وتحسين استجابتها للعلاج.

التقنيات البديلة لتحديد الخلايا

بالإضافة إلى التعداد الجانبي، هناك تقنيات أخرى لتحديد الخلايا الجذعية والخلايا السرطانية الجذعية، مثل:

• تحديد العلامات السطحية: استخدام الأجسام المضادة لتحديد البروتينات الموجودة على سطح الخلايا، مثل CD34 وCD133.
• اختبارات تكوين الأورام: زراعة الخلايا في الفئران لتقييم قدرتها على تكوين الأورام.
• تحليل التعبير الجيني: تحليل التعبير الجيني للخلايا لتحديد الجينات المرتبطة بالخلايا الجذعية.

كل تقنية لها مزاياها وعيوبها، وغالبًا ما يتم استخدامها معًا لتحديد الخلايا بشكل دقيق.

التعداد الجانبي في البحث والتطوير

يلعب التعداد الجانبي دورًا حيويًا في البحث والتطوير، خاصة في المجالات التالية:

• علم الأورام: يساعد في فهم سلوك الخلايا السرطانية الجذعية وتطوير علاجات جديدة للسرطان.
• علم الأحياء الخلوي والجزيئي: يوفر أدوات لفهم آليات عمل الخلايا الجذعية وتمايزها.
• تطوير الأدوية: يساعد في تحديد الأدوية التي تستهدف الخلايا السرطانية الجذعية وتقييم فعاليتها.

خاتمة

خلايا التعداد الجانبي هي مجموعة فرعية من الخلايا تتميز بقدرتها على طرد الأصباغ الفلورية، وتلعب دورًا مهمًا في العديد من العمليات البيولوجية، بما في ذلك سلوك الخلايا الجذعية وتطور السرطان. فهم هذه الخلايا وتحديدها يمكن أن يؤدي إلى تحسين طرق علاج الأمراض وتطوير أدوية جديدة. على الرغم من التحديات، فإن البحث في خلايا التعداد الجانبي مستمر، مع التركيز على تطوير علاجات أكثر فعالية وتحديد أهداف جديدة للعلاج.

المراجع

• Goodell, M. A., Brose, K., Paradis, G., & Latha, R. (2000). Isolation and characterization of human side population cells.
• Bastos, F. A., Lima, R. G., & Silva, C. L. (2018). Side population cells: a review of their role in cancer stem cells.
• Chung, H. W., & Pervaiz, S. (2013). Side population cells in cancer: therapeutic implications.
• Dontu, G., Abdallah, W. M., Foley, J. M., Jackson, K. W., Clarke, M. F., Kawamura, M. J., & Wicha, M. S. (2003). In vitro propagation and transcriptional profiling of human mammary stem/progenitor cells.