التأسيس والتكوين
يعود أصل HOS إلى جهود حزب الحقوق الكرواتي لإقامة قوة مسلحة للدفاع عن المصالح الكرواتية في ظل تصاعد التوترات العرقية والسياسية في يوغوسلافيا في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات. كان الحزب، الذي يتميز بموقفه القومي المتشدد، يعتقد أن الدفاع المسلح ضروري لحماية الكروات من التهديدات المتصورة من الصرب والجماعات الأخرى. بدأ التجنيد والتنظيم الفعلي لـ HOS في عام 1991، مع تشكيل وحدات في مناطق مختلفة من كرواتيا.
تكونت HOS من مجموعة متنوعة من المقاتلين، بما في ذلك أعضاء حزب الحقوق الكرواتي، والمتطوعين الكرواتيين، وحتى بعض الأجانب الذين انجذبوا إلى القضية الكرواتية. تميزت القوة بتشكيلاتها غير النظامية إلى حد ما، حيث كانت الوحدات غالبًا ما تعمل بشكل مستقل تحت قيادة قادة محليين. ومع ذلك، تمكنت HOS من الحفاظ على مستوى معقول من الانضباط والتنسيق، ويرجع ذلك جزئيًا إلى وجود عدد من الضباط ذوي الخبرة الذين انشقوا عن الجيش الشعبي اليوغوسلافي (JNA) وانضموا إلى صفوفها.
التنظيم والقيادة
كان تنظيم HOS لامركزيًا إلى حد كبير، مع وجود وحدات مختلفة تعمل تحت قيادة قادة محليين. ومع ذلك، كان هناك هيكل قيادي مركزي، بقيادة قادة بارزين مثل أنتي باراشيتش وبلاز كرالجيفيتش. لعب باراشيتش، كرئيس لحزب الحقوق الكرواتي، دورًا حاسمًا في تأسيس HOS وتنظيمها. أما كرالجيفيتش، كقائد عسكري، فقد أشرف على العمليات اليومية للقوة وقادها في العديد من المعارك.
على الرغم من وجود هيكل قيادي رسمي، غالبًا ما كانت HOS تعاني من صراعات داخلية وانقسامات، لا سيما بين الفصائل المختلفة داخل حزب الحقوق الكرواتي. أدت هذه الانقسامات أحيانًا إلى خلافات حول الاستراتيجية والتكتيكات، وكذلك إلى صراعات على السلطة بين القادة المختلفين. ومع ذلك، تمكنت HOS بشكل عام من الحفاظ على درجة من الوحدة التشغيلية، ويرجع ذلك أساسًا إلى التزامها المشترك بالدفاع عن كرواتيا.
العمليات القتالية
شاركت HOS في عدد من المعارك الحاسمة خلال حرب الاستقلال الكرواتية، وخاصة في عامي 1991 و 1992. لعبت القوة دورًا مهمًا في الدفاع عن فوكوفار، وهي مدينة تعرضت لحصار عنيف من قبل القوات الصربية. قاتل مقاتلو HOS بشراسة إلى جانب القوات الكرواتية الأخرى في محاولة لصد الهجوم الصربي، لكنهم في النهاية اضطروا إلى الانسحاب بعد أسابيع من القتال العنيف.
شاركت HOS أيضًا في القتال في مناطق أخرى من كرواتيا، بما في ذلك دالماتيا وليكا وكوردون. غالبًا ما كانت القوة تتولى مهمة الدفاع عن المواقع المعرضة للخطر أو شن هجمات مضادة ضد القوات الصربية. اكتسب مقاتلو HOS سمعة طيبة بسبب شجاعتهم وتصميمهم، لكنهم عانوا أيضًا من خسائر فادحة في القتال.
أحد أبرز العمليات التي شاركت فيها HOS كانت معركة دوبروفنيك. في خريف عام 1991، تعرضت مدينة دوبروفنيك التاريخية لحصار من قبل القوات الصربية والجبل الأسود. لعبت وحدات HOS دورًا حيويًا في الدفاع عن المدينة، حيث ساعدت في صد الهجمات الصربية وحماية المدنيين. استمر الحصار لعدة أشهر، لكن دوبروفنيك صمدت في النهاية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى شجاعة وتصميم مقاتلي HOS.
الجدل والانتقادات
على الرغم من مساهماتها في الدفاع عن كرواتيا، واجهت HOS أيضًا نصيبها من الجدل والانتقادات. ارتبطت القوة بأيديولوجية قومية متطرفة، واستخدمت رموزًا وشعارات اعتبرها البعض استفزازية أو حتى معادية للأقليات العرقية. بالإضافة إلى ذلك، اتُهم بعض أعضاء HOS بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان.
أحد أكثر الحوادث إثارة للجدل التي تورطت فيها HOS كانت اغتيال بلاز كرالجيفيتش، القائد العسكري للقوة، في أغسطس 1992. قُتل كرالجيفيتش مع ثمانية من رفاقه في كمين نصبه جنود من المجلس الدفاعي الكرواتي (HVO)، وهي القوة المسلحة للكروات في البوسنة والهرسك. لا تزال الظروف المحيطة باغتيال كرالجيفيتش غامضة، لكن يُعتقد على نطاق واسع أن الأمر كان مدفوعًا بدوافع سياسية، حيث كان كرالجيفيتش يعارض سياسات التقسيم العرقي التي اتبعتها بعض الفصائل الكرواتية في البوسنة والهرسك.
أثارت أيديولوجية HOS واستخدامها للرموز والشعارات القومية انتقادات من بعض الجماعات السياسية ومنظمات حقوق الإنسان. جادل البعض بأن القوة كانت معادية للأقليات العرقية وأن أفعالها ساهمت في تفاقم التوترات العرقية خلال الحرب. ومع ذلك، دافع أنصار HOS عن القوة، بحجة أنها كانت ضرورية للدفاع عن كرواتيا وأنها لعبت دورًا حاسمًا في منع المزيد من العنف والفظائع.
الاندماج في الجيش الكرواتي
في عام 1992، اتخذت الحكومة الكرواتية قرارًا بدمج HOS في الجيش الكرواتي النظامي. كان هذا القرار مدفوعًا بعدة عوامل، بما في ذلك الرغبة في توحيد القوات المسلحة الكرواتية وتعزيز السيطرة المركزية على العمليات العسكرية. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك قلق متزايد بشأن الأيديولوجية المتطرفة لـ HOS وعلاقاتها المحتملة بالجماعات الإجرامية.
تم دمج معظم مقاتلي HOS في الجيش الكرواتي، وتم حل وحدات HOS رسميًا. ومع ذلك، واصل بعض الأعضاء السابقين في HOS العمل في وحدات أخرى، بينما اختار آخرون ترك الجيش تمامًا. كان لدمج HOS في الجيش الكرواتي تأثير كبير على مسار الحرب، حيث ساعد في توحيد القوات المسلحة الكرواتية وجعلها أكثر فعالية في الدفاع عن البلاد.
بعد الحرب، تم إنشاء عدد من الجمعيات ومنظمات المحاربين القدامى لتمثيل مصالح أعضاء HOS السابقين. سعت هذه المنظمات إلى الحفاظ على ذكرى HOS والاعتراف بمساهماتها في الدفاع عن كرواتيا. ومع ذلك، استمرت HOS في إثارة الجدل، ولا تزال أيديولوجيتها وأفعالها موضوع نقاش وخلاف حتى يومنا هذا.
الإرث والتأثير
على الرغم من قصر مدة وجودها، تركت HOS إرثًا دائمًا في كرواتيا. بالنسبة للبعض، تعتبر القوة رمزًا للبطولة والتضحية، حيث ضحى مقاتلوها بأرواحهم للدفاع عن كرواتيا في وقت الأزمة. بالنسبة للآخرين، تمثل HOS جانبًا أكثر إثارة للجدل في التاريخ الكرواتي، حيث ارتبطت بأيديولوجية قومية متطرفة واتُهمت بارتكاب جرائم حرب.
بغض النظر عن وجهة النظر الفردية، لا يمكن إنكار أن HOS لعبت دورًا مهمًا في حرب الاستقلال الكرواتية. وفرت القوة قوة قتالية متحمسة ومنظمة في وقت كانت فيه القوات الكرواتية النظامية لا تزال في طور التشكيل والتنظيم. ساعد مقاتلو HOS في الدفاع عن كرواتيا ضد العدوان الصربي، وساهموا في نهاية المطاف في تحقيق الاستقلال الكرواتي.
لا يزال إرث HOS موضوع نقاش وخلاف في كرواتيا اليوم. ومع ذلك، تظل القوة جزءًا مهمًا من التاريخ الكرواتي، وتستمر في تشكيل الخطاب السياسي والثقافي في البلاد.
خاتمة
كانت قوات الدفاع الكرواتية (HOS) الذراع شبه العسكرية لحزب الحقوق الكرواتي (HSP) خلال حرب الاستقلال الكرواتية. تأسست في عام 1991، لعبت HOS دورًا مهمًا في الدفاع عن كرواتيا، لكنها واجهت أيضًا جدلاً بسبب أيديولوجيتها القومية المتطرفة واتهامات بارتكاب جرائم حرب. على الرغم من قصر مدة وجودها، تركت HOS إرثًا دائمًا في كرواتيا، ولا تزال موضوع نقاش وخلاف حتى يومنا هذا.