<![CDATA[
نشأته وحياته المبكرة
ولد خوسيه دي إيتوريغاراي في قادس، وهي مدينة ساحلية إسبانية مهمة، في عام 1742. انضم إلى الجيش الإسباني في سن مبكرة وصعد في الرتب بفضل كفاءته وولائه. قبل تعيينه نائبًا للملك، شغل مناصب عسكرية وإدارية مختلفة، مما أكسبه خبرة واسعة في الشؤون الحكومية والعسكرية. كان يتمتع بسمعة طيبة كإداري كفء ورجل عسكري قوي.
نائبًا للملك في إسبانيا الجديدة
في عام 1803، تم تعيين إيتوريغاراي نائبًا للملك في إسبانيا الجديدة، وهي واحدة من أغنى وأهم المستعمرات الإسبانية في العالم الجديد. وصل إلى المكسيك في وقت كانت فيه المستعمرة تعاني من توترات اجتماعية وسياسية متزايدة. كانت الأفكار التنويرية قد بدأت في الانتشار، وكان الكريول (السكان ذوو الأصول الإسبانية المولودين في الأمريكتين) يشعرون بالاستياء من سيطرة الإسبان المولودين في إسبانيا (الجزيريين) على المناصب الحكومية والاقتصادية الرئيسية.
واجه إيتوريغاراي تحديات كبيرة خلال فترة ولايته، بما في ذلك:
- الأزمات الاقتصادية: تسببت الحروب النابليونية في أوروبا في تعطيل التجارة بين إسبانيا ومستعمراتها، مما أدى إلى أزمات اقتصادية في إسبانيا الجديدة.
- الاضطرابات الاجتماعية: تصاعدت التوترات بين الكريول والجزيريين، حيث طالب الكريول بمزيد من الحكم الذاتي والمشاركة في السلطة.
- التهديدات الخارجية: كانت هناك مخاوف من غزو بريطاني أو فرنسي لإسبانيا الجديدة، خاصة بعد الغزو الفرنسي لإسبانيا عام 1808.
موقفه من الحركة الاستقلالية
كان موقف إيتوريغاراي من الحركة الاستقلالية معقدًا ومثيرًا للجدل. في البداية، بدا أنه متعاطف مع مطالب الكريول بالإصلاح والمشاركة في السلطة. بعد الغزو الفرنسي لإسبانيا عام 1808، دعا إلى تشكيل حكومة مؤقتة في إسبانيا الجديدة لحكم المستعمرة في غياب الملك الإسباني الشرعي. وقد أثار هذا الاقتراح غضب الجزيريين، الذين رأوا فيه محاولة للاستيلاء على السلطة من قبل الكريول.
بدأ إيتوريغاراي في الاعتماد على دعم الكريول لمواجهة معارضة الجزيريين. شكل تحالفًا مع بعض الشخصيات البارزة في المجتمع الكريولي، وبدأ في اتخاذ إجراءات تهدف إلى تعزيز سلطة الكريول في الحكومة والاقتصاد. ومع ذلك، لم يكن إيتوريغاي مؤيدًا للاستقلال الكامل لإسبانيا الجديدة. كان يعتقد أن المستعمرة يجب أن تظل جزءًا من الإمبراطورية الإسبانية، ولكن مع قدر أكبر من الحكم الذاتي.
الانقلاب وعزله
أثارت سياسات إيتوريغاراي غضب الجزيريين، الذين اتهموه بالخيانة والتآمر مع الكريول للانفصال عن إسبانيا. في 15 سبتمبر 1808، قاد مجموعة من الجزيريين الأثرياء والمؤثرين انقلابًا ضد إيتوريغاراي. اقتحموا القصر نائب الملك واعتقلوه وعزلوه من منصبه. تم تعيين بيدرو غاريباي، وهو جنرال إسباني متقدم في السن وموالٍ للجزيريين، نائبًا جديدًا للملك.
تم سجن إيتوريغاراي في المكسيك لفترة قصيرة قبل أن يتم نقله إلى إسبانيا لمحاكمته بتهمة الخيانة والفساد. ومع ذلك، لم يتم إدانته بأي تهمة وتوفي في مدريد عام 1815.
تأثيره وإرثه
على الرغم من أن فترة حكم إيتوريغاراي كانت قصيرة ومضطربة، إلا أنها كانت لها تأثير كبير على تاريخ المكسيك. كان عزله بمثابة نقطة تحول في الحركة الاستقلالية المكسيكية. أثبت الانقلاب أن الجزيريين كانوا على استعداد لاستخدام القوة للحفاظ على سلطتهم، وأنه لم يكن هناك مجال للتسوية بين الكريول والجزيريين. أدى ذلك إلى تصاعد العنف والاضطرابات، وفي النهاية إلى اندلاع حرب الاستقلال المكسيكية عام 1810.
يعتبر إيتوريغاراي شخصية مثيرة للجدل في التاريخ المكسيكي. يراه البعض على أنه بطل للكوريول ومؤيد للإصلاح، بينما يراه آخرون على أنه خائن ومتآمر. بغض النظر عن وجهة النظر، لا يمكن إنكار أن إيتوريغاراي لعب دورًا مهمًا في الأحداث التي أدت إلى استقلال المكسيك.
إحدى أهم مساهمات إيتوريغاراي كانت السماح بحرية التعبير والنشر، مما سمح بانتشار الأفكار الثورية بين السكان. كما شجع على تطوير الصناعة المحلية، مما ساهم في النمو الاقتصادي للبلاد. ومع ذلك، فقد تعرض لانتقادات بسبب فساده وسوء إدارته، مما أدى إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية في إسبانيا الجديدة.
بالإضافة إلى ذلك، كان إيتوريغاراي راعيًا للفنون والعلوم، ودعم العديد من الفنانين والعلماء خلال فترة ولايته. أسس العديد من المؤسسات التعليمية والثقافية، مما ساهم في تطوير الحياة الفكرية في إسبانيا الجديدة.
الأحداث الرئيسية في فترة حكمه
- 1803: وصول إيتوريغاراي إلى المكسيك وتوليه منصب نائب الملك.
- 1805: تفشي وباء الحمى الصفراء في المكسيك.
- 1808: الغزو الفرنسي لإسبانيا وأزمة الحكم في إسبانيا الجديدة.
- 1808: انقلاب الجزيريين وعزل إيتوريغاراي.
- 1810: اندلاع حرب الاستقلال المكسيكية.
الخلافات المحيطة بشخصيته
تعتبر شخصية إيتوريغاراي محاطة بالكثير من الجدل والخلافات التاريخية. يتهمه البعض بالفساد واستغلال منصبه لتحقيق مكاسب شخصية، بينما يدافع عنه آخرون باعتباره رجلًا وطنيًا سعى إلى حماية مصالح إسبانيا الجديدة في ظل الظروف الصعبة التي واجهتها إسبانيا.
يزعم البعض أن إيتوريغاراي كان يسعى إلى الاستقلال الذاتي لإسبانيا الجديدة عن إسبانيا، وأنه كان يتآمر مع الكريول لتحقيق هذا الهدف. ومع ذلك، لا يوجد دليل قاطع يدعم هذا الادعاء، ويبدو أن إيتوريغاراي كان يسعى إلى الحفاظ على وحدة الإمبراطورية الإسبانية مع منح المزيد من الحكم الذاتي للمستعمرات.
خاتمة
كان خوسيه دي إيتوريغاراي شخصية معقدة ومثيرة للجدل في التاريخ المكسيكي. شغل منصب نائب الملك في إسبانيا الجديدة في فترة مضطربة، وشهدت فترة حكمه أحداثًا مهمة أدت إلى استقلال المكسيك. على الرغم من أن فترة ولايته كانت قصيرة ومضطربة، إلا أنها كان لها تأثير كبير على تاريخ المكسيك. يبقى إرثه موضوع نقاش وجدال بين المؤرخين حتى اليوم.