نشأته وتعليمه
ولد إيزيدور سينجر في وايسكيرشن، النمسا (وهي الآن جزء من الجمهورية التشيكية) في عام 1859. تلقى تعليمه في المدارس الدينية اليهودية التقليدية (يشيفا) وكذلك في الجامعات، حيث درس الفلسفة والتاريخ واللغات. أظهر منذ صغره نبوغًا فكريًا واهتمامًا عميقًا بالدراسات اليهودية.
مسيرته المهنية المبكرة
بعد الانتهاء من دراسته، عمل سينجر في البداية كحاخام وكاتب. سرعان ما انتقل إلى الصحافة والكتابة، حيث عمل في العديد من الصحف والمجلات اليهودية. أظهر قدرة فائقة على الكتابة والتأليف، مما دفعه إلى التفكير في مشاريع أكبر وأكثر طموحًا.
الموسوعة اليهودية
أشهر أعمال سينجر هو “الموسوعة اليهودية” (The Jewish Encyclopedia)، وهي موسوعة شاملة باللغة الإنجليزية تغطي تاريخ وثقافة الدين اليهودي والشعب اليهودي. بدأ سينجر في التخطيط للموسوعة في تسعينيات القرن التاسع عشر، وكان يهدف إلى إنشاء عمل مرجعي شامل ودقيق يعكس ثراء وعمق التراث اليهودي.
واجه سينجر العديد من التحديات في إنجاز هذا المشروع الضخم. كان عليه أن يجمع فريقًا من العلماء والمؤلفين من جميع أنحاء العالم، وأن يحصل على التمويل اللازم، وأن يشرف على عملية الكتابة والتحرير المعقدة. ومع ذلك، بفضل تصميمه وإصراره، تم نشر “الموسوعة اليهودية” في الفترة ما بين عامي 1901 و1906 في 12 مجلدًا.
تعتبر “الموسوعة اليهودية” عملًا رائدًا في مجال الدراسات اليهودية. فهي تغطي مجموعة واسعة من الموضوعات، بما في ذلك التاريخ اليهودي، والدين اليهودي، والأدب اليهودي، والفلسفة اليهودية، والفن اليهودي، والموسيقى اليهودية، والشخصيات اليهودية البارزة. كتبت مقالات الموسوعة من قبل نخبة من العلماء والخبراء في مجالاتهم، مما يضمن دقة وموثوقية المعلومات.
كانت “الموسوعة اليهودية” ذات تأثير كبير على الدراسات اليهودية والثقافة اليهودية. فقد ساعدت على نشر المعرفة حول اليهودية وتاريخها وثقافتها، وعززت الفهم المتبادل بين اليهود وغير اليهود. كما أنها أصبحت مرجعًا أساسيًا للعلماء والباحثين والطلاب والمهتمين بالدراسات اليهودية.
مؤسسات أخرى
بالإضافة إلى “الموسوعة اليهودية”، أسس سينجر العديد من المؤسسات الأخرى التي تهدف إلى تعزيز الدراسات اليهودية والثقافة اليهودية. من بين هذه المؤسسات:
- جامعة نيويورك اليهودية: تهدف إلى توفير التعليم العالي في الدراسات اليهودية.
- معهد البحث اليهودي: مؤسسة مخصصة للبحث العلمي في مجال الدراسات اليهودية.
- الرابطة الأمريكية للكتاب اليهود: منظمة تهدف إلى دعم الكتاب اليهود وتشجيع الكتابة اليهودية.
آراءه ومواقفه
كان سينجر شخصية مثيرة للجدل في بعض الأحيان. كان له آراء قوية حول العديد من القضايا، بما في ذلك الصهيونية، والإصلاح اليهودي، والعلاقات بين اليهود وغير اليهود. كان مدافعًا قويًا عن حقوق اليهود ومساواتهم، وعمل على مكافحة معاداة السامية والتعصب.
على الرغم من أن سينجر كان مؤيدًا للصهيونية بشكل عام، إلا أنه كان ينتقد بعض جوانبها. كان يعتقد أن الصهيونية يجب أن تركز على بناء مجتمع عادل وديمقراطي في فلسطين، وأن تحترم حقوق الفلسطينيين.
كان سينجر أيضًا منتقدًا للإصلاح اليهودي. كان يعتقد أن الإصلاح اليهودي قد ابتعد كثيرًا عن التقاليد اليهودية، وأنه قد أضعف الهوية اليهودية.
سنواته الأخيرة ووفاته
في سنواته الأخيرة، عانى سينجر من مشاكل صحية ومالية. توفي في مدينة نيويورك في عام 1939 عن عمر يناهز 79 عامًا. على الرغم من التحديات التي واجهها، ترك سينجر إرثًا دائمًا كموسوعي ومحرر ومؤسس للمؤسسات التي خدمت المجتمع اليهودي.
أهم أعماله
- The Jewish Encyclopedia (الموسوعة اليهودية)
- Russia at the Bar of the American Jewish Community (روسيا في محكمة الجالية اليهودية الأمريكية)
- Various articles and essays on Jewish history, culture, and religion (مقالات ومقالات مختلفة عن التاريخ والثقافة والدين اليهودي)
إرثه وتأثيره
لا يزال إيزيدور سينجر يُذكر ويُحتفى به لمساهماته الكبيرة في الدراسات اليهودية. “الموسوعة اليهودية” التي قام بتحريرها وتنظيمها لا تزال مرجعًا أساسيًا للعلماء والطلاب والمهتمين بالثقافة والتاريخ اليهودي. لقد أسهم عمله في تعزيز الفهم الأفضل للدين اليهودي وتراثه الغني.
بالإضافة إلى ذلك، فإن تفانيه في مكافحة معاداة السامية وتعزيز الحوار بين الأديان جعله شخصية محترمة في كل من المجتمع اليهودي وخارجه. يستمر إرث سينجر في إلهام الباحثين والكتاب والمفكرين اليوم.
خاتمة
إيزيدور سينجر كان شخصية بارزة في عالم الدراسات اليهودية. من خلال “الموسوعة اليهودية” وغيرها من المؤسسات التي أسسها، ساهم بشكل كبير في نشر المعرفة حول اليهودية وتعزيز الفهم المتبادل بين الثقافات. على الرغم من التحديات التي واجهها، ترك سينجر إرثًا دائمًا كموسوعي ومحرر وداعية لحقوق الإنسان.