<![CDATA[
مفهوم دفاع نانسي ريغان
يستمدّ هذا المصطلح اسمه من السيدة الأولى السابقة للولايات المتحدة، نانسي ريغان، وشعارها الشهير “فقط قل لا” (Just Say No) الذي أطلقته في حملتها لمكافحة المخدرات. في عالم الشركات، يعني “دفاع نانسي ريغان” رفضًا قاطعًا لعرض الاستحواذ أو الاندماج، بغض النظر عن مدى جاذبية العرض الظاهري. لا يتضمن هذا الدفاع البحث عن بدائل أو محاولة التفاوض، بل يركز على جعل الشركة المستهدفة غير جذابة للمشتري.
كيفية عمل دفاع نانسي ريغان
تتعدد الطرق التي يمكن للشركة المستهدفة اتباعها لتنفيذ “دفاع نانسي ريغان”، وتشمل:
- تخفيض قيمة الأصول: يمكن للشركة المستهدفة بيع أصول رئيسية أو وحدات أعمال مربحة لجعلها أقل جاذبية للمشتري. هذا الإجراء يقلل من قيمة الشركة ويجعل الاستحواذ عليها أقل فائدة.
- زيادة الديون: يمكن للشركة المستهدفة اقتراض مبالغ كبيرة من المال لزيادة ديونها. هذا الإجراء يزيد من المخاطر المالية للشركة ويجعلها أقل جاذبية للمشتري المحتمل الذي سيضطر إلى تحمل هذه الديون.
- إصدار أسهم جديدة: يمكن للشركة المستهدفة إصدار أسهم جديدة لتقليل حصة ملكية المشتري المحتمل. هذا الإجراء يجعل الاستحواذ أكثر تكلفة ويقلل من سيطرة المشتري على الشركة بعد الاستحواذ.
- تغيير بنود النظام الأساسي: يمكن للشركة المستهدفة تغيير بنود نظامها الأساسي لجعل عملية الاستحواذ أكثر صعوبة. على سبيل المثال، يمكن إضافة شرط موافقة أغلبية ساحقة من المساهمين على أي عملية استحواذ.
- “السموم”: استخدام ما يعرف بـ “حبوب السم” (Poison Pill)، وهي عبارة عن حقوق تصدر للمساهمين الحاليين تمنحهم الحق في شراء أسهم إضافية بخصم كبير في حالة محاولة استحواذ معادية، مما يزيد من تكلفة الاستحواذ ويقلل من جاذبية الشركة المستهدفة.
مزايا وعيوب دفاع نانسي ريغان
مثل أي تكتيك مالي، لدفاع نانسي ريغان مزايا وعيوب يجب على الشركة المستهدفة أخذها في الاعتبار قبل اتخاذ القرار بتطبيقه:
المزايا:
- الحفاظ على الاستقلالية: يتيح دفاع نانسي ريغان للشركة المستهدفة الحفاظ على استقلاليتها وعدم الخضوع لسيطرة شركة أخرى.
- حماية مصالح المساهمين: قد ترى إدارة الشركة أن الاستحواذ يضر بمصالح المساهمين على المدى الطويل، وبالتالي تلجأ إلى هذا الدفاع لحماية هذه المصالح.
- الحصول على عرض أفضل: في بعض الحالات، قد يؤدي تطبيق هذا الدفاع إلى إجبار المشتري على تقديم عرض أفضل للاستحواذ، مما يعود بالفائدة على المساهمين.
العيوب:
- تدمير قيمة الشركة: قد تؤدي الإجراءات المتخذة في إطار هذا الدفاع، مثل بيع الأصول أو زيادة الديون، إلى تدمير قيمة الشركة على المدى الطويل.
- إغضاب المساهمين: قد يرى بعض المساهمين أن الاستحواذ يمثل فرصة جيدة لتحقيق أرباح سريعة، وبالتالي قد يغضبون من رفض الإدارة للعرض.
- تحديات قانونية: قد يتعرض مجلس إدارة الشركة المستهدفة لدعاوى قضائية من المساهمين إذا رأوا أن الإدارة تصرفت بطريقة غير مسؤولة أو لم تخدم مصالحهم.
- تقليل فرص النمو: رفض الاندماج قد يضيع على الشركة فرصًا للنمو والتوسع من خلال الاستفادة من موارد وخبرات الشركة المندمجة.
بدائل لدفاع نانسي ريغان
إذا كانت الشركة المستهدفة غير راغبة في تطبيق دفاع نانسي ريغان، هناك بدائل أخرى يمكنها اتباعها، بما في ذلك:
- البحث عن “فارس أبيض”: يمكن للشركة المستهدفة البحث عن شركة أخرى صديقة لتقديم عرض استحواذ منافس، وبالتالي إفشال محاولة الاستحواذ الأصلية.
- إعادة هيكلة الشركة: يمكن للشركة المستهدفة إعادة هيكلة عملياتها أو هيكلها المالي لجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين، وبالتالي زيادة سعر سهمها وتقليل جاذبية الاستحواذ.
- التفاوض مع المشتري: يمكن للشركة المستهدفة التفاوض مع المشتري المحتمل للوصول إلى اتفاق يخدم مصالح الطرفين.
أمثلة على استخدام دفاع نانسي ريغان
على الرغم من أن استخدام مصطلح “دفاع نانسي ريغان” قد لا يكون شائعًا في البيانات الصحفية الرسمية للشركات، إلا أن العديد من الشركات لجأت إلى تكتيكات مماثلة لإفشال محاولات الاستحواذ. من الصعب تحديد حالات محددة يمكن تصنيفها بشكل قاطع على أنها “دفاع نانسي ريغان” خالص، وذلك لأن الشركات غالبًا ما تستخدم مزيجًا من التكتيكات الدفاعية المختلفة. ومع ذلك، يمكننا النظر إلى بعض الحالات التي استخدمت فيها الشركات استراتيجيات مماثلة:
- شركة “ريفيان” (Revlon) في الثمانينيات: واجهت شركة مستحضرات التجميل “ريفيان” محاولة استحواذ من قبل شركة “بانكو” (Pantry Pride). ردت “ريفيان” بتبني “حبة السم”، وهي عبارة عن حقوق تصدر للمساهمين الحاليين تمنحهم الحق في شراء أسهم إضافية بخصم كبير في حالة محاولة استحواذ معادية. نجحت هذه الاستراتيجية في صد محاولة الاستحواذ.
- شركة “يونيكال” (Unocal) في عام 2005: واجهت شركة “يونيكال”، وهي شركة نفط وغاز أمريكية، عرض استحواذ من قبل شركة النفط الصينية “سينوك” (CNOOC). خشيت “يونيكال” من أن الاستحواذ من قبل شركة صينية قد يثير مخاوف سياسية وتنظيمية. قامت “يونيكال” بتبني استراتيجية دفاعية من خلال البحث عن “فارس أبيض”، وهي شركة “شيفرون” (Chevron) التي قدمت عرضًا منافسًا وفازت في النهاية بالاستحواذ على “يونيكال”.
الاعتبارات القانونية والأخلاقية
يجب على الشركات التي تفكر في استخدام “دفاع نانسي ريغان” أن تضع في اعتبارها الاعتبارات القانونية والأخلاقية المرتبطة بهذا التكتيك. يجب على مجلس الإدارة أن يتصرف بحسن نية وأن يضع مصالح المساهمين في الاعتبار عند اتخاذ قرار بشأن كيفية الرد على عرض الاستحواذ. قد يتعرض أعضاء مجلس الإدارة لدعاوى قضائية إذا رأى المساهمون أنهم تصرفوا بطريقة غير مسؤولة أو لم يخدموا مصالحهم.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على الشركات أن تكون شفافة بشأن دوافعها وأهدافها عند استخدام هذا التكتيك. يجب عليها أن تشرح للمساهمين لماذا تعتقد أن رفض عرض الاستحواذ هو في مصلحتهم على المدى الطويل.
دور المستشارين الماليين والقانونيين
تلعب الشركات الاستشارية المالية والقانونية دورًا حاسمًا في مساعدة الشركات المستهدفة على تقييم عروض الاستحواذ وتطوير استراتيجية دفاعية مناسبة. يمكن للمستشارين الماليين تقديم المشورة بشأن قيمة الشركة وتقييم شروط عرض الاستحواذ. يمكن للمستشارين القانونيين تقديم المشورة بشأن الجوانب القانونية والتنظيمية لعرض الاستحواذ، بما في ذلك قوانين مكافحة الاحتكار وقوانين الأوراق المالية.
يمكن للمستشارين أيضًا مساعدة الشركة المستهدفة على التواصل مع المساهمين وشرح دوافعها وأهدافها. يمكنهم أيضًا المساعدة في التفاوض مع المشتري المحتمل أو مع “فارس أبيض” محتمل.
التأثير على سوق عمليات الاندماج والاستحواذ
يؤثر “دفاع نانسي ريغان”، وغيره من التكتيكات الدفاعية، على سوق عمليات الاندماج والاستحواذ (M&A). يمكن لهذه التكتيكات أن تجعل عملية الاستحواذ أكثر صعوبة وتكلفة، مما قد يثبط الشركات عن تقديم عروض للاستحواذ في المقام الأول. ومع ذلك، يمكن لهذه التكتيكات أيضًا أن تحمي الشركات من الاستحواذات غير المرغوب فيها التي قد تضر بمصالح المساهمين.
يعتمد تأثير هذه التكتيكات على سوق عمليات الاندماج والاستحواذ على مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك الظروف الاقتصادية والتنظيمية، وقيمة الشركات المستهدفة، ومواقف المساهمين.
خاتمة
يُعد “دفاع نانسي ريغان” تكتيكًا ماليًا معقدًا يهدف إلى إفشال محاولات الاستحواذ أو الاندماج. يتضمن هذا الدفاع اتخاذ إجراءات تجعل الشركة المستهدفة أقل جاذبية للمشتري المحتمل. على الرغم من أن هذا الدفاع يمكن أن يحمي استقلالية الشركة ويحمي مصالح المساهمين، إلا أنه قد يؤدي أيضًا إلى تدمير قيمة الشركة وإغضاب المساهمين. يجب على الشركات التي تفكر في استخدام هذا الدفاع أن تضع في اعتبارها الاعتبارات القانونية والأخلاقية وأن تستشير المستشارين الماليين والقانونيين.