منظمة التصميم العالمي (World Design Organization)

تاريخ منظمة التصميم العالمي

شهدت فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية نموًا كبيرًا في التصنيع والتصميم الصناعي. أدركت مجموعة من مصممي الصناعات والمنظمات الصناعية الحاجة إلى تنسيق الجهود وتبادل الأفكار والمعلومات على نطاق عالمي. أدت هذه الحاجة إلى تأسيس المجلس الدولي لجمعيات التصميم الصناعي (ICSID) في لندن عام 1957. تغير اسم المنظمة لاحقًا إلى منظمة التصميم العالمي (WDO) في عام 2015 ليعكس التوسع في نطاقها ليشمل جميع مجالات التصميم.

منذ تأسيسها، لعبت منظمة التصميم العالمي دورًا حاسمًا في تطوير مهنة التصميم والاعتراف بها. عملت المنظمة على تعزيز التواصل والتعاون بين المصممين والمنظمات الحكومية وغير الحكومية والشركات والمؤسسات التعليمية. ساعدت أنشطة المنظمة في رفع مستوى الوعي بأهمية التصميم في تحقيق التنمية المستدامة والابتكار.

أهداف ورؤية منظمة التصميم العالمي

تتمثل رؤية منظمة التصميم العالمي في أن يكون للتصميم تأثير إيجابي على العالم، وأن يكون أداة للتغيير نحو مستقبل أفضل. تهدف المنظمة إلى تحقيق هذه الرؤية من خلال مجموعة من الأهداف:

تعزيز قيمة التصميم: تعمل المنظمة على إبراز قيمة التصميم في جميع جوانب الحياة، وإظهار كيف يمكن للتصميم أن يحسن نوعية الحياة، ويعزز النمو الاقتصادي، ويحل المشكلات الاجتماعية.
دعم مجتمع التصميم: توفر المنظمة منصة عالمية لمجتمع التصميم للتواصل والتعاون وتبادل الأفكار والمعلومات.
تمكين المصممين: تقدم المنظمة الدعم للمصممين من خلال توفير فرص التدريب والتطوير المهني، والمساعدة في الترويج لأعمالهم.
الدفاع عن التصميم: تدافع المنظمة عن المصممين وحقوقهم الفكرية، وتعمل على خلق بيئة مواتية للتصميم في جميع أنحاء العالم.
بناء القدرات: تعمل المنظمة على بناء قدرات المصممين والمنظمات في البلدان النامية، من خلال توفير التدريب والبرامج التعليمية، ودعم المشاريع التي تعزز التنمية المستدامة.

تعمل منظمة التصميم العالمي من خلال شبكة واسعة من الأعضاء والشركاء في جميع أنحاء العالم. يشمل الأعضاء المصممين، والمنظمات المهنية، والشركات، والمؤسسات التعليمية، والمنظمات الحكومية وغير الحكومية. تتعاون المنظمة مع الشركاء لتنفيذ المشاريع والبرامج التي تهدف إلى تحقيق أهدافها.

أنشطة منظمة التصميم العالمي

تقوم منظمة التصميم العالمي بتنفيذ مجموعة متنوعة من الأنشطة لدعم أهدافها. تشمل هذه الأنشطة:

المؤتمرات والفعاليات: تنظم المنظمة مؤتمرات وفعاليات عالمية و إقليمية تجمع المصممين والخبراء من جميع أنحاء العالم لمناقشة القضايا المتعلقة بالتصميم، وتبادل الأفكار، وعرض أحدث الاتجاهات.
الجوائز والمسابقات: تقدم المنظمة جوائز ومسابقات لتكريم التميز في التصميم، وتسليط الضوء على أفضل الممارسات في هذا المجال. من أبرز هذه الجوائز، جائزة “عاصمة التصميم العالمية” التي تمنح لمدينة واحدة كل عامين للاحتفاء بإنجازاتها في مجال التصميم.
البرامج التعليمية والتدريبية: توفر المنظمة برامج تعليمية وتدريبية للمصممين، لمساعدتهم على تطوير مهاراتهم ومعارفهم.
الأبحاث والدراسات: تجري المنظمة أبحاثًا ودراسات حول قضايا التصميم، وتنشر النتائج لتوعية الجمهور بأهمية التصميم.
المشاريع والتعاون: تنفذ المنظمة مشاريع بالشراكة مع الحكومات والمنظمات الأخرى، بهدف تحقيق التنمية المستدامة والابتكار.

عاصمة التصميم العالمية (World Design Capital)

تعتبر مبادرة عاصمة التصميم العالمية (WDC) واحدة من أبرز مبادرات منظمة التصميم العالمي. يتم اختيار مدينة كل عامين لتكون “عاصمة التصميم العالمية”، بناءً على قدرتها على استخدام التصميم لتحسين نوعية الحياة وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. يهدف هذا البرنامج إلى:

الاحتفاء بالتصميم: تكريم المدن التي تستخدم التصميم كأداة للتغيير الإيجابي.
نشر الوعي: زيادة الوعي بأهمية التصميم في جميع جوانب الحياة.
تحفيز الابتكار: تشجيع الابتكار والإبداع في مجال التصميم.
تعزيز التعاون: تعزيز التعاون بين المصممين والجهات المعنية الأخرى.

تشمل المدن التي تم اختيارها كعواصم للتصميم العالمي: تورينو (إيطاليا) في عام 2008، سيول (كوريا الجنوبية) في عام 2010، هلسنكي (فنلندا) في عام 2012، كيب تاون (جنوب أفريقيا) في عام 2014، تايبيه (تايوان) في عام 2016، مكسيكو سيتي (المكسيك) في عام 2018، ليل (فرنسا) في عام 2020، و فالنسيا (إسبانيا) في عام 2022.

أهمية التصميم

يلعب التصميم دورًا حيويًا في حياتنا اليومية، ويتجاوز مجرد المظهر الجمالي للمنتجات والخدمات. يمكن للتصميم أن يؤثر بشكل كبير على:

تحسين نوعية الحياة: من خلال تصميم المنتجات والخدمات التي تلبي احتياجات الناس، وتحسن صحتهم وسلامتهم وراحتهم.
تعزيز النمو الاقتصادي: من خلال دفع الابتكار والإبداع، وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز القدرة التنافسية للشركات.
حل المشكلات الاجتماعية: من خلال تصميم حلول مبتكرة للمشاكل الاجتماعية مثل الفقر والتعليم والصحة.
حماية البيئة: من خلال تصميم منتجات وخدمات مستدامة، وتقليل التأثير البيئي.

أصبح التصميم أداة مهمة للتعامل مع تحديات العصر، مثل تغير المناخ، والتحضر السريع، والشيخوخة السكانية. يمكن للتصميم أن يساعد في إيجاد حلول مبتكرة لهذه التحديات، وتحسين نوعية الحياة للجميع.

مجالات التصميم

يشمل التصميم مجموعة واسعة من المجالات، بما في ذلك:

التصميم الصناعي: تصميم المنتجات الصناعية، مثل الأثاث والأجهزة والسيارات.
تصميم الجرافيك: تصميم الشعارات والإعلانات والمطبوعات والمواقع الإلكترونية.
تصميم الأزياء: تصميم الملابس والإكسسوارات.
تصميم البيئة: تصميم المساحات الداخلية والخارجية، مثل المنازل والمكاتب والحدائق.
تصميم الخدمات: تصميم الخدمات التي تلبي احتياجات المستخدمين، مثل الخدمات المصرفية والرعاية الصحية.
تصميم التفاعل: تصميم واجهات المستخدم والتجارب التفاعلية، مثل تطبيقات الهاتف المحمول والمواقع الإلكترونية.

يتطلب كل مجال من مجالات التصميم مهارات ومعارف متخصصة. ومع ذلك، يشترك جميع المصممين في القدرة على الإبداع وحل المشكلات والتفكير النقدي.

التحديات التي تواجه التصميم

بالرغم من أهمية التصميم، إلا أنه يواجه بعض التحديات، مثل:

الوعي المحدود: عدم الوعي الكافي بأهمية التصميم في بعض المجتمعات.
نقص الموارد: نقص الموارد المالية والبشرية اللازمة لدعم التصميم في بعض البلدان.
التحديات التقنية: التطورات التكنولوجية السريعة التي تتطلب من المصممين مواكبة التغييرات.
الاستدامة: الحاجة إلى تصميم منتجات وخدمات مستدامة تقلل من التأثير البيئي.
العولمة: التنافس العالمي الذي يتطلب من المصممين التكيف مع الثقافات والأسواق المختلفة.

تتطلب هذه التحديات من المصممين والمنظمات المعنية بالتصميم العمل معًا لإيجاد حلول مبتكرة، وتعزيز قيمة التصميم في جميع أنحاء العالم.

مستقبل التصميم

يشهد التصميم تطورات مستمرة، ويواجه مستقبلًا واعدًا. من المتوقع أن يلعب التصميم دورًا أكبر في:

التنمية المستدامة: سيصبح التصميم أداة أساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال تصميم منتجات وخدمات صديقة للبيئة، وتقليل التأثير البيئي.
الابتكار الاجتماعي: سيساهم التصميم في إيجاد حلول مبتكرة للمشاكل الاجتماعية، مثل الفقر والتعليم والصحة.
التقنيات الجديدة: سيعتمد التصميم بشكل أكبر على التقنيات الجديدة، مثل الذكاء الاصطناعي، والواقع المعزز، والطباعة ثلاثية الأبعاد، لتحسين تجارب المستخدمين.
التخصيص: سيتيح التصميم للمستخدمين تخصيص المنتجات والخدمات لتلبية احتياجاتهم الفردية.
التصميم الشامل: سيهتم التصميم بتلبية احتياجات جميع المستخدمين، بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن.

يتطلب هذا المستقبل من المصممين أن يكونوا مبدعين، ومتكيفين، ومتخصصين في مجالاتهم. كما يتطلب من الحكومات والمنظمات دعم التصميم، وتوفير الموارد اللازمة لتمكين المصممين من تحقيق أهدافهم.

خاتمة

منظمة التصميم العالمي (WDO) هي منظمة عالمية رائدة تعمل على تعزيز قيمة التصميم في جميع جوانب الحياة. تأسست المنظمة عام 1957، وتلعب دورًا حيويًا في دعم مجتمع التصميم، وتمكين المصممين، والدفاع عن التصميم. من خلال أنشطتها المتنوعة، بما في ذلك المؤتمرات والجوائز والبرامج التعليمية، تسعى المنظمة إلى تحقيق رؤيتها المتمثلة في جعل التصميم أداة للتغيير الإيجابي في العالم. مبادرة “عاصمة التصميم العالمية” هي واحدة من أبرز مبادرات المنظمة، والتي تسلط الضوء على المدن التي تستخدم التصميم لتحسين نوعية الحياة. يواجه التصميم تحديات، ولكنه يمتلك مستقبلًا واعدًا، مع التركيز على التنمية المستدامة، والابتكار الاجتماعي، والتقنيات الجديدة، والتخصيص. من خلال التعاون والابتكار، يمكن للتصميم أن يلعب دورًا محوريًا في بناء عالم أفضل.

المراجع

“`