نشأتها وبداية مسيرتها الفنية
ولدت تيريزا جيليس-غارا في فيلنيوس، بولندا (الآن في ليتوانيا). بدأت دراسة الغناء في سن مبكرة، وتلقت تدريبها الأولي في كونسرفاتوار فيلنيوس. بعد الحرب العالمية الثانية، انتقلت إلى بولندا، وواصلت دراستها في أكاديمية الموسيقى في لودز. بدأت مسيرتها المهنية في الأوبرا في بولندا في الخمسينيات من القرن العشرين، حيث غنت في دور البطولة في العديد من الأوبرات، وحققت نجاحًا كبيرًا. اكتسبت شهرة محلية سريعة، وبدأت في الظهور في الحفلات الموسيقية والإذاعية.
الانطلاق نحو العالمية
في أوائل الستينيات، بدأت جيليس-غارا في تحقيق شهرة دولية. في عام 1961، فازت بالمسابقة الدولية للمغنين في تولوز، فرنسا. كان هذا الانتصار بمثابة انطلاقة لها في عالم الأوبرا العالمي. بعد ذلك، بدأت في الظهور في دور البطولة في دور الأوبرا الكبرى في جميع أنحاء أوروبا. ظهرت لأول مرة في أوبرا باريس في عام 1964، ثم في دار الأوبرا الملكية في لندن في عام 1965.
أدوارها المميزة
اشتهرت جيليس-غارا بأدوارها في الأوبرا الكلاسيكية والرومانسية. قدمت أداءً مميزًا في أدوار موزارت، مثل دور الكونتيسة في “زواج فيجارو”، ودور فيوريليجي في “كوزي فان توتي”، ودور بامينيا في “الناي السحري”. كما قدمت أداءً رائعًا في أدوار فيردي، مثل دور فيوليتا في “لا ترافياتا”، ودور ديزمونا في “عطيل”. بالإضافة إلى ذلك، تألقت في أدوار شتراوس، مثل دور مارشالين في “دير روزنكافالييه”. تميزت جيليس-غارا بقدرتها على تجسيد الشخصيات المختلفة، وإضفاء الحيوية والعمق على أدوارها.
أداءاتها البارزة
من بين أبرز أدوارها، يمكن ذكر أدائها في “لا ترافياتا” في دار الأوبرا الملكية في لندن، وأدائها في “عطيل” في أوبرا فيينا، وأدائها في “الناي السحري” في أوبرا متروبوليتان في نيويورك. وقد أشاد النقاد والجمهور على حد سواء بأدائها في هذه الأدوار، وأثنوا على صوتها الرائع وتقنيتها المتميزة وقدرتها على التعبير عن المشاعر.
التعاون مع المايسترو
تعاونت جيليس-غارا مع العديد من أشهر المايسترو في العالم، بمن فيهم هربرت فون كارايان، وكارلوس كلايبر، وجورج سولتي. كانت هذه التعاونات بمثابة إضافة نوعية لمسيرتها المهنية، وأسهمت في ترسيخ مكانتها كواحدة من أعظم مغنيات السوبرانو في عصرها. ساعدت هذه الشراكات في إبراز موهبتها الفنية الفريدة، وقدرتها على الانسجام مع موسيقى متنوعة.
التسجيلات الصوتية
تركت جيليس-غارا إرثًا غنيًا من التسجيلات الصوتية التي لا تزال تحظى بشعبية كبيرة حتى اليوم. سجلت مع العديد من شركات التسجيلات المرموقة، بما في ذلك دويتشه جرامافون، وديكا، وEMI. تشتمل تسجيلاتها على مجموعة واسعة من الأوبرات والأغاني، وتعكس تنوع موهبتها الفنية. لا يزال العديد من هذه التسجيلات يعتبر مرجعًا مهمًا لعشاق الأوبرا.
الجوائز والتكريمات
حصلت جيليس-غارا على العديد من الجوائز والتكريمات على مدار مسيرتها المهنية. حصلت على وسام الاستحقاق الثقافي البولندي، ووسام جوقة الشرف الفرنسي. كما تم تكريمها من قبل العديد من المؤسسات الثقافية والموسيقية المرموقة. تعكس هذه الجوائز التقدير الكبير الذي حظيت به جيليس-غارا من قبل النقاد والجمهور على حد سواء.
الحياة الشخصية
كانت جيليس-غارا متزوجة من المهندس المعماري البولندي يانيك سابيرز. عاش الزوجان حياة هادئة ومستقرة، وكان لهما ابنة واحدة. حافظت جيليس-غارا على خصوصية حياتها الشخصية، وركزت على مسيرتها المهنية. كانت معروفة بشخصيتها الودودة والمتواضعة، والتزامها بالفن.
إرثها
تعتبر تيريزا جيليس-غارا واحدة من أعظم مغنيات السوبرانو في القرن العشرين. تركت إرثًا فنيًا غنيًا، يشمل مجموعة واسعة من التسجيلات الصوتية، والأداءات المسرحية المتميزة. ألهمت جيليس-غارا أجيالًا من الفنانين، ولا تزال موسيقاها تحظى بشعبية كبيرة في جميع أنحاء العالم. يعتبر صوتها المميز وتقنيتها المتقنة وإحساسها الفني العميق بمثابة معيار للتميز في عالم الأوبرا.
وفاتها
توفيت تيريزا جيليس-غارا في 28 أغسطس 2021، عن عمر يناهز 91 عامًا. حزن وفاتها عالم الفن، وأشاد بها النقاد والجمهور على حد سواء. تركت جيليس-غارا إرثًا فنيًا دائمًا، وستظل ذكراها حية في قلوب محبي الموسيقى الكلاسيكية.
أهمية مساهماتها في عالم الأوبرا
ساهمت جيليس-غارا بشكل كبير في عالم الأوبرا من خلال:
- جودة صوتها الفريدة: تميز صوتها بالدفء والقوة والجمال، مما جعلها قادرة على أداء مجموعة واسعة من الأدوار ببراعة.
- تقنيتها المتقنة: امتلكت جيليس-غارا تقنية صوتية ممتازة، سمحت لها بالتحكم الكامل في صوتها، وأداء أصعب المقاطع الموسيقية بسهولة.
- تنوع أدوارها: قدمت أداءً متميزًا في مجموعة متنوعة من الأدوار، من موزارت إلى فيردي، مما يدل على مرونتها الفنية.
- تعاونها مع كبار المايسترو: عملت مع بعض من أعظم المايسترو في العالم، مما ساعد على رفع مستوى أدائها.
- تسجيلاتها الصوتية: تركت وراءها إرثًا غنيًا من التسجيلات الصوتية التي لا تزال تحظى بشعبية كبيرة.
آراء النقاد والجمهور
أشاد النقاد والجمهور على حد سواء بتيريزا جيليس-غارا. وصفوها بأنها “واحدة من أعظم مغنيات السوبرانو في عصرها”، وأثنوا على صوتها الرائع، وتقنيتها المتميزة، وقدرتها على التعبير عن المشاعر. كما أشادوا بذكائها الموسيقي، وقدرتها على تجسيد الشخصيات المختلفة، وإضفاء الحيوية على أدوارها.
تأثيرها على الأجيال القادمة
أثرت تيريزا جيليس-غارا في أجيال من الفنانين، وألهمت العديد من المغنين الطموحين. يعتبر أداؤها مثالًا للتميز في عالم الأوبرا، ولا تزال موسيقاها تحظى بشعبية كبيرة في جميع أنحاء العالم. قدمت جيليس-غارا مساهمة كبيرة في الحفاظ على تراث الأوبرا، ونشرها في جميع أنحاء العالم.
خاتمة
تيريزا جيليس-غارا كانت نجمة أوبرا عالمية لامعة، تركت بصمة لا تُمحى في تاريخ الموسيقى الكلاسيكية. من خلال صوتها الفريد، وتقنيتها الممتازة، وتنوع أدوارها، وتعاونها مع كبار المايسترو، وتركت إرثًا فنيًا غنيًا لا يزال يلهم الأجيال. يعتبر اسمها مرادفًا للتميز في عالم الأوبرا، وستبقى ذكراها حية في قلوب محبي الموسيقى الكلاسيكية.
المراجع
- New York Times – Teresa Żylis-Gara, Operatic Soprano, Dies at 91
- Opera News – Teresa Żylis-Gara, 1930-2021
- Classic FM – Teresa Żylis-Gara
- The Guardian – Teresa Żylis-Gara obituary
“`