نشأتها وتعليمها
ولدت سالي تشيشولم في عام 1947. حصلت على درجة البكالوريوس في علم الأحياء من كلية سكريبس في عام 1969، ثم حصلت على درجة الدكتوراه في علم الأحياء من جامعة ولاية نيويورك في ألباني في عام 1975. بدأت مسيرتها المهنية في مجال البحوث في جامعة كاليفورنيا، سان دييغو، قبل أن تنتقل إلى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في عام 1976، حيث أمضت معظم حياتها المهنية.
أبحاثها وإسهاماتها العلمية
تركزت أبحاث تشيشولم بشكل أساسي على دراسة العوالق النباتية، وهي مجموعة متنوعة من الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش في المحيطات وتقوم بعملية التمثيل الضوئي، أي أنها تحول ضوء الشمس إلى طاقة، تمامًا مثل النباتات على اليابسة. تُعد هذه الكائنات أساس السلسلة الغذائية البحرية، وتنتج كمية كبيرة من الأكسجين الذي نتنفسه، وتمتص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.
أحد أهم إسهامات تشيشولم هو اكتشافها وتوصيفها لنوع جديد من العوالق النباتية يسمى “بروكلوروكوكس” (Prochlorococcus). هذا الكائن الحي الدقيق هو أكثر الكائنات الحية وفرة في المحيطات، ويقوم بدور حيوي في دورة الكربون العالمية. اكتشفت تشيشولم وزملاؤها “بروكلوروكوكس” في منتصف الثمانينيات، وقد غيّر هذا الاكتشاف فهمنا لعملية التمثيل الضوئي في المحيطات ودورها في تنظيم المناخ. اكتشاف “بروكلوروكوكس” كان بمثابة ثورة في علم المحيطات، حيث أظهر أن المحيطات مليئة بالحياة الدقيقة المتنوعة التي لم يتم التعرف عليها بعد.
قامت تشيشولم أيضًا بدراسة العمليات التي تتحكم في نمو وتوزيع العوالق النباتية في المحيطات. فقد بحثت في العوامل البيئية التي تؤثر على هذه الكائنات، مثل توافر العناصر الغذائية، وشدة الإضاءة، ودرجة الحرارة. ساعدت هذه الدراسات في فهم كيفية استجابة العوالق النباتية للتغيرات البيئية، وكيف يمكن أن تؤثر هذه الاستجابات على دورة الكربون العالمية. أظهرت أبحاثها أن العوالق النباتية تلعب دورًا حاسمًا في تنظيم مناخ الأرض، وأن التغيرات في هذه الكائنات يمكن أن يكون لها تأثير كبير على نظامنا البيئي.
بالإضافة إلى ذلك، عملت تشيشولم على تطوير نماذج رياضية لمحاكاة سلوك العوالق النباتية في المحيطات. تساعد هذه النماذج العلماء على التنبؤ بكيفية تغير العوالق النباتية في المستقبل، وكيف يمكن أن تؤثر هذه التغيرات على المناخ. ساهمت هذه النماذج في تحسين فهمنا للتفاعلات المعقدة بين العوالق النباتية والبيئة المحيطة بها.
الجوائز والتكريمات
حصلت سالي تشيشولم على العديد من الجوائز والتكريمات المرموقة تقديرًا لمساهماتها العلمية. من بين هذه الجوائز:
- جائزة لورانس ج. سميث من الجمعية الأمريكية لعلوم المحيطات (1993).
- جائزة الألفية من مجلس العلوم والتكنولوجيا في البيت الأبيض (2000).
- جائزة تايلور للبيئة (2019).
- انتُخبت كزميلة في الأكاديمية الوطنية للعلوم (1991).
يعكس هذا التكريم مكانتها كواحدة من أبرز علماء المحيطات في العالم، وإسهاماتها الهامة في فهمنا للأنظمة البيئية البحرية وتأثيرها على التغيرات المناخية.
أهمية أبحاثها في السياق الحالي
تكتسب أبحاث تشيشولم أهمية متزايدة في سياق التغيرات المناخية التي يشهدها العالم. فالعوالق النباتية تلعب دورًا محوريًا في امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وبالتالي تخفيف الاحتباس الحراري. يساعد فهمنا للعوامل التي تؤثر على العوالق النباتية، مثل ارتفاع درجة حرارة المحيطات وتحمضها، في التنبؤ بكيفية تأثير التغيرات المناخية على هذه الكائنات الدقيقة، وكيف يمكن أن تؤثر هذه التأثيرات على المناخ العالمي. تُستخدم نتائج أبحاثها لتطوير استراتيجيات للحفاظ على صحة المحيطات وحماية دورها في تنظيم المناخ.
تعتبر أبحاث تشيشولم أيضًا ذات صلة وثيقة بمساعي تحقيق التنمية المستدامة. ففهمنا للعوالق النباتية يساعد في إدارة الموارد البحرية بشكل فعال، وحماية التنوع البيولوجي البحري. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساهم أبحاثها في تطوير تقنيات جديدة لاستخدام المحيطات في مكافحة تغير المناخ، مثل تقنيات “هندسة المحيطات” التي تهدف إلى زيادة قدرة المحيطات على امتصاص ثاني أكسيد الكربون.
الحياة الشخصية والإرث
بالإضافة إلى مساهماتها العلمية، تُعرف سالي تشيشولم بشغفها بالتدريس والإلهام. لقد عملت كمرشدة للعديد من الطلاب والباحثين الشباب، وشجعتهم على متابعة شغفهم بالعلوم. تُعتبر مثالًا يحتذى به للعديد من العلماء، وهي تلهم الأجيال القادمة من العلماء في مجال المحيطات والبيئة. يُعد إرثها العلمي والتربوي بمثابة مساهمة دائمة في فهمنا للعالم المحيط بنا.
خلال مسيرتها المهنية، شغلت تشيشولم منصب أستاذة “لي برينس” لعلم الأحياء البيولوجي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وقد أتاح لها هذا المنصب الفرصة للجمع بين البحث العلمي والتدريس، مما سمح لها بمشاركة معرفتها وشغفها بالعلوم مع جيل جديد من العلماء. لا يزال عملها يلهم العلماء في جميع أنحاء العالم، ويستمر في تشكيل فهمنا للعالم البحري.
خاتمة
سالي دبليو تشيشولم هي عالمة محيطات رائدة، تركت بصمة واضحة في مجال علم الأحياء البحرية. من خلال اكتشافها لـ “بروكلوروكوكس” وأبحاثها الرائدة في مجال العوالق النباتية، ساهمت في تغيير فهمنا لدور هذه الكائنات الدقيقة في دورات الكربون العالمية وتأثيرها على المناخ. إسهاماتها العلمية، بالإضافة إلى تفانيها في التدريس والإلهام، جعلت منها شخصية مرموقة في عالم العلوم. يستمر عملها في إلهام العلماء في جميع أنحاء العالم، ويساعد في تشكيل فهمنا للعالم البحري وتحديات تغير المناخ.
المراجع
- Yale E360: Sallie Chisholm: The Ocean Microbe Hunter
- Woods Hole Oceanographic Institution: A Prochlorococcus Profile
- Wikipedia: Sallie W. Chisholm
- MIT: Sallie W. Chisholm
“`