تاريخ الشركة ونشأتها
تعود جذور شركة داكوتا للتحويل الغازي إلى أزمة الطاقة التي ضربت الولايات المتحدة في سبعينيات القرن الماضي. ففي ظل ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي، سعت الحكومة الأمريكية إلى إيجاد مصادر بديلة للطاقة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد. ومن بين هذه المصادر البديلة، برزت تقنية تحويل الفحم إلى غاز طبيعي اصطناعي كحل واعد.
في عام 1980، بدأت شركة “جريت بلينز غازيفيكيشن أسوشيتس” (Great Plains Gasification Associates) في بناء مصنع ضخم لتحويل الفحم إلى غاز طبيعي اصطناعي في مدينة بيولا بولاية داكوتا الشمالية. وقد كان هذا المشروع مدعومًا من قبل وزارة الطاقة الأمريكية. واجه المشروع العديد من التحديات التقنية والمالية، وكاد أن يتوقف في منتصف الثمانينيات. إلا أن الحكومة الفيدرالية تدخلت لإنقاذه، وفي عام 1984، تم تأسيس شركة داكوتا للتحويل الغازي لتشغيل المصنع وإدارته.
عملية تحويل الفحم إلى غاز طبيعي اصطناعي
تعتمد شركة داكوتا للتحويل الغازي على تقنية متقدمة لتحويل الفحم إلى غاز طبيعي اصطناعي. تتلخص هذه العملية في الخطوات التالية:
- تجهيز الفحم: يتم استخراج الفحم من منجم قريب من المصنع، ثم يتم طحنه وتجفيفه.
- التغويز: يتم إدخال الفحم إلى مفاعلات تغويز ضخمة، حيث يتعرض لدرجات حرارة عالية وضغط مرتفع في وجود البخار والأكسجين. تتسبب هذه الظروف في تفاعل الفحم مع البخار والأكسجين لإنتاج خليط من الغازات يسمى “غاز التخليق” (Syngas). يتكون غاز التخليق بشكل أساسي من أول أكسيد الكربون والهيدروجين.
- تنقية غاز التخليق: يتم تنقية غاز التخليق لإزالة الشوائب مثل ثاني أكسيد الكربون وكبريتيد الهيدروجين. يتم تحويل هذه الشوائب إلى منتجات ثانوية قابلة للتسويق، مثل ثاني أكسيد الكربون الذي يستخدم في تعزيز استخراج النفط.
- الميثنة: يتم إدخال غاز التخليق النقي إلى مفاعلات الميثنة، حيث يتفاعل أول أكسيد الكربون والهيدروجين في وجود عامل مساعد لإنتاج غاز الميثان (الغاز الطبيعي).
- تجفيف الغاز الطبيعي: يتم تجفيف الغاز الطبيعي الناتج لإزالة أي بقايا من الماء.
- ضغط الغاز الطبيعي: يتم ضغط الغاز الطبيعي لتهيئته للنقل عبر خطوط الأنابيب.
تنتج شركة داكوتا للتحويل الغازي حوالي 160 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي الاصطناعي يوميًا. يتم نقل هذا الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى مختلف أنحاء الولايات المتحدة.
المنتجات الثانوية
بالإضافة إلى الغاز الطبيعي الاصطناعي، تنتج شركة داكوتا للتحويل الغازي عددًا من المنتجات الثانوية القيمة، بما في ذلك:
- ثاني أكسيد الكربون: يتم التقاط ثاني أكسيد الكربون الناتج عن عملية التغويز وبيعه لشركات النفط لاستخدامه في تعزيز استخراج النفط.
- الأمونيا: يتم إنتاج الأمونيا من النيتروجين المستخلص من الهواء والهيدروجين المنتج في عملية التغويز. تستخدم الأمونيا في صناعة الأسمدة.
- الفينولات: تستخدم الفينولات في صناعة الراتنجات والمواد اللاصقة.
- الكريزولات: تستخدم الكريزولات في صناعة المطهرات والمبيدات الحشرية.
- الزيلين: يستخدم الزيلين كمذيب وفي صناعة البلاستيك.
الأثر البيئي
تثير عملية تحويل الفحم إلى غاز طبيعي اصطناعي بعض المخاوف البيئية، بما في ذلك انبعاثات غازات الدفيئة. ومع ذلك، اتخذت شركة داكوتا للتحويل الغازي عددًا من الخطوات لتقليل أثرها البيئي، بما في ذلك:
- التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون: تقوم الشركة بالتقاط جزء كبير من ثاني أكسيد الكربون الناتج عن عملية التغويز وتخزينه في طبقات جيولوجية عميقة.
- تحسين كفاءة استخدام الطاقة: تستثمر الشركة في تقنيات جديدة لتحسين كفاءة استخدام الطاقة في مصنعها.
- إعادة تدوير المياه: تقوم الشركة بإعادة تدوير المياه المستخدمة في عملية التغويز لتقليل استهلاك المياه.
تعتبر شركة داكوتا للتحويل الغازي رائدة في مجال تقنية تحويل الفحم إلى غاز طبيعي اصطناعي. وقد ساهمت الشركة في تطوير هذه التقنية وجعلها أكثر كفاءة وصديقة للبيئة. ومع ذلك، لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجه هذه التقنية، بما في ذلك التكلفة العالية والانبعاثات البيئية. يجب مواجهة هذه التحديات لكي تصبح تقنية تحويل الفحم إلى غاز طبيعي اصطناعي بديلاً قابلاً للتطبيق على نطاق واسع للوقود الأحفوري التقليدي.
الأهمية الاقتصادية
تلعب شركة داكوتا للتحويل الغازي دورًا هامًا في الاقتصاد المحلي لولاية داكوتا الشمالية. توفر الشركة فرص عمل لأكثر من 500 شخص، وتساهم في زيادة الإيرادات الضريبية للولاية. بالإضافة إلى ذلك، تدعم الشركة العديد من الشركات المحلية من خلال شراء السلع والخدمات منها.
على الصعيد الوطني، تساهم شركة داكوتا للتحويل الغازي في تعزيز أمن الطاقة في الولايات المتحدة من خلال توفير مصدر محلي للغاز الطبيعي. كما تساهم الشركة في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد، وبالتالي تحسين الميزان التجاري للولايات المتحدة.
التحديات المستقبلية
تواجه شركة داكوتا للتحويل الغازي عددًا من التحديات المستقبلية، بما في ذلك:
- انخفاض أسعار الغاز الطبيعي: أدى انخفاض أسعار الغاز الطبيعي المنتج من مصادر أخرى، مثل الغاز الصخري، إلى زيادة المنافسة على شركة داكوتا للتحويل الغازي.
- القيود البيئية: تزداد القيود البيئية صرامة، مما قد يزيد من تكلفة تشغيل مصنع الشركة.
- التغيرات التكنولوجية: تتطور التقنيات المستخدمة في إنتاج الطاقة باستمرار، مما قد يتطلب من الشركة الاستثمار في تقنيات جديدة للحفاظ على قدرتها التنافسية.
للتغلب على هذه التحديات، تحتاج شركة داكوتا للتحويل الغازي إلى:
- تحسين كفاءة الإنتاج: يجب على الشركة مواصلة تحسين كفاءة الإنتاج لخفض التكاليف.
- تطوير منتجات جديدة: يجب على الشركة تطوير منتجات جديدة من الفحم، مثل المواد الكيميائية والوقود السائل، لزيادة إيراداتها.
- الاستثمار في التقنيات النظيفة: يجب على الشركة الاستثمار في التقنيات النظيفة لتقليل أثرها البيئي.
مقارنة مع تقنيات أخرى
تعتبر تقنية تحويل الفحم إلى غاز طبيعي اصطناعي واحدة من بين العديد من التقنيات المستخدمة في إنتاج الطاقة. من بين التقنيات الأخرى:
- إنتاج الغاز الطبيعي من الغاز الصخري: يتم استخراج الغاز الطبيعي من الغاز الصخري عن طريق تكسير الصخور باستخدام الماء والمواد الكيميائية.
- إنتاج الغاز الطبيعي المتجدد من الكتلة الحيوية: يتم إنتاج الغاز الطبيعي المتجدد من الكتلة الحيوية، مثل المخلفات الزراعية والخشب، عن طريق عملية التغويز أو التخمير اللاهوائي.
- إنتاج الهيدروجين من مصادر متجددة: يتم إنتاج الهيدروجين من مصادر متجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، عن طريق التحليل الكهربائي للماء.
تتميز كل من هذه التقنيات بمزايا وعيوب. تعتبر تقنية تحويل الفحم إلى غاز طبيعي اصطناعي أكثر تكلفة من إنتاج الغاز الطبيعي من الغاز الصخري، ولكنها قد تكون أكثر صداقة للبيئة إذا تم التقاط وتخزين ثاني أكسيد الكربون الناتج عن عملية التغويز. يعتبر إنتاج الغاز الطبيعي المتجدد من الكتلة الحيوية أكثر صداقة للبيئة من تقنية تحويل الفحم إلى غاز طبيعي اصطناعي، ولكنه قد يكون أكثر تكلفة.
خاتمة
تُعد شركة داكوتا للتحويل الغازي مثالاً على الجهود المبذولة لتنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري التقليدي. على الرغم من التحديات التي تواجهها الشركة، إلا أنها تظل لاعباً هاماً في سوق الطاقة الأمريكي، وتساهم في توفير فرص العمل ودعم الاقتصاد المحلي. مستقبل الشركة يعتمد على قدرتها على التكيف مع التغيرات في سوق الطاقة وتبني تقنيات جديدة تجعلها أكثر كفاءة وصداقة للبيئة.