الأصول والتأسيس
نشأت فكرة جمعية ليندسفارن من رؤية ويليام إيرفين تومبسون، الذي كان مهتمًا بدراسة التحولات الثقافية والروحية في المجتمع الحديث. كان تومبسون يرى أن هناك حاجة إلى منصة تجمع المفكرين والعلماء والفنانين من مختلف التخصصات لمناقشة التحديات التي تواجه الحضارة الإنسانية واقتراح حلول مبتكرة. استوحى اسم الجمعية من جزيرة ليندسفارن في إنجلترا، التي كانت مركزًا للتعلم والروحانية في العصور الوسطى.
في عام 1972، أطلق تومبسون رسميًا جمعية ليندسفارن، وجذب إليها مجموعة من الأفراد البارزين الذين شاركوه رؤيته. كان من بين الأعضاء المؤسسين علماء بارزون مثل غريغوري بيتسون، وهيزل هندرسون، وفرانك هربرت (مؤلف سلسلة كتب الخيال العلمي “الكثيب”).
الأهداف والمبادئ
حددت جمعية ليندسفارن مجموعة من الأهداف والمبادئ التي وجهت أنشطتها وبرامجها. يمكن تلخيص هذه الأهداف والمبادئ فيما يلي:
- تعزيز الوعي الكوكبي: سعت الجمعية إلى تطوير فهم أعمق للعلاقات المتبادلة بين البشر والبيئة والكوكب ككل.
- استكشاف الأبعاد الروحية للوجود: شجعت الجمعية على البحث عن المعنى والقيمة في الحياة، والتحقيق في مختلف التقاليد الروحية والفلسفية.
- تشجيع الإبداع والابتكار: دعمت الجمعية الفنانين والعلماء والمفكرين الذين يسعون إلى إيجاد حلول جديدة للتحديات الاجتماعية والبيئية.
- تعزيز الحوار بين الثقافات: سعت الجمعية إلى بناء جسور التواصل والتفاهم بين مختلف الثقافات والشعوب.
- تطوير نماذج جديدة للمجتمع: استكشفت الجمعية إمكانيات إنشاء مجتمعات أكثر استدامة وعدالة وسلامًا.
الأنشطة والبرامج
نفذت جمعية ليندسفارن مجموعة متنوعة من الأنشطة والبرامج لتحقيق أهدافها. شملت هذه الأنشطة:
- المؤتمرات والندوات: نظمت الجمعية مؤتمرات وندوات جمعت خبراء من مختلف المجالات لمناقشة القضايا الهامة وتبادل الأفكار.
- ورش العمل والدورات التدريبية: قدمت الجمعية ورش عمل ودورات تدريبية حول مجموعة واسعة من المواضيع، مثل الوعي البيئي، والتنمية المستدامة، والروحانية، والفنون.
- النشر: نشرت الجمعية كتبًا ومقالات ومجلات تروج لأفكارها ورؤيتها.
- المشاريع البحثية: دعمت الجمعية المشاريع البحثية التي تهدف إلى استكشاف حلول جديدة للتحديات الاجتماعية والبيئية.
- المجتمعات السكنية: أنشأت الجمعية مجتمعات سكنية حيث يمكن للأفراد الذين يشاركونها رؤيتها العيش والعمل معًا.
من بين أبرز المؤتمرات والندوات التي نظمتها جمعية ليندسفارن، نذكر مؤتمر “التحول العالمي” الذي عقد في عام 1982، والذي جمع قادة فكريين وروحيين من جميع أنحاء العالم لمناقشة مستقبل البشرية. كما نظمت الجمعية سلسلة من ورش العمل حول موضوع “الاقتصاد الأخضر” في الثمانينيات، والتي ساهمت في تطوير هذا المفهوم.
الشخصيات الرئيسية
بالإضافة إلى ويليام إيرفين تومبسون، لعبت العديد من الشخصيات البارزة دورًا هامًا في جمعية ليندسفارن. من بين هؤلاء:
- غريغوري بيتسون: عالم أنثروبولوجيا وعالم اجتماع وعالم سيبرنيطيقي، اشتهر بأعماله حول نظرية الأنظمة والتواصل.
- هيزل هندرسون: اقتصادية وكاتبة، اشتهرت بأعمالها حول الاقتصاد البديل والتنمية المستدامة.
- فرانك هربرت: كاتب خيال علمي، اشتهر بسلسلة كتب “الكثيب”، التي تستكشف موضوعات مثل البيئة والسياسة والدين.
- جون تود: عالم أحياء ومؤسس معهد نيو ألكمي، اشتهر بأعماله حول الزراعة المستدامة والتكنولوجيا المناسبة.
- نانسي جاك تود: عالمة أحياء ومصممة بيئية، شاركت في تأسيس معهد نيو ألكمي مع زوجها جون تود.
التأثير والإرث
تركت جمعية ليندسفارن بصمة واضحة على الفكر والثقافة في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين. ساهمت الجمعية في نشر الوعي حول القضايا البيئية والاجتماعية، وشجعت على البحث عن حلول مبتكرة للتحديات التي تواجه الحضارة الإنسانية. كما لعبت الجمعية دورًا هامًا في تطوير مفاهيم مثل الوعي الكوكبي، والاقتصاد الأخضر، والروحانية البيئية.
على الرغم من أن جمعية ليندسفارن قد توقفت عن العمل في عام 2012، إلا أن إرثها لا يزال حيًا. تستمر أفكار الجمعية في إلهام المفكرين والناشطين والفنانين في جميع أنحاء العالم، وتظل ذات صلة بالتحديات التي نواجهها اليوم.
انتقادات
على الرغم من تأثيرها الإيجابي، واجهت جمعية ليندسفارن أيضًا بعض الانتقادات. اتهمها البعض بأنها نخبوية وغير واقعية، وأنها تركز بشكل كبير على الأفكار النظرية وتتجاهل القضايا العملية. كما انتقد البعض الآخر تركيز الجمعية على الروحانية، واعتبروا أنها تروج لأفكار غامضة وغير علمية.
ومع ذلك، يرى العديد من المدافعين عن الجمعية أن هذه الانتقادات غير عادلة. يؤكدون أن الجمعية كانت تهدف إلى تشجيع التفكير النقدي والإبداعي، وأنها كانت منفتحة على مجموعة واسعة من وجهات النظر. كما يشيرون إلى أن الجمعية ساهمت في إحداث تغيير إيجابي في العالم من خلال الترويج لأفكار جديدة ودعم المشاريع المبتكرة.
خاتمة
كانت جمعية ليندسفارن مؤسسة فريدة من نوعها جمعت مجموعة متنوعة من المفكرين والعلماء والفنانين لاستكشاف وتشكيل وعي كوكبي جديد. على الرغم من أنها توقفت عن العمل، إلا أن إرثها لا يزال حيًا ويستمر في إلهام الأفراد والمجتمعات في جميع أنحاء العالم.