التاريخ والتصميم
تم بناء هذه المدمرات في حوض بناء السفن أوديرو في جنوة بإيطاليا. تم تصميمها كجزء من برنامج التسلح البحري الإيطالي بعد الحرب العالمية الأولى، بهدف تعزيز قوة الأسطول الإيطالي. تميز تصميم فئة سيلا بالعديد من الميزات التي جعلتها متقدمة على المدمرات السابقة. بلغ طول السفينة حوالي 107 أمتار، وعرضها 10 أمتار، مع إزاحة تصل إلى حوالي 1800 طن. كانت السرعة القصوى لهذه المدمرات تزيد عن 35 عقدة، مما جعلها سفنًا سريعة الحركة وقادرة على أداء مجموعة واسعة من المهام.
كانت المدمرات مسلحة بـأربعة مدافع رئيسية عيار 120 ملم، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من المدافع المضادة للطائرات وأنابيب الطوربيدات. هذا التسلح جعلها قادرة على المشاركة في القتال السطحي ومهاجمة السفن المعادية والغواصات. كما تم تجهيزها بأجهزة استشعار متطورة في ذلك الوقت، مثل أجهزة السونار، لتحسين قدراتها في الكشف عن الغواصات.
سفن الفئة
تألفت فئة سيلا من أربع سفن، كل منها سمي على اسم ضابط بحري إيطالي بارز:
- سيلا (Sella): السفينة الرائدة في الفئة، سميت على اسم كوينتو سيلا، سياسي إيطالي.
- كيريني (Crispi): سميت على اسم فرانشيسكو كيريني، سياسي إيطالي آخر.
- كازاتي (Casati): سميت على اسم باولو كازاتي، ضابط بحري إيطالي.
- كاردوتشي (Carducci): سميت على اسم جوزيه كاردوتشي، شاعر إيطالي.
تم إطلاق هذه السفن في الفترة بين عامي 1925 و1927، ودخلت الخدمة في البحرية الملكية الإيطالية في أواخر عشرينيات القرن العشرين.
الخدمة العسكرية
شهدت مدمرات فئة سيلا الخدمة النشطة خلال فترة حاسمة من التاريخ. شاركت السفن في العديد من المناورات والتدريبات البحرية في البحر الأبيض المتوسط في فترة ما بين الحربين العالميتين. ومع ذلك، لم تشارك السفن في أي قتال كبير حتى اندلاع الحرب العالمية الثانية في عام 1939. عند دخول إيطاليا الحرب في عام 1940، أصبحت هذه المدمرات جزءًا أساسيًا من الأسطول الإيطالي، حيث قامت بتنفيذ مجموعة متنوعة من المهام.
شاركت هذه المدمرات في العديد من المهام، بما في ذلك:
- مرافقة القوافل: حماية السفن التجارية التي تنقل الإمدادات والرجال إلى شمال إفريقيا.
- الدوريات: البحث عن سفن العدو والغواصات.
- المشاركة في المعارك البحرية: مثل معركة كابو سبارتيفينتو في عام 1940، حيث شاركت في الاشتباك مع السفن الحربية البريطانية.
- دعم العمليات البرية: توفير الدعم الناري للقوات الإيطالية على الأرض.
واجهت المدمرات من فئة سيلا تحديات كبيرة خلال الحرب. عانت من هجمات الغواصات والطائرات المعادية، وفقدت بعض السفن نتيجة لذلك. على الرغم من هذه الخسائر، أثبتت المدمرات أنها أصول قيمة للأسطول الإيطالي، حيث قدمت الدعم الحيوي للعمليات البحرية.
المصير
شهدت السفن الأربع في فئة سيلا مصائر مختلفة خلال الحرب وبعدها. غرقت سيلا وكازاتي نتيجة للعمليات العسكرية. نجت كيريني وكاردوتشي من الحرب، لكنهما تعرضتا للتلف البالغ. بعد الحرب، تم تفكيك كيريني وكاردوتشي. على الرغم من انتهاء خدمتهم، تركت المدمرات من فئة سيلا إرثًا دائمًا كأحد أهم أنواع السفن الحربية التي صنعتها إيطاليا.
التأثير والتراث
تركت المدمرات من فئة سيلا بصمة واضحة في تاريخ البحرية الإيطالية. ساهمت في تطوير تقنيات بناء السفن الإيطالية وزيادة خبرة المهندسين والبحارة الإيطاليين. لعبت دورًا حاسمًا في العمليات العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية، وقدمت الدعم الحيوي للقوات الإيطالية في البحر. على الرغم من أن معظم السفن غرقت أو تم تفكيكها بعد الحرب، إلا أن قصصها وبطولاتها لا تزال تذكر كجزء من التراث البحري الإيطالي.
لم تكن المدمرات من فئة سيلا مجرد سفن حربية؛ بل كانت تجسيدًا للطموحات الصناعية والعسكرية لإيطاليا في ذلك الوقت. تمثل هذه السفن فترة مهمة في تاريخ بناء السفن الحربية، وتسلط الضوء على التحديات والمخاطر التي واجهها البحارة خلال الحرب العالمية الثانية.
الخصائص التقنية
لإعطاء صورة أكثر تفصيلاً، ندرج هنا بعض الخصائص التقنية الإضافية:
- الإزاحة: حوالي 1800 طن (الحمولة القياسية).
- الطول: 107.3 مترًا (إجمالي).
- العرض: 10.2 مترًا.
- الغاطس: 3.3 مترًا.
- المحركات: اثنان من توربينات البخار التي تعمل بالزيت.
- الطاقة: 44000 حصان (33 ميغاواط).
- السرعة: 35-38 عقدة (65-70 كم/ساعة).
- المدى: 4000 ميل بحري (7400 كم) عند 14 عقدة (26 كم/ساعة).
- التسلح:
- 4 × 120 ملم (4.7 بوصة) مدافع.
- 2 × 40 ملم (1.6 بوصة) مدافع مضادة للطائرات.
- 6 × 533 ملم (21 بوصة) أنابيب طوربيد (2 × 3).
- 80 لغمًا.
- الطاقم: حوالي 190 ضابطًا وبحارًا.
تشير هذه المواصفات إلى أنها كانت سفنًا قوية ومتوازنة، قادرة على الجمع بين السرعة والقوة النارية والقدرة على البقاء.
فترة ما بين الحربين العالميتين
شهدت المدمرات من فئة سيلا فترة هادئة نسبيًا في فترة ما بين الحربين العالميتين، حيث شاركت في التدريبات البحرية وعروض القوة في البحر الأبيض المتوسط. كان وجودها يمثل رمزًا للطموحات الإيطالية في المنطقة. لعبت هذه المدمرات دورًا في استعراض العلم الإيطالي، والمشاركة في الزيارات الدبلوماسية، والمساهمة في الأمن البحري الإقليمي.
شهدت هذه الفترة أيضًا تحسينات وتعديلات في تصميم السفن، بما في ذلك تحديثات في أنظمة الاتصالات والملاحة. ساعدت هذه التعديلات في الحفاظ على السفن في حالة جيدة وجاهزة للعمليات المستقبلية. قبل الحرب العالمية الثانية، كانت المدمرات من فئة سيلا تعتبر من بين أفضل السفن في البحرية الإيطالية.
دورها في الحرب العالمية الثانية
عند اندلاع الحرب العالمية الثانية، أصبحت المدمرات من فئة سيلا في الخطوط الأمامية للعمليات البحرية الإيطالية. شاركت في مرافقة القوافل من إيطاليا إلى شمال إفريقيا، وهي مهمة محفوفة بالمخاطر نظرًا لهجمات الغواصات والطائرات المعادية. قامت السفن أيضًا بدوريات في البحر الأبيض المتوسط، في محاولة لإيقاف إمدادات العدو، وحماية السفن الإيطالية.
شاركت المدمرات في العديد من الاشتباكات البحرية، بما في ذلك معركة كابو سبارتيفينتو في نوفمبر 1940، حيث اشتبكت مع السفن الحربية البريطانية. على الرغم من أنها لم تشارك في معارك كبرى، فقد قدمت دعمًا حيويًا للقوات الإيطالية. شاركت أيضًا في عمليات إنزال القوات والدعم الناري للقوات البرية في شمال إفريقيا.
لسوء الحظ، فقدت السفن في فئة سيلا في الحرب. غرقت سيلا في معركة خلال عام 1940، وفقدت كازاتي في عام 1942، وكلا الحادثين يمثلان خسائر كبيرة للأسطول الإيطالي. أما السفن الأخرى في الفئة، كيريني وكاردوتشي، فقد نجتا من الحرب، لكنهما تعرضتا للتلف، وفي النهاية تم تفكيكهما بعد انتهاء الحرب.
التراث والذكرى
على الرغم من خسارة معظم السفن، إلا أن إرث المدمرات من فئة سيلا لا يزال حيًا في تاريخ البحرية الإيطالية. تذكر كشاهد على شجاعة البحارة الإيطاليين وتفانيهم في مواجهة الشدائد. تذكر هذه السفن كجزء من تاريخ بناء السفن الإيطالية، وتشير إلى التطورات في التصميم والتكنولوجيا التي شهدتها البحرية الإيطالية في ذلك الوقت.
يتم تذكر المدمرات من فئة سيلا في المتاحف والوثائق التاريخية. تذكر قصصهم في كتب التاريخ والتقارير البحرية. يتم الاحتفال بذكرى البحارة الذين خدموا على متن هذه السفن في مراسم الذكرى السنوية. يعكس التراث المستمر لهذه المدمرات أهمية البحرية الإيطالية في التاريخ الإيطالي. تظل المدمرات من فئة سيلا رمزًا للشجاعة والابتكار في تاريخ البحرية الإيطالية.
خاتمة
المدمرات من فئة سيلا كانت تمثل قمة التطور في تصميم المدمرات الإيطالية في عشرينيات القرن العشرين. شاركت هذه السفن في الخدمة النشطة خلال فترة مضطربة، وشهدت الحرب العالمية الثانية. على الرغم من الخسائر التي تكبدتها، تركت هذه المدمرات إرثًا دائمًا في تاريخ البحرية الإيطالية، وساهمت في تطوير تقنيات بناء السفن وتعزيز خبرة البحارة الإيطاليين. تذكر هذه السفن كرمز للشجاعة والابتكار في تاريخ البحرية الإيطالية.