نشأته وبداياته المهنية
ولد ويستون برايس في ألتونا، أونتاريو، كندا. حصل على درجة الدكتوراه في طب الأسنان من جامعة ميشيغان في عام 1903. بدأ ممارسة طب الأسنان في كليفلاند، أوهايو، وسرعان ما أصبح مهتمًا بعلاج مشاكل الأسنان. في بداية مسيرته المهنية، أدرك أن العديد من مرضاه يعانون من تسوس الأسنان وأمراض اللثة، وبدأ في البحث عن أسباب هذه المشكلات.
دراسة التغذية والأسفار
قاد اهتمام برايس بصحة الأسنان إلى دراسة شاملة للتغذية. قرر السفر حول العالم لدراسة عادات الأكل للسكان الأصليين الذين لم يتعرضوا بعد للنظام الغذائي الغربي الحديث. اعتقد أن هذه المجتمعات قد تقدم دليلًا على النظام الغذائي المثالي لصحة الإنسان. زار برايس مجتمعات مختلفة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك سويسرا، جزر المحيط الهادئ، أفريقيا، أمريكا الشمالية والجنوبية، وألاسكا.
خلال رحلاته، قام برايس بدراسة النظام الغذائي، والبيئة، وصحة الأسنان، والصحة العامة للمجموعات المختلفة. لاحظ أن المجتمعات التي تتبع نظامًا غذائيًا تقليديًا وغنيًا بالعناصر الغذائية تتمتع بصحة أسنان ممتازة، ونادرًا ما تعاني من تسوس الأسنان أو أمراض اللثة. كما لاحظ أن هذه المجتمعات تتمتع بصحة جسدية عامة جيدة، مع معدلات منخفضة للأمراض المزمنة. على النقيض من ذلك، وجد أن المجتمعات التي بدأت في استهلاك الأطعمة المصنعة والسكر المكرر، مثل الدقيق الأبيض والسكر الأبيض، عانت من تدهور سريع في صحة الأسنان والصحة العامة.
نتائج أبحاثه
استنتج برايس من أبحاثه أن النظام الغذائي الغربي الحديث، الغني بالأطعمة المصنعة، والفقير في العناصر الغذائية الأساسية، هو سبب رئيسي لتسوس الأسنان والأمراض المزمنة. حدد عددًا من العوامل الغذائية التي اعتقد أنها ضرورية لصحة جيدة. ومن أبرز هذه العوامل:
- الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون: مثل فيتامينات A، D، E، و K2، الموجودة بوفرة في الأطعمة الحيوانية، وخاصة الزبدة من الأبقار التي تتغذى على العشب، وزيوت كبد السمك، وأعضاء الحيوانات.
- المعادن: مثل الكالسيوم، الفوسفور، والمغنيسيوم، الضرورية لصحة العظام والأسنان.
- العناصر الغذائية القابلة للذوبان في الماء: مثل فيتامينات ب، وفيتامين ج.
- الإنزيمات: الموجودة في الأطعمة غير المصنعة التي تساعد في هضم الطعام وامتصاصه.
قدم برايس أيضًا توصيات غذائية محددة بناءً على ملاحظاته. وشملت هذه التوصيات:
- تناول الأطعمة الكاملة غير المصنعة، بما في ذلك اللحوم العضوية، والبيض، والحليب كامل الدسم، والأسماك، والخضروات، والفواكه، والمكسرات، والبذور.
- تجنب الأطعمة المصنعة والسكر المكرر والزيوت النباتية المعالجة.
- تناول الأطعمة المخمرة مثل الزبادي والكفير والمخللات لتعزيز صحة الأمعاء.
- إعطاء الأولوية للأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية مثل زيوت كبد السمك والزبدة من الأبقار التي تتغذى على العشب.
مساهمات برايس في علم التغذية
كان لعمل برايس تأثير كبير على فهمنا للتغذية والصحة. لقد أظهر أن النظام الغذائي يلعب دورًا حاسمًا في صحة الأسنان والصحة العامة. وقد ساعدت أبحاثه في زيادة الوعي بأهمية الأطعمة الكاملة غير المصنعة وضرورة تجنب الأطعمة المصنعة والسكر المكرر والزيوت النباتية المعالجة.
نشر برايس كتابه الأكثر شهرة، “التغذية والصحة البدنية: دراسة مقارنة للأنظمة الغذائية الحديثة والتقليدية” في عام 1939. يعتبر هذا الكتاب بمثابة عمل كلاسيكي في مجال التغذية، ويقدم تفاصيل شاملة عن أبحاثه وملاحظاته. كما أنشأ مؤسسة ويستون أ. برايس، وهي منظمة مكرسة لنشر معلوماته وتعزيز التغذية التقليدية.
نقد نظرياته
على الرغم من مساهماته الكبيرة، واجهت نظريات برايس بعض الانتقادات. يجادل بعض النقاد بأن أبحاثه كانت قائمة على الملاحظات فقط وليست تجارب علمية مضبوطة. يعتقد آخرون أن تفسيراته لنتائج دراساته كانت مبسطة للغاية أو متحيزة. ومع ذلك، لا يزال عمل برايس محترمًا على نطاق واسع، ولا يزال تأثيره محسوسًا في مجال التغذية والصحة.
التأثير الحالي
لا تزال أفكار برايس تلقى صدى لدى الكثيرين في عالم اليوم. يتبنى العديد من الناس نظامًا غذائيًا يركز على الأطعمة الكاملة غير المصنعة. يواصل الناس دراسة وتقدير عمله، ويوصى غالبًا بنهجه من قبل الممارسين الصحيين الذين يبحثون عن طرق طبيعية لتعزيز الصحة والوقاية من الأمراض.
اليوم، تواصل مؤسسة ويستون أ. برايس (WAPF) عملها في نشر الرسالة. تقوم المؤسسة بتعزيز الصحة من خلال التغذية التقليدية، وتعمل على تثقيف الناس حول أهمية النظام الغذائي الغني بالمغذيات، وتجنب الأطعمة المصنعة، والاعتماد على أساليب الطهي التقليدية. تقدم المؤسسة معلومات وموارد حول مجموعة متنوعة من الموضوعات، بما في ذلك التغذية أثناء الحمل والرضاعة، صحة الأطفال، وصحة الأسنان، وصحة الجهاز الهضمي.
العديد من الممارسين الصحيين، بما في ذلك أطباء الأسنان والأطباء وأخصائيي التغذية، يوصون باتباع مبادئ التغذية التي اقترحها برايس. وهم يشجعون على تناول الأطعمة الكاملة غير المصنعة، وتجنب الأطعمة المصنعة، والتركيز على الأطعمة الغنية بالمغذيات. يعتقدون أن هذا النهج يمكن أن يساعد في تحسين الصحة العامة وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة.
بشكل عام، كان ويستون أ. برايس شخصية رائدة في مجال التغذية. لقد غير عمله الطريقة التي نفكر بها في العلاقة بين النظام الغذائي والصحة. على الرغم من بعض الانتقادات، لا تزال أفكاره ذات صلة ومهمة في عالم اليوم.
خاتمة
ويستون أ. برايس كان طبيب أسنان كنديًا رائدًا في مجال التغذية. أظهرت أبحاثه أن التغذية السليمة تلعب دورًا حيويًا في صحة الأسنان والصحة العامة. من خلال دراسة المجتمعات التقليدية حول العالم، حدد برايس أهمية الأطعمة الكاملة الغنية بالعناصر الغذائية، وتجنب الأطعمة المصنعة. على الرغم من بعض الانتقادات، لا يزال عمله مؤثرًا، ويوصى بنهجه من قبل العديد من الممارسين الصحيين الذين يسعون إلى تعزيز الصحة من خلال التغذية التقليدية.