تاريخ المتفطرة البحرية
تم اكتشاف المتفطرة البحرية لأول مرة في عام 1926 من قبل باحث يدعى جوهانز. وصفها في البداية على أنها مسببة لمرض السل في الأسماك البحرية. في وقت لاحق، تم التعرف عليها كمسبب لعدوى جلدية في البشر في عام 1951. سميت المتفطرة البحرية بهذا الاسم نسبة إلى البيئة البحرية التي تم عزلها منها في البداية. على مر السنين، أظهرت الدراسات أن هذه البكتيريا موجودة على نطاق واسع في البيئات المائية، بما في ذلك المسطحات المائية العذبة والمالحة.
الخصائص الميكروبيولوجية
المتفطرة البحرية هي بكتيريا عصوية الشكل، أي أنها طويلة ورقيقة وتشبه العصا. تعتبر من البكتيريا الهوائية، وهذا يعني أنها تحتاج إلى الأكسجين للنمو. تتميز بجدار خلوي معقد يحتوي على نسبة عالية من الأحماض الميكولية، وهي دهون شمعية تعطي البكتيريا مقاومة عالية للعوامل البيئية القاسية والمطهرات. هذه الأحماض الميكولية تجعل البكتيريا أيضًا مقاومة للبقع الحمضية الكحولية، وهي خاصية تستخدم في التشخيص المخبري. المتفطرة البحرية بطيئة النمو، حيث يستغرق تكاثرها من عدة أيام إلى أسابيع في المختبر.
تنمو المتفطرة البحرية بشكل أفضل في درجات حرارة تتراوح بين 28 و 32 درجة مئوية. هذا النطاق من درجات الحرارة يفسر سبب تفضيلها للأطراف الخارجية للجسم، حيث تكون درجة الحرارة أقل منها في الأعضاء الداخلية. يمكن أن تنمو المستعمرات في البيئات الصناعية، مثل حمامات السباحة وأحواض السمك.
طرق انتقال العدوى
تنتقل عدوى المتفطرة البحرية في الغالب عن طريق الجروح أو الخدوش في الجلد التي تتعرض للماء الملوث أو الأسطح الملوثة. تشمل المصادر الشائعة للعدوى:
- الماء الملوث: مثل حمامات السباحة، وأحواض السمك، والبحيرات، والمحيطات.
- الأسماك والمنتجات البحرية: يمكن أن تحمل الأسماك المصابة بالبكتيريا العدوى وتنقلها إلى البشر.
- الأدوات الحادة: مثل الشفرات، والإبر، وأدوات جراحة الأسماك.
- التربة: يمكن أن تتواجد البكتيريا في التربة الرطبة.
الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة هم الغواصون، والسباحون، وعمال أحواض السمك، وبائعو الأسماك، وأي شخص يتعامل بانتظام مع الماء الملوث. قد تحدث العدوى أيضًا بعد إجراء عمليات جراحية أو حقن في المناطق المعرضة للمياه الملوثة.
الأعراض السريرية
تختلف أعراض عدوى المتفطرة البحرية تبعًا لطريقة الدخول ومناعة الشخص المصاب. بشكل عام، تتطور الأعراض ببطء على مدى عدة أسابيع إلى أشهر بعد التعرض للبكتيريا. تشمل الأعراض الشائعة:
- التهابات جلدية: هي الأكثر شيوعًا، وتبدأ غالبًا كعقيدة صغيرة حمراء أو أرجوانية اللون في موقع الإصابة. قد تتطور العقيدات إلى تقرحات أو خراجات.
- التهاب الأوتار والزليل: قد تسبب البكتيريا التهابًا في الأوتار أو الأغشية الزليلية، مما يؤدي إلى الألم والتورم وصعوبة الحركة.
- التهاب المفاصل: في الحالات الشديدة، يمكن أن تنتشر العدوى إلى المفاصل، مما يسبب التهابًا وتورمًا وألمًا.
- التهابات العظام: قد تصيب البكتيريا العظام، مما يؤدي إلى التهاب العظم والنقي، والذي يمكن أن يسبب ألمًا شديدًا وتدمير العظام.
- التهابات الجهاز اللمفاوي: قد تسبب البكتيريا تورمًا في العقد الليمفاوية القريبة من موقع الإصابة.
في بعض الحالات، قد تكون الأعراض خفيفة وتختفي من تلقاء نفسها. ومع ذلك، قد تتطلب الحالات الأكثر خطورة علاجًا طويل الأمد بالمضادات الحيوية أو الجراحة.
التشخيص
يعتمد تشخيص عدوى المتفطرة البحرية على التاريخ الطبي والفحص البدني والاختبارات المعملية. تشمل طرق التشخيص الشائعة:
- الفحص البدني: يقوم الطبيب بفحص المنطقة المصابة وتقييم الأعراض.
- الزراعة: تعتبر الزراعة في المختبر هي الطريقة الأكثر دقة لتشخيص العدوى. يتم أخذ عينة من الأنسجة المصابة أو السوائل وإرسالها إلى المختبر للزراعة وتحديد نوع البكتيريا. يستغرق الحصول على النتائج من الزراعة عدة أسابيع بسبب النمو البطيء للبكتيريا.
- خزعة الجلد: قد يتم إجراء خزعة من الجلد المصاب لفحص الأنسجة تحت المجهر، مما يساعد على تحديد وجود البكتيريا.
- اختبار PCR: يمكن استخدام اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) للكشف عن الحمض النووي للبكتيريا في العينات، مما يوفر نتائج أسرع من الزراعة.
- اختبار الحساسية للمضادات الحيوية: بمجرد تحديد البكتيريا، يتم إجراء اختبارات الحساسية لتحديد المضادات الحيوية الأكثر فعالية لعلاج العدوى.
العلاج
يعتمد علاج عدوى المتفطرة البحرية على شدة العدوى وموقعها. عادةً ما يتضمن العلاج:
- المضادات الحيوية: تعتبر المضادات الحيوية هي العلاج الأساسي لعدوى المتفطرة البحرية. تشمل المضادات الحيوية الشائعة المستخدمة: كلاريثروميسين، أزيثروميسين، ريفامبين، إيثامبوتول، مينوسيكلين، دوكسيسايكلين. قد تكون هناك حاجة إلى استخدام أكثر من مضاد حيوي واحد في نفس الوقت. يستمر العلاج بالمضادات الحيوية عادةً لعدة أشهر.
- التصريف الجراحي: إذا تشكلت خراجات، فقد يحتاج الجراح إلى تصريفها لإزالة القيح وتعزيز الشفاء.
- إزالة الأنسجة المصابة: في بعض الحالات، قد يكون من الضروري إزالة الأنسجة المصابة، مثل الأنسجة المتضررة بشدة أو العظام المصابة.
- العلاج الطبيعي: قد يساعد العلاج الطبيعي في استعادة وظيفة الأطراف المصابة بعد العلاج.
من المهم الالتزام بالعلاج الموصوف من قبل الطبيب، حتى بعد اختفاء الأعراض، لمنع تكرار العدوى أو انتشارها.
الوقاية
يمكن اتخاذ عدة خطوات للوقاية من عدوى المتفطرة البحرية:
- تجنب التعرض للماء الملوث: تجنب السباحة أو الاستحمام في المياه التي يُشتبه في أنها ملوثة، مثل حمامات السباحة غير المعقمة أو المياه الراكدة.
- حماية الجروح والخدوش: قم بتغطية الجروح والخدوش بضمادات مقاومة للماء لمنع دخول البكتيريا.
- العناية بالأسماك: عند التعامل مع الأسماك، ارتدِ قفازات واقية وتجنب ملامسة الماء الملوث.
- العناية بأحواض السمك: قم بتنظيف أحواض السمك بانتظام وتغيير الماء بشكل دوري.
- الحذر عند استخدام الأدوات الحادة: توخَّ الحذر عند استخدام الأدوات الحادة، مثل الشفرات والإبر، وتجنب مشاركتها مع الآخرين.
- العناية بالنظافة الشخصية: اغسل يديك جيدًا بالماء والصابون بعد التعامل مع الماء أو الأسماك أو أي أسطح قد تكون ملوثة.
خاتمة
المتفطرة البحرية هي بكتيريا شائعة في البيئات المائية، ويمكن أن تسبب عدوى جلدية وأنسجة مختلفة في البشر. يجب على الأفراد الذين يتعاملون مع الماء الملوث أو الأسماك اتخاذ الاحتياطات اللازمة للوقاية من العدوى. يتطلب التشخيص الدقيق والعلاج المبكر بالمضادات الحيوية والتدخلات الجراحية عند الضرورة لتحقيق الشفاء التام والحد من المضاعفات.
المراجع
- Griffith, D. E. (2023). Mycobacterium marinum. StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing.
- Centers for Disease Control and Prevention. (2023). Mycobacterium marinum.
- Fass, R. (2023). Mycobacterium marinum infection. UpToDate.
- DermNet NZ. (2023). Mycobacterium marinum infection.