نشأته وبداياته المهنية
ولد أوري زوهار في تل أبيب في 4 نوفمبر 1935. تلقى تعليمه في تل أبيب، وبدأ مسيرته المهنية في أوائل الخمسينيات من القرن العشرين كصحفي وناقد سينمائي. في منتصف الخمسينيات، تحول إلى العمل التلفزيوني، حيث قدم برامج ترفيهية وثقافية. في تلك الفترة، بدأ أيضًا في الظهور في الأدوار التمثيلية، مما مهد الطريق لمسيرته السينمائية.
بدأ زوهار في إخراج الأفلام في أوائل الستينيات، وسرعان ما اكتسب سمعة كمخرج موهوب ومبتكر. كان يتميز بأسلوبه الخاص في الإخراج، والذي جمع بين الفكاهة والسخرية والنقد الاجتماعي. عمل في البداية على كتابة السيناريوهات والإخراج معًا، مما سمح له بالتحكم الكامل في رؤيته الفنية.
أعماله السينمائية البارزة
خلال فترة نشاطه السينمائي، أخرج زوهار العديد من الأفلام التي أصبحت كلاسيكيات في السينما الإسرائيلية. من بين أبرز هذه الأفلام:
- “حفرة في القمر” (1964): فيلم كوميدي ساخر يعرض حياة الشباب في إسرائيل في تلك الفترة.
- “كلاب الليل” (1968): فيلم درامي يصور الواقع الاجتماعي الصعب في إسرائيل، ويعتبر من الأعمال الرائدة في السينما الإسرائيلية.
- “شوشانا وبناتها” (1969): فيلم كوميدي يروي قصة مجموعة من الأصدقاء الشباب في تل أبيب.
- “اليمامة” (1970): فيلم درامي رومانسي.
تميزت أفلام زوهار بتصويرها الجريء للواقع الإسرائيلي، وغالبًا ما تناولت مواضيع حساسة مثل الفقر، والعلاقات الاجتماعية، والحياة اليومية في إسرائيل. بفضل هذه الأفلام، أصبح زوهار شخصية محورية في السينما الإسرائيلية، وأثرت أعماله على جيل كامل من المخرجين والممثلين.
تحوله إلى اليهودية
في أواخر السبعينيات، أحدث زوهار صدمة في عالم الترفيه الإسرائيلي عندما قرر ترك عمله في السينما والتحول إلى اليهودية الأرثوذكسية المتشددة. بدأ في دراسة التوراة والتعمق في الدين اليهودي، وغير أسلوب حياته بالكامل. تخلى عن عمله السينمائي، وعاد إلى التلفزيون، ولكن هذه المرة لتقديم برامج دينية.
كان قرار زوهار بمثابة تحول كبير في حياته، وأثار جدلاً واسعًا في إسرائيل. البعض اعتبره خسارة كبيرة للسينما الإسرائيلية، بينما احترم آخرون قراره الشخصي بالبحث عن طريق روحي جديد. على الرغم من ذلك، حافظ زوهار على احترامه وتقديره من قبل الجمهور الإسرائيلي.
إسهاماته في السينما الإسرائيلية
لم تقتصر مساهمات زوهار على إخراج الأفلام الناجحة فحسب، بل امتدت أيضًا إلى تأثيره على ثقافة السينما الإسرائيلية. كان له دور كبير في تطوير أسلوب سينمائي إسرائيلي فريد من نوعه، يجمع بين الواقعية والكوميديا والسخرية. ساعد في تمهيد الطريق لأجيال جديدة من المخرجين الإسرائيليين، وساهمت أفلامه في تشكيل الهوية الثقافية لإسرائيل.
تميزت أفلام زوهار بكونها جريئة وصادقة، وغالبًا ما كانت تعكس التوتر والصراع في المجتمع الإسرائيلي. من خلال أعماله، قدم زوهار رؤية عميقة ومعقدة لإسرائيل، وأثرى النقاش العام حول القضايا الاجتماعية والثقافية.
الحياة بعد السينما
بعد تحوله إلى اليهودية، ابتعد زوهار عن الأضواء، وركز على حياته الدينية. قام بتدريس الدين، وأصبح شخصية محترمة في المجتمع الأرثوذكسي. استمر في الظهور في بعض البرامج التلفزيونية، لكنه ركز بشكل أساسي على نشر تعاليم اليهودية. على الرغم من ابتعاده عن السينما، إلا أن إرثه السينمائي ظل حيًا في ذاكرة الجمهور الإسرائيلي.
على الرغم من أنه لم يعد يصنع الأفلام، إلا أن أعماله السينمائية لا تزال تُعرض في المهرجانات السينمائية في جميع أنحاء العالم، وتُدرس في الجامعات كمثال على الإخراج السينمائي المتميز. كما أنه كان له تأثير كبير على عدد من الفنانين الذين اتخذوا مسارًا دينيًا مماثلاً.
الجوائز والتكريمات
حصل أوري زوهار على العديد من الجوائز والتكريمات على مدار مسيرته المهنية. تم تكريمه في العديد من المهرجانات السينمائية الإسرائيلية والدولية. حصل على جوائز عن إخراج وكتابة سيناريو أفلامه. كما تم تكريمه على مساهماته في تطوير السينما الإسرائيلية، وتقديراً لإرثه السينمائي الدائم.
وفاته
توفي أوري زوهار في 2 يونيو 2022، عن عمر يناهز 86 عامًا. تركت وفاته حزنًا عميقًا في قلوب محبيه وعشاق السينما الإسرائيلية. تم تكريمه في جنازته، وأقيمت له العديد من الفعاليات التذكارية في جميع أنحاء إسرائيل. تركت وفاته فراغًا كبيرًا في عالم الفن الإسرائيلي، ولكنه ترك خلفه إرثًا سينمائيًا خالدًا.
ميراثه
يُعتبر أوري زوهار واحدًا من أهم الشخصيات في تاريخ السينما الإسرائيلية. لقد ترك إرثًا سينمائيًا غنيًا ومتنوعًا، وأثرت أفلامه على عدد كبير من المخرجين والفنانين. تعتبر أفلامه مرآة تعكس الواقع الإسرائيلي في فترة زمنية حاسمة من تاريخ إسرائيل، ولا تزال هذه الأفلام تحظى بشعبية كبيرة حتى اليوم.
لقد أثبت زوهار أنه ليس فقط مخرجًا موهوبًا، بل أيضًا مفكرًا جريئًا، قادرًا على طرح أسئلة صعبة وإثارة النقاش حول القضايا الاجتماعية والثقافية. من خلال أعماله، ساهم في تشكيل الهوية الثقافية لإسرائيل، وترك بصمة لا تُمحى في تاريخ الفن الإسرائيلي.
خاتمة
كان أوري زوهار شخصية استثنائية، جمعت بين الإبداع السينمائي العميق والتحول الروحي العميق. ترك إرثًا سينمائيًا دائمًا، وأثرت أفلامه على السينما الإسرائيلية بشكل كبير. على الرغم من ابتعاده عن عالم السينما، إلا أن إرثه السينمائي لا يزال حيًا ومؤثرًا. كان زوهار فنانًا جريئًا ومفكرًا مبدعًا، وستظل أعماله محط إعجاب وتقدير للأجيال القادمة.