نشأته وتعليمه
ولد ميلارد فولر في لانكستر، جورجيا، ونشأ في مزرعة. تفوق أكاديميًا ودرس في جامعة أوبورن، حيث حصل على شهادته في القانون عام 1957. خلال سنوات دراسته، أصبح فولر رجل أعمال ناجحًا من خلال الدخول في شراكة مع جار له لبيع الإعلانات. بحلول الوقت الذي أنهى فيه دراسته في القانون، كان فولر قد أصبح مليونيرًا بالفعل.
التحول الروحي والعمل الخيري
على الرغم من نجاحه المالي، شعر فولر بعدم الرضا الروحي. أدت علاقته المتوترة بزوجته ليندا إلى أزمة شخصية. في عام 1965، اتخذ هو وليندا قرارًا جذريًا بالتخلي عن ثروتهم والالتزام بحياة الخدمة المسيحية. لقد تخلصوا من جميع ممتلكاتهم وتبرعوا بأموالهم، وبدأوا حياة جديدة تركز على مساعدة الآخرين. كان هذا التحول الروحي نقطة تحول في حياة فولر، مما دفعه إلى تكريس نفسه للقضايا الإنسانية.
تأسيس “Community Enterprises, Inc.”
بعد بيع أعمالهم والتبرع بأموالهم، انتقل فولر وزوجته إلى مزرعة إيكو مينونايت في أمريكوس، جورجيا. هناك، بدأوا العمل مع الفقراء في مجتمعهم، محاولين إيجاد حلول لمشاكل الإسكان. في عام 1968، شاركوا في تأسيس “Community Enterprises, Inc.”، وهي منظمة تهدف إلى الشراكة مع الأسر ذات الدخل المنخفض لبناء منازل لائقة وبأسعار معقولة. تم تصميم البرنامج بحيث يدفع أصحاب المنازل الجدد مدفوعات شهرية بدون فائدة، والتي يتم بعد ذلك تدويرها لتمويل بناء المزيد من المنازل. كانت هذه فكرة مبتكرة أثبتت فعاليتها في توفير الإسكان الميسر.
تأسيس “Habitat for Humanity”
بعد عدة سنوات من العمل مع “Community Enterprises”، قرر فولر توسيع نطاق جهوده. في عام 1976، أسس هو وليندا منظمة “Habitat for Humanity International”. كان الهدف هو تكرار نموذج الإسكان الناجح الذي تم تطويره في جورجيا على نطاق عالمي. تعمل “Habitat for Humanity” من خلال شبكة من الفروع المحلية والمتطوعين لبناء وترميم المنازل للأسر المحتاجة. يتم بيع المنازل بأسعار معقولة للأسر المستفيدة، مع قروض بدون فائدة. يُطلب من أصحاب المنازل الجدد أيضًا المساهمة بـ “عرق المساهمة”، مما يعني أنهم يساعدون في بناء منازلهم أو منازل الآخرين.
تحت قيادة فولر، نمت “Habitat for Humanity” لتصبح واحدة من أكبر منظمات الإسكان غير الربحية في العالم. قامت المنظمة ببناء أو ترميم مئات الآلاف من المنازل في أكثر من 70 دولة، مما ساعد الملايين من الأشخاص على الحصول على سكن آمن ولائق. لعب فولر دورًا حاسمًا في نشر رؤية المنظمة وحشد المتطوعين والمانحين لدعم مهمتها.
نموذج “الشراكة في العمل”
كان أحد الجوانب الرئيسية لنهج فولر هو مفهوم “الشراكة في العمل”. كان يعتقد أن بناء المنازل يجب أن يكون جهدًا تعاونيًا يجمع بين المتطوعين والأسر المستفيدة وأفراد المجتمع. من خلال العمل جنبًا إلى جنب، يمكن للأشخاص من مختلف الخلفيات أن يتعلموا من بعضهم البعض ويبنوا علاقات قوية. أكد فولر على أهمية معاملة جميع الناس بكرامة واحترام، بغض النظر عن وضعهم الاقتصادي أو الاجتماعي.
الجوائز والتكريم
حصل ميلارد فولر على العديد من الجوائز والتكريمات لعمله في مجال الإسكان الميسر. في عام 1996، حصل على وسام الحرية الرئاسي، وهو أعلى وسام مدني في الولايات المتحدة. كما حصل على جائزة ويليام كاري، وجائزة الإنجاز المتميز من الرابطة الوطنية للجمعيات الخيرية، والعديد من الجوائز الأخرى. تم ترشيحه لجائزة نوبل للسلام عدة مرات.
الخلافات والرحيل من “Habitat for Humanity”
في عام 2005، واجه فولر انتقادات بسبب مزاعم سوء السلوك. أجرى مجلس إدارة “Habitat for Humanity” تحقيقًا ووجد أن فولر قد أظهر “حكمًا غير لائق” في بعض علاقاته مع الموظفات. على الرغم من عدم وجود دليل على التحرش الجنسي، طلب مجلس الإدارة من فولر الاستقالة من منصب الرئيس التنفيذي. أثار رحيل فولر جدلاً واسع النطاق، حيث أعرب البعض عن دعمهم له بينما أيد آخرون قرار مجلس الإدارة.
تأسيس “The Fuller Center for Housing”
بعد مغادرته “Habitat for Humanity”، لم يتخل فولر عن شغفه بتوفير الإسكان الميسر. في عام 2005، أسس منظمة جديدة تسمى “The Fuller Center for Housing”. واصلت هذه المنظمة بناء وترميم المنازل للأسر المحتاجة، مع التركيز على الشراكات المحلية وحلول الإسكان المستدامة. سعت “The Fuller Center” إلى البناء على النموذج الناجح لـ “Habitat for Humanity” مع دمج دروس جديدة مستفادة من تجارب فولر السابقة.
إرث ميلارد فولر
ترك ميلارد فولر إرثًا دائمًا في عالم الإسكان الميسر. من خلال “Habitat for Humanity” و “The Fuller Center for Housing”، ساعد الملايين من الأشخاص على الحصول على سكن آمن ولائق وبأسعار معقولة. ألهمت رؤيته والتزامه الآخرين لتكريس أنفسهم لخدمة المحتاجين. يُذكر فولر كمبتكر ورائد في مجال الإسكان غير الربحي، وسيستمر عمله في إحداث فرق في حياة الناس في جميع أنحاء العالم.
بعض المبادئ الأساسية التي آمن بها ميلارد فولر:
- الإيمان بقدرة كل شخص على إحداث فرق.
- أهمية العمل معًا لبناء مجتمعات قوية.
- ضرورة توفير السكن اللائق كحق أساسي من حقوق الإنسان.
خاتمة
كان ميلارد فولر شخصية مؤثرة في مجال الإسكان الميسر، حيث أسس “Habitat for Humanity International” و “The Fuller Center for Housing”. لقد كرس حياته لتوفير منازل بسيطة ولائقة وبأسعار معقولة للأشخاص المحتاجين، مما أثر بشكل إيجابي على حياة الملايين في جميع أنحاء العالم. على الرغم من الخلافات التي واجهها، يظل إرثه مصدر إلهام للآخرين لمواصلة العمل من أجل عالم يتمتع فيه الجميع بمكان آمن ومأمون للعيش فيه.