نشأته وبداياته
ولد بافل سافيتش في مدينة بلغراد، صربيا. حصل على تعليم أساسي جيد، وأظهر اهتمامًا مبكرًا بالعلوم والرياضيات. درس الفيزياء والكيمياء في جامعة بلغراد، وتخرج بدرجة البكالوريوس في عام 1932. بعد تخرجه، بدأ العمل في معهد الفيزياء في بلغراد، حيث قام بأبحاث في مجال الفيزياء النووية.
العمل مع إيرين جوليو كوري
في عام 1937، حصل سافيتش على منحة دراسية للدراسة في فرنسا، حيث انضم إلى فريق العمل في معهد الراديوم في باريس، تحت إشراف إيرين جوليو كوري، ابنة ماري كوري وبيير كوري، والحائزة على جائزة نوبل في الكيمياء. تعاون سافيتش وكوري في دراسة خصائص اليورانيوم بعد قصفه بالنيوترونات. أدت هذه التجارب إلى اكتشافات مهمة ساهمت في فهم الانشطار النووي.
خلال هذه الفترة، لاحظ سافيتش وكوري شيئًا غريبًا. عند قصف اليورانيوم بالنيوترونات، ظهرت لديهم منتجات ذات خصائص كيميائية مشابهة للعناصر الخفيفة مثل اللانثانوم. في البداية، لم يتمكنوا من تفسير هذه النتائج، واقترحوا أن اليورانيوم ربما يكون قد تحول إلى عناصر أثقل نتيجة لالتقاط النيوترونات. ومع ذلك، استمروا في إجراء التجارب وتحسينها.
نُشرت ورقة بحثية لسافيتش وكوري في عام 1938 في مجلة “Comptes Rendus” الفرنسية، حيث وصفوا نتائجهم، لكنهم لم يقدموا تفسيرًا قاطعًا. أشاروا إلى أنهم وجدوا مواد ذات خصائص كيميائية مشابهة لعناصر مثل اللانثانوم، ولكنهم لم يفترضوا أن اليورانيوم انقسم إلى أجزاء أصغر. وقد أثار هذا العمل اهتمامًا كبيرًا في الأوساط العلمية.
في نهاية عام 1938، نشرت ورقة بحثية أخرى لسافيتش وكوري في مجلة “Journal de Physique et le Radium”. في هذه الورقة، قدموا مزيدًا من الأدلة على أن اليورانيوم تعرض لعملية معقدة عند قصفه بالنيوترونات. ومع ذلك، لا يزالون يترددون في تقديم تفسير واضح لآلية التفاعل.
اكتشافهم هذا، على الرغم من عدم تقديم تفسير دقيق له في البداية، لعب دورًا حاسمًا في فهم الانشطار النووي. في أوائل عام 1939، بناءً على عمل سافيتش وكوري، تمكن الفيزيائيون أوتو هان وفريتز شتراسمان في ألمانيا من إثبات أن نواة اليورانيوم تنقسم في الواقع إلى أجزاء أصغر عند قصفها بالنيوترونات. وقد أدت هذه النتائج إلى ثورة في الفيزياء النووية وأدت إلى تطوير القنبلة الذرية وتوليد الطاقة النووية.
العودة إلى يوغوسلافيا والحرب العالمية الثانية
في عام 1939، عاد سافيتش إلى بلغراد. مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، شارك في المقاومة اليوغوسلافية ضد الغزو النازي. عمل على الحفاظ على المعدات العلمية وتخزينها من التدمير. بعد الحرب، عاد إلى العمل في معهد الفيزياء في بلغراد.
مساهماته في الفيزياء النووية
بعد الحرب العالمية الثانية، لعب سافيتش دورًا أساسيًا في تطوير برنامج الفيزياء النووية في يوغوسلافيا. أسس وأدار معهد الفيزياء “بوريس كيدريتش” في فينتشا، بالقرب من بلغراد، والذي أصبح مركزًا رئيسيًا للبحوث النووية في البلاد. قام سافيتش بتوجيه الأبحاث في مجموعة متنوعة من المجالات، بما في ذلك الفيزياء النووية، والكيمياء الإشعاعية، والفيزياء الذرية.
ساهم سافيتش في تطوير التكنولوجيا النووية السلمية في يوغوسلافيا. كان له دور فعال في بناء أول مفاعل نووي في البلاد، والذي بدأ تشغيله في عام 1958 في معهد فينتشا. كما قام بتدريب جيل من العلماء والمهندسين في مجال الفيزياء النووية. بالإضافة إلى عمله في مجال البحوث، كان سافيتش ناشطًا في نشر الوعي العام بأهمية العلوم والتكنولوجيا.
كان سافيتش يؤمن بأهمية التعاون الدولي في مجال العلوم. شارك في العديد من المؤتمرات والندوات الدولية، وقام بتبادل الأفكار مع العلماء من جميع أنحاء العالم. كان عضوًا في العديد من المنظمات العلمية الدولية، مثل وكالة الطاقة الذرية الدولية.
الاعتراف والجوائز
حصل بافل سافيتش على العديد من الجوائز والأوسمة تقديرًا لمساهماته في العلوم. حصل على وسام جوقة الشرف الفرنسي، وهو أعلى وسام مدني في فرنسا. كما حصل على جائزة الدولة اليوغوسلافية للعلوم. بالإضافة إلى ذلك، حصل على العديد من درجات الدكتوراه الفخرية من جامعات مرموقة. لقد كان شخصية محترمة للغاية في المجتمع العلمي، وكان يُعرف بذكائه وإخلاصه للعلوم.
إرثه
يُذكر بافل سافيتش كأحد الرواد في مجال الفيزياء النووية. كان عمله مع إيرين جوليو كوري حاسمًا في فهم عملية الانشطار النووي. كان له دور أساسي في تطوير برنامج الفيزياء النووية في يوغوسلافيا، وساهم في تقدم العلوم والتكنولوجيا في بلاده. ترك إرثًا دائمًا كعالم رائد وقائد علمي.
استمر معهد الفيزياء “بوريس كيدريتش” في فينتشا في القيام بأبحاث مهمة في مجال الفيزياء النووية والعلوم الأخرى. يواصل المعهد تخليد ذكرى بافل سافيتش من خلال برامج تعليمية وبحثية تهدف إلى إلهام الجيل القادم من العلماء والمهندسين.
الحياة الشخصية
تزوج بافل سافيتش من بريسكا بيشيتش، وكان لديهما طفلان. كان معروفًا بحبه للموسيقى والأدب والفن. كان شخصًا متواضعًا ومتفانيًا في عمله، وكان يتمتع بتقدير كبير من قبل زملائه ومرؤوسيه. كان يتمتع بشخصية جذابة وقدرة على التواصل مع الناس من جميع الخلفيات.
السنوات الأخيرة والوفاة
تقاعد بافل سافيتش من العمل النشط في أواخر حياته، لكنه ظل مهتمًا بالعلوم حتى وفاته. توفي في بلغراد في 30 مايو 1994 عن عمر يناهز 85 عامًا. تركت مساهماته في العلوم النووية والتعليم إرثًا دائمًا، ولا يزال يُحتفى به كأحد أعظم العلماء الصرب.
خاتمة
كان بافل سافيتش عالمًا صربيًا بارزًا في الفيزياء والكيمياء، اشتهر بعمله الرائد في مجال الفيزياء النووية، خاصة في مجال الانشطار النووي بالتعاون مع إيرين جوليو كوري. ساهم في تطوير البرنامج النووي في يوغوسلافيا وأنشأ معهد فينتشا للفيزياء. ترك إرثًا هامًا في العلوم والتعليم.
المراجع
- Pavle Savić – Wikipedia
- Pavle Savić – Britannica
- Pavle Savić – Atomic Heritage Foundation
- Irène Joliot-Curie – NobelPrize.org
“`