نشأته وبداياته
ولد كلارنس بلومفيلد مور في فيلادلفيا، بنسلفانيا، في عائلة ثرية. ورث مور ثروة كبيرة، مما منحه الاستقلال المالي اللازم لمتابعة اهتماماته في علم الآثار دون الحاجة إلى الحصول على وظيفة تقليدية. درس في جامعة هارفارد، لكنه لم يحصل على درجة علمية رسمية. ومع ذلك، فقد استثمر وقته في دراسة التاريخ الطبيعي وعلم الإنسان، مما هيأه لمسيرته المهنية في علم الآثار.
أعماله الأثرية
بدأ مور مسيرته الأثرية في أوائل تسعينيات القرن التاسع عشر. قام بعدة رحلات استكشافية إلى الجنوب الشرقي، حيث أجرى عمليات تنقيب واسعة النطاق في العديد من المواقع الأثرية. استخدم مور قاربه الخاص، الذي أطلق عليه اسم “غوشا” (Goshawk)، للتنقل في الأنهار والقنوات والوصول إلى المواقع البعيدة. سمح له هذا القارب بالوصول إلى مناطق يصعب الوصول إليها عن طريق البر، مما أتاح له الفرصة لاستكشاف مواقع لم يتم استكشافها من قبل.
ركزت أعمال مور في المقام الأول على تلال الدفن، وهي عبارة عن تلال اصطناعية تحتوي على مقابر ومقتنيات جنائزية. قام بتوثيق مئات التلال وجمع آلاف القطع الأثرية، بما في ذلك الفخار والأسلحة والأدوات والحلي. كان مور دقيقًا في عمله، حيث قام بتسجيل مواقع القطع الأثرية وتصنيفها بعناية.
مساهماته في علم الآثار
ساهم عمل مور بشكل كبير في تطوير علم الآثار في الولايات المتحدة. قدمت أبحاثه معلومات قيمة حول ثقافات ما قبل التاريخ في جنوب شرق الولايات المتحدة. حدد مور العديد من المواقع الأثرية الهامة وكشف عن ثروة من المعلومات حول حياة وعادات وطقوس هؤلاء الأشخاص. كان عمله من أوائل المحاولات لتصنيف وتأريخ القطع الأثرية، مما ساعد في وضع أسس علم الآثار كعلم مستقل.
من بين مساهمات مور البارزة:
- توثيق المواقع الأثرية: قام مور بتوثيق مئات المواقع الأثرية، بما في ذلك تلال الدفن والمواقع السكنية، مما وفر قاعدة بيانات قيمة للباحثين اللاحقين.
- جمع القطع الأثرية: جمع مور آلاف القطع الأثرية التي ساعدت في فهمنا للحياة اليومية والمعتقدات الدينية والفنية لثقافات ما قبل التاريخ.
- التنقيب المنظم: على الرغم من أن أساليبه لم تكن بالضرورة متوافقة مع المعايير الحديثة لعلم الآثار، فقد طبق مور أساليب تنقيب أكثر منهجية من أسلافه، مما ساعد في تحسين دقة وشمولية بياناته.
- النشر: نشر مور سلسلة من التقارير عن أبحاثه، مما جعل اكتشافاته في متناول جمهور أوسع وساهم في نشر المعرفة حول علم الآثار في الولايات المتحدة.
أعماله الرئيسية ومنشوراته
نشر مور العديد من التقارير والمقالات حول اكتشافاته الأثرية. من بين أعماله الرئيسية:
- “عبر ولايات فلوريدا وألاباما” (Certain Aboriginal Remains of the Black Warrior River)
- “البقايا الأصلية في جنوب غرب جورجيا” (Certain Aboriginal Remains of the Northwest Florida Coast)
- “البقايا الأصلية لساحل الخليج” (Certain Aboriginal Remains of the Florida Peninsula)
- “البقايا الأصلية لوادي المسيسيبي” (Certain Aboriginal Remains of the Lower Mississippi Valley)
ساهمت هذه المنشورات في تأسيس مور كشخصية رئيسية في علم الآثار الأمريكي. قدمت رؤى قيمة حول ثقافة العصور القديمة في جنوب شرق الولايات المتحدة.
انتقادات وتحديات
واجه عمل مور بعض الانتقادات على مر السنين. كان تركيزه في المقام الأول على جمع القطع الأثرية، بدلاً من الحفاظ عليها أو حمايتها. أدى هذا إلى تدمير بعض المواقع الأثرية أو إتلافها. بالإضافة إلى ذلك، لم يكن مور دائمًا حريصًا على توثيق عمله بشكل كافٍ، مما جعل من الصعب على الباحثين اللاحقين إعادة تفسير اكتشافاته.
على الرغم من هذه الانتقادات، لا يزال عمل مور يحظى بتقدير كبير. ساهمت اكتشافاته في فهمنا للحضارات القديمة التي سكنت جنوب شرق الولايات المتحدة. كما ساعد في إرساء أسس علم الآثار كعلم مستقل.
إرثه
ترك كلارنس بلومفيلد مور إرثًا دائمًا في علم الآثار. ساهمت اكتشافاته في فهمنا للحضارات القديمة في جنوب شرق الولايات المتحدة. يعتبر مور من الرواد الأوائل في مجال التنقيب الأثري في أمريكا الشمالية، وقد ساهمت جهوده بشكل كبير في تطوير علم الآثار كعلم مستقل. ألهم عمله العديد من علماء الآثار اللاحقين، ولا تزال اكتشافاته تدرس وتفسر حتى اليوم.
تم الاعتراف بأهمية عمله من خلال العديد من الجوائز والتكريمات. على سبيل المثال، تم تسمية موقع أثري في فلوريدا باسمه “موقع مور”. يواصل عمله التأثير على علم الآثار، ويعتبر مساهمة قيمة في فهمنا لتاريخ وثقافة أمريكا الأصلية.
خاتمة
كان كلارنس بلومفيلد مور شخصية رائدة في علم الآثار الأمريكية. من خلال عمله الرائد في جنوب شرق الولايات المتحدة، اكتشف ووصف العديد من المواقع الأثرية وجمع آلاف القطع الأثرية. على الرغم من الانتقادات التي وجهت إلى عمله، فقد ترك مور إرثًا دائمًا، وساهمت اكتشافاته بشكل كبير في فهمنا للحضارات القديمة في أمريكا الشمالية. ساهمت أعماله في تأسيس علم الآثار كعلم مستقل، ولا تزال دراسة إسهاماته مهمة حتى اليوم.
المراجع
- موسوعة بريتانيكا (Encyclopaedia Britannica)
- متحف التاريخ الطبيعي في فلوريدا (Florida Museum of Natural History)
- مجلة علم الآثار الأمريكية (American Antiquity)
- مؤسسة جيلدر ليرمان للتاريخ الأمريكي (Gilder Lehrman Institute of American History)
“`