أصل الكلمة والمعنى
كلمة “إكيكليما” مشتقة من الفعل اليوناني “ἐκκυκλέω” (ekkykleō)، والذي يعني “التدحرج” أو “التدوير إلى الخارج”. وهذا يعكس وظيفة الآلة، وهي حرفيًا تدحرج مشهد أو مجموعة من الشخصيات إلى الخارج من داخل مبنى أو مساحة أخرى خلفية.
وظيفة الإكيكليما في المسرح اليوناني
كانت الإكيكليما أداة أساسية في المسرح اليوناني، خاصة في التراجيديا. كانت تستخدم لعدة أغراض:
- عرض مشاهد داخلية: كانت تسمح بعرض الأحداث التي تجري داخل المباني، مثل القصور أو المنازل، والتي كان من المستحيل عرضها مباشرة على خشبة المسرح المفتوحة.
- تصوير نتائج أعمال العنف: كما ذكرنا سابقًا، كان تصوير العنف المباشر ممنوعًا على خشبة المسرح. بدلاً من ذلك، كانت الإكيكليما تعرض نتائج هذا العنف، مثل الجثث أو الشخصيات المصابة، مما يسمح للجمهور بفهم ما حدث دون الحاجة إلى مشاهدة العنف نفسه.
- إضافة عنصر المفاجأة والتشويق: من خلال الكشف عن مشهد مفاجئ أو غير متوقع، كانت الإكيكليما تضيف عنصرًا من التشويق والإثارة إلى العرض.
- تعزيز التأثير العاطفي: من خلال عرض نتائج مأساوية، كانت الإكيكليما تساعد في تعزيز التأثير العاطفي للقصة على الجمهور.
كيف كانت الإكيكليما تعمل؟
على الرغم من أن التفاصيل الدقيقة لكيفية عمل الإكيكليما ليست معروفة على وجه اليقين، إلا أن هناك بعض الأدلة التي تشير إلى تصميمها. يعتقد أنها كانت عبارة عن منصة خشبية بسيطة نسبياً مثبتة على عجلات أو بكرات. كانت تدفع إلى الأمام عبر أبواب الـ”Skênê”، وهي الهيكل الذي يمثل عادة واجهة قصر أو معبد. من المحتمل أن يكون هناك بعض المساعدين المسرحيين الذين يقومون بتشغيل الآلة من الخلف.
من الممكن أيضًا أن تكون الإكيكليما قد كانت أكثر تعقيدًا مما نعتقد، ربما تتضمن آليات لرفع وخفض الأشياء، أو حتى لتغيير المشهد بسرعة. ومع ذلك، لا يوجد دليل قاطع يدعم هذه النظريات.
أمثلة على استخدام الإكيكليما في المسرحيات اليونانية
هناك العديد من الأمثلة على استخدام الإكيكليما في المسرحيات اليونانية الباقية. بعض الأمثلة الأكثر شهرة تشمل:
- أجاممنون (Agamemnon) ليوربيدس: في هذه المسرحية، تستخدم الإكيكليما للكشف عن جثة أجاممنون، الذي قُتل على يد زوجته كليتمنيسترا وعشيقها إيجيسثوس.
- إلكترا (Electra) ليوربيدس: في هذه المسرحية، تستخدم الإكيكليما للكشف عن جثة كليتمنيسترا، التي قتلتها ابنتها إلكترا وشقيقها أوريستيس انتقامًا لمقتل أجاممنون.
- هيركليز (Heracles) ليوربيدس: في هذه المسرحية، تستخدم الإكيكليما للكشف عن هيركليز بعد أن قتله الجنون الذي أصابه، أولاده وزوجته.
هذه الأمثلة توضح كيف كانت الإكيكليما تستخدم بشكل شائع لعرض نتائج أعمال العنف المروعة، وكيف كانت تساهم في التأثير العاطفي القوي لهذه المسرحيات.
الإكيكليما مقارنة بالآلات المسرحية الأخرى
بالإضافة إلى الإكيكليما، استخدم المسرح اليوناني القديم عددًا من الآلات المسرحية الأخرى، بما في ذلك:
- Mechane (μηχανή): وهي رافعة تستخدم لرفع الممثلين إلى الأعلى، غالبًا لتمثيل الآلهة أو الشخصيات الخارقة للطبيعة.
- Pinakes (πίνακες): وهي لوحات مطلية تستخدم لخلق خلفيات للمشاهد المختلفة.
- Periaktoi (περίακτοι): وهي هياكل ثلاثية الجوانب يمكن تدويرها لتغيير المشهد بسرعة.
كل من هذه الآلات لعبت دورًا مهمًا في خلق تجربة مسرحية غامرة للجمهور. ومع ذلك، كانت الإكيكليما فريدة من نوعها في قدرتها على عرض مشاهد داخلية وتصوير نتائج أعمال العنف.
تأثير الإكيكليما على المسرح الحديث
على الرغم من أن الإكيكليما لم تعد تستخدم في المسرح الحديث بنفس الطريقة التي كانت تستخدم بها في المسرح اليوناني القديم، إلا أن مبادئها لا تزال ذات صلة. لا يزال المسرح الحديث يستخدم مجموعة متنوعة من التقنيات لخلق مشاهد داخلية وعرض نتائج أعمال العنف، وحتى لخلق عنصر المفاجأة والتشويق. يمكن اعتبار استخدام الستائر، أو تغيير الإضاءة المفاجئ، أو حتى تأثيرات المؤثرات الخاصة الحديثة بمثابة تطورات للإكيكليما في العصر الحديث.
علاوة على ذلك، فإن فكرة تجنب تصوير العنف المباشر على خشبة المسرح لا تزال ذات أهمية في العديد من أشكال المسرح الحديث. غالبًا ما يتم استخدام التقنيات السمعية والبصرية للإيحاء بالعنف دون الحاجة إلى تصويره بشكل صريح.
تفسيرات بديلة
بعض الباحثين يقترحون أن الإكيكليما لم تكن مجرد منصة متحركة، بل كانت عبارة عن بنية أكثر تعقيدًا تتضمن عناصر ميكانيكية إضافية. يقترحون أن هذه العناصر ربما سمحت للمشهد بالتحول أو الكشف التدريجي، مما يزيد من تأثير الكشف عن المشهد الداخلي. ومع ذلك، فإن هذه التفسيرات تظل تخمينية بسبب نقص الأدلة المباشرة.
أهمية دراسة الإكيكليما
دراسة الإكيكليما مهمة لعدة أسباب:
- فهم المسرح اليوناني القديم: توفر الإكيكليما نظرة ثاقبة على التقنيات المسرحية المستخدمة في المسرح اليوناني القديم، وكيف تم استخدامها لخلق تجربة مسرحية مؤثرة للجمهور.
- فهم تطور المسرح: من خلال دراسة الإكيكليما، يمكننا أن نفهم كيف تطورت التقنيات المسرحية على مر القرون، وكيف لا تزال مبادئ المسرح اليوناني القديم ذات صلة بالمسرح الحديث.
- تقدير الابتكار: تُظهر الإكيكليما مدى ابتكار المسرحيين اليونانيين القدماء، وكيف تمكنوا من إيجاد طرق إبداعية لسرد القصص باستخدام الموارد المتاحة لهم.
خاتمة
الإكيكليما هي آلة مسرحية مهمة في المسرح اليوناني القديم. كانت تستخدم لعرض مشاهد داخلية، وتصوير نتائج أعمال العنف، وإضافة عنصر المفاجأة والتشويق إلى العروض. على الرغم من أن الإكيكليما لم تعد تستخدم في المسرح الحديث بنفس الطريقة التي كانت تستخدم بها في المسرح اليوناني القديم، إلا أن مبادئها لا تزال ذات صلة، ولا يزال تأثيرها محسوسًا في المسرح الحديث.