<![CDATA[
نشأته وحياته المبكرة
ولد محمد نمر الخطيب في مدينة حيفا عام 1918، ونشأ في أسرة ذات نفوذ سياسي واجتماعي. تلقى تعليمه الأولي في مدارس حيفا، ثم انتقل إلى القاهرة للدراسة في جامعة الأزهر، حيث تخصص في الشريعة الإسلامية. خلال فترة دراسته في الأزهر، انخرط في الأنشطة السياسية والوطنية، وأصبح من المناصرين للقضية الفلسطينية. تأثر الخطيب بشخصيات وطنية بارزة في تلك الفترة، مثل الحاج أمين الحسيني، مفتي القدس، الذي كان له تأثير كبير على توجهاته السياسية.
بعد عودته إلى فلسطين، انخرط الخطيب في العمل السياسي بشكل مباشر، وانضم إلى صفوف الحركة الوطنية الفلسطينية. عمل في عدة مناصب قيادية في الحركة، وكان له دور فعال في تنظيم الفعاليات والمظاهرات التي تهدف إلى مقاومة الانتداب البريطاني والمطالبة بالاستقلال.
دوره في اللجنة العربية العليا
اللجنة العربية العليا كانت الهيئة القيادية العليا للفلسطينيين خلال فترة الانتداب البريطاني، وتألفت من ممثلين عن مختلف الفصائل والمنظمات الوطنية. لعبت اللجنة دورًا حاسمًا في توجيه الحركة الوطنية الفلسطينية، والتعبير عن مطالب الشعب الفلسطيني أمام السلطات البريطانية والمجتمع الدولي. تولى محمد نمر الخطيب منصبًا قياديًا في اللجنة، وكان من أبرز الداعمين للحاج أمين الحسيني، الذي كان يرأس اللجنة لفترة طويلة.
خلال فترة عضويته في اللجنة العربية العليا، شارك الخطيب في العديد من المفاوضات مع البريطانيين وممثلي الحركة الصهيونية. كان من أشد المعارضين للهجرة اليهودية إلى فلسطين، وطالب بوقفها بشكل كامل. كما دعا إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على كامل أراضيها.
مواقفه السياسية
تميزت مواقف محمد نمر الخطيب السياسية بالصلابة والتمسك بالحقوق الفلسطينية. كان يعتبر أن القضية الفلسطينية هي قضية مركزية للأمة العربية والإسلامية، وأن الدفاع عنها واجب على كل مسلم وعربي. كان يرى أن الحل العادل للقضية الفلسطينية يكمن في إقامة دولة فلسطينية مستقلة على كامل أراضيها، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.
عارض الخطيب بشدة أي حلول وسط أو تسويات لا تلبي الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية. كان يعتبر أن التفاوض مع الإسرائيليين يجب أن يتم على أساس المساواة والندية، وأن أي اتفاق يجب أن يضمن حقوق الشعب الفلسطيني كاملة.
دعا الخطيب إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية، ورأى أن الوحدة هي السلاح الأقوى لمواجهة التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية. كان يعمل باستمرار على توحيد الصفوف الفلسطينية، وتجاوز الخلافات الداخلية، من أجل تحقيق الهدف الأسمى وهو تحرير فلسطين.
الخطيب والحاج أمين الحسيني
كانت العلاقة بين محمد نمر الخطيب والحاج أمين الحسيني علاقة وثيقة وقوية. كان الخطيب يعتبر الحسيني قائدًا وطنيًا وزعيمًا تاريخيًا، وكان يكن له كل الاحترام والتقدير. تأثر الخطيب بأفكار الحسيني ومواقفه السياسية، وكان من أبرز المؤيدين له في اللجنة العربية العليا.
عمل الخطيب والحسيني معًا على تعزيز القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، وكانا يتبادلان الزيارات واللقاءات بشكل مستمر. كانا يتشاوران في كل القضايا المتعلقة بالشأن الفلسطيني، ويتخذان القرارات بشكل مشترك.
بعد وفاة الحاج أمين الحسيني، استمر الخطيب في حمل راية النضال من أجل القضية الفلسطينية، وظل متمسكًا بالمبادئ التي تربى عليها في ظل قيادة الحسيني.
الخطيب بعد النكبة
بعد النكبة عام 1948، اضطر محمد نمر الخطيب إلى مغادرة فلسطين، واستقر في لبنان. استمر في العمل السياسي والدبلوماسي من أجل القضية الفلسطينية، وأسس العديد من المنظمات والجمعيات التي تهدف إلى دعم اللاجئين الفلسطينيين والحفاظ على هويتهم الوطنية.
زار الخطيب العديد من الدول العربية والأجنبية، والتقى بالعديد من الزعماء والمسؤولين، وشرح لهم معاناة الشعب الفلسطيني وطالبهم بالدعم والمساعدة. كان يعتبر أن القضية الفلسطينية هي قضية إنسانية وأخلاقية، وأن على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاهها.
شارك الخطيب في العديد من المؤتمرات والندوات التي تناولت القضية الفلسطينية، وقدم فيها أوراق عمل ومداخلات قيمة. كان يعتبر أن الحوار والتواصل هما السبيل الأمثل لحل النزاعات، وأن على الفلسطينيين والإسرائيليين أن يجلسوا إلى طاولة المفاوضات للوصول إلى حل عادل ودائم.
وفاته
توفي محمد نمر الخطيب في 15 نوفمبر 2010، عن عمر يناهز 92 عامًا. تركت وفاته فراغًا كبيرًا في الساحة الفلسطينية، وحزن عليه الكثير من الفلسطينيين والعرب. كان الخطيب رمزًا للنضال الوطني الفلسطيني، وقدم الكثير من أجل القضية الفلسطينية. سيظل اسمه محفورًا في ذاكرة الشعب الفلسطيني، وسيظل قدوة للأجيال القادمة.
إرثه
ترك محمد نمر الخطيب إرثًا كبيرًا من العمل السياسي والدبلوماسي، والكتابات والمؤلفات التي تتناول القضية الفلسطينية. كان يعتبر أن الكتابة هي سلاح فعال في معركة الوعي، وأن على المثقفين والكتاب أن يساهموا في نشر الوعي بالقضية الفلسطينية وفضح جرائم الاحتلال.
أسس الخطيب العديد من المكتبات والمراكز الثقافية التي تهدف إلى الحفاظ على التراث الفلسطيني ونشره. كان يعتبر أن التراث هو الهوية، وأن على الفلسطينيين أن يحافظوا على تراثهم وتقاليدهم من الاندثار.
ظل محمد نمر الخطيب متمسكًا بحلمه في رؤية دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على كامل أراضيها، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم. كان يؤمن بأن هذا الحلم سيتحقق يومًا ما، وأن النصر حليف الشعب الفلسطيني.
خاتمة
محمد نمر الخطيب، شخصية وطنية فلسطينية بارزة، كرس حياته للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني. من خلال دوره القيادي في اللجنة العربية العليا، ومواقفه السياسية الثابتة، وعلاقاته الوثيقة بالحاج أمين الحسيني، استطاع أن يترك بصمة واضحة في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية. على الرغم من الصعاب والتحديات، ظل الخطيب متمسكًا بأمله في تحقيق الاستقلال والعودة، وسيظل إرثه مصدر إلهام للأجيال القادمة.