حياته المبكرة وتعليمه
ولد ديفيد لوين في مدينة نيويورك، وأظهر اهتمامًا مبكرًا بالموسيقى. درس الرياضيات في جامعة هارفارد، وحصل على درجة البكالوريوس في عام 1954. ثم تحول إلى الموسيقى، وحصل على درجة الماجستير في عام 1956، ودكتوراه في عام 1958، وكلاهما من جامعة برينستون. في برينستون، درس مع ميلتون بابيت، وهو شخصية بارزة في الموسيقى التسلسلية.
مسيرته الأكاديمية
بعد حصوله على الدكتوراه، بدأ لوين مسيرته الأكاديمية. قام بالتدريس في العديد من المؤسسات المرموقة، بما في ذلك جامعة كاليفورنيا، بيركلي، وجامعة ولاية نيويورك في ستوني بروك، وجامعة ييل، وجامعة هارفارد. في عام 1986، انضم إلى هيئة التدريس في جامعة هارفارد، حيث بقي حتى تقاعده في عام 1997. خلال فترة عمله في هارفارد، شغل منصب أستاذ والثر هينشيل إينغ للفنون الموسيقية.
نظرية التحويلات
ربما كان ديفيد لوين معروفًا على نطاق واسع بعمله في نظرية التحويلات. قدم هذا النهج، الذي طوره في كتابه المؤثر “Generalized Musical Intervals and Transformations” (1987)، طريقة جديدة لفهم العلاقات بين الألحان والمجموعات الصوتية. بدلاً من التركيز على العلاقات الثابتة بين النغمات، ركزت نظرية التحويلات على العمليات التي تحول قطعة موسيقية إلى أخرى. لقد قدمت إطارًا رياضيًا قويًا لتحليل مجموعة واسعة من الموسيقى، من موسيقى باخ إلى موسيقى القرن العشرين.
تعتمد نظرية التحويلات على مفهوم المجموعة التحويلية، وهي مجموعة من التحويلات التي تحافظ على بعض الخصائص الموسيقية. على سبيل المثال، يمكن أن تكون المجموعة التحويلية مجموعة من عمليات النقل، حيث يتم نقل كل نغمة في القطعة الموسيقية بنفس الفترة. يمكن أن تكون المجموعة التحويلية أيضًا مجموعة من الانعكاسات، حيث يتم عكس كل نغمة حول محور مركزي. من خلال تحليل المجموعة التحويلية التي تنطبق على قطعة موسيقية، يمكن للمرء أن يكشف عن العلاقات الأساسية بين أجزائها المختلفة.
تحليل الموسيقى اللحنية
بالإضافة إلى نظرية التحويلات، قدم لوين مساهمات كبيرة في مجال تحليل الموسيقى اللحنية. لقد طور طريقة فريدة لتحليل الألحان من خلال التركيز على الفضاء الموسيقي، وهو تمثيل مجرد للألحان كمسارات في فضاء متعدد الأبعاد. يمكن أن يكون الفضاء الموسيقي بسيطًا مثل خط، حيث تمثل كل نقطة نغمة، أو معقدًا مثل فضاء ثلاثي الأبعاد، حيث تمثل الأبعاد الثلاثة النغمة والإيقاع والتناغم.
من خلال تمثيل الألحان كمسارات في الفضاء الموسيقي، يمكن للمرء أن يدرس خصائصها الهندسية. على سبيل المثال، يمكن للمرء أن يحسب طول المسار، وهو مقياس لتعقيد اللحن. يمكن للمرء أيضًا أن يدرس انحناء المسار، وهو مقياس لمدى سلاسة اللحن. استخدم لوين هذه الأساليب لتحليل مجموعة واسعة من الألحان، من الأغاني الشعبية البسيطة إلى السوناتات المعقدة لبيتهوفن.
تأثيره
كان لديفيد لوين تأثير عميق على مجال نظرية الموسيقى. ألهمت أفكاره جيلاً من المنظرين الموسيقيين، ولا يزال عمله يدرس ويناقش على نطاق واسع اليوم. بالإضافة إلى مساهماته النظرية، كان لوين أيضًا معلمًا مؤثرًا. قام بتدريس العديد من الطلاب الذين أصبحوا قادة في هذا المجال. كان معروفًا بقدرته على إلهام طلابه للتفكير بشكل نقدي وإبداعي حول الموسيقى.
كان عمل لوين مثيرًا للجدل في بعض الأحيان. جادل البعض بأن أساليبه الرياضية كانت مجردة للغاية وغير ذات صلة بالموسيقى الحقيقية. جادل آخرون بأن تركيزه على الهياكل الرسمية أهمل الجوانب التعبيرية والعاطفية للموسيقى. ومع ذلك، لا يمكن إنكار تأثير لوين على مجال نظرية الموسيقى. لقد تحدى المنظرين الموسيقيين للتفكير في الموسيقى بطرق جديدة، وقدم أدوات جديدة لتحليلها وفهمها.
تجاوز تأثير لوين حدود نظرية الموسيقى الأكاديمية. لقد كتب أيضًا عن الموسيقى لجمهور أوسع، بهدف إضفاء الطابع الديمقراطي على الخطاب الموسيقي. في مقالاته وتقييماته، سعى إلى جعل الأفكار المعقدة في متناول القراء غير المتخصصين، وتعزيز تقدير أعمق للموسيقى بجميع أشكالها.
أعماله الرئيسية
تشمل بعض أعمال ديفيد لوين الرئيسية ما يلي:
- Generalized Musical Intervals and Transformations (1987): هذا الكتاب هو العمل الأكثر شهرة للوين، ويقدم نظرية التحويلات، وهي أداة قوية لتحليل العلاقات بين الألحان والمجموعات الصوتية.
- Musical Form and Transformation: 4 Analytic Essays (1993): تحتوي هذه المجموعة من المقالات على تحليلات متعمقة لأعمال موسيقية مختلفة، باستخدام نظرية التحويلات وغيرها من الأساليب.
- Studies in Music with Text (2006): نُشر هذا الكتاب بعد وفاته، ويجمع بين كتابات لوين حول العلاقة بين الموسيقى والنص.
بالإضافة إلى كتبه، نشر لوين العديد من المقالات في المجلات الأكاديمية. وتشمل هذه المقالات مجموعة واسعة من المواضيع، بما في ذلك نظرية التحويلات، وتحليل الموسيقى اللحنية، وتطبيق النماذج الرياضية على التحليل الموسيقي.
إرثه
لا يزال إرث ديفيد لوين يتردد صداه في مجال نظرية الموسيقى وخارجه. ألهمت أفكاره جيلاً من المنظرين الموسيقيين، ولا يزال عمله يدرس ويناقش على نطاق واسع اليوم. بالإضافة إلى مساهماته النظرية، كان لوين أيضًا معلمًا مؤثرًا. قام بتدريس العديد من الطلاب الذين أصبحوا قادة في هذا المجال. كان معروفًا بقدرته على إلهام طلابه للتفكير بشكل نقدي وإبداعي حول الموسيقى.
إن مساهمات لوين في مجال نظرية الموسيقى لا تقدر بثمن، وما زالت أفكاره تلهم الباحثين والموسيقيين حتى اليوم. من خلال عمله الرائد في نظرية التحويلات، وتحليل الموسيقى اللحنية، والتزامها بجعل الأفكار الموسيقية في متناول جمهور أوسع، ترك لوين بصمة لا تمحى على عالم الموسيقى.
خاتمة
كان ديفيد لوين شخصية بارزة في مجال نظرية الموسيقى، اشتهر بعمله الرائد في نظرية التحويلات، وتحليل الموسيقى اللحنية، وتطبيق النماذج الرياضية على التحليل الموسيقي. كان أسلوبه في الكتابة يتميز بالصرامة والدقة، وغالبًا ما كان يدمج الأفكار من مجالات متنوعة مثل الرياضيات والفلسفة والأدب في تحليلاته الموسيقية. كان له تأثير عميق على مجال نظرية الموسيقى، ولا يزال عمله يدرس ويناقش على نطاق واسع اليوم.