خلفية تاريخية
في القرن التاسع عشر، شهدت جزر هاواي تحولًا كبيرًا. بدأ الأمر بوصول المبشرين والمستكشفين الغربيين، وسرعان ما تبعهم التجار ورجال الأعمال. أدرك هؤلاء الوافدون الجدد الإمكانات الاقتصادية للجزر، وخاصة في زراعة قصب السكر. ومع ازدياد نفوذهم الاقتصادي، نمت أيضًا تطلعاتهم السياسية. أدت معاهدة المعاملة بالمثل لعام 1875، والتي سمحت بدخول السكر الهاوايي إلى الولايات المتحدة بدون رسوم جمركية، إلى تعزيز هذه التطلعات، مما أدى إلى ازدهار صناعة السكر وزيادة اعتماد الاقتصاد الهاوايي على السوق الأمريكية.
الدور الأمريكي المتزايد
مع ازدياد الأهمية الاقتصادية لجزر هاواي بالنسبة للولايات المتحدة، تزايد أيضًا الاهتمام الاستراتيجي بها. في عام 1887، تم تجديد معاهدة المعاملة بالمثل ومنحت الولايات المتحدة حقوقًا حصرية لإنشاء قاعدة بحرية في بيرل هاربور. كان هذا بمثابة خطوة مهمة نحو التوسع الأمريكي في المحيط الهادئ، وعزز بشكل أكبر قبضة الولايات المتحدة على مصير هاواي. أصبح الوجود العسكري الأمريكي في هاواي، وإن كان محدودًا في البداية، عاملاً مؤثرًا بشكل متزايد في السياسة الداخلية للمملكة.
الملكة ليليوكالاني والتحديات
عندما اعتلت الملكة ليليوكالاني العرش في عام 1891، كانت مصممة على استعادة السلطة الملكية وتقليل النفوذ الأجنبي. سعت إلى إصلاح الدستور لعام 1887، الذي كان قد تم فرضه على سلفها الملك كالاكوا من قبل جماعة من رجال الأعمال البيض المعروفين باسم “رابطة هاواي”، والذين أرادوا الحد من سلطة الملك. أثار سعي الملكة لاستعادة السلطة الملكية غضب رجال الأعمال الأمريكيين والمقيمين الآخرين الذين سعوا إلى ضم هاواي إلى الولايات المتحدة.
الانقلاب
في يناير 1893، حاولت الملكة ليليوكالاني إعلان دستور جديد كان من شأنه أن يعيد السلطة إلى العرش. استغل رجال الأعمال الأمريكيون والمقيمون الآخرون هذا الأمر كذريعة للإطاحة بها. شكلوا “لجنة السلامة” وخططوا للاستيلاء على السلطة. بدعم من وزير الولايات المتحدة في هاواي، جون إل ستيفنز، استدعى هؤلاء المتمردون قوات مشاة البحرية الأمريكية من سفينة يو إس إس بوسطن المتمركزة في هونولولو. لم تشارك قوات مشاة البحرية الأمريكية بشكل مباشر في الانقلاب، لكن وجودها كان بمثابة ترهيب كبير لقوات الملكة، مما منعها من الدفاع عن عرشها.
تحت تهديد القوة العسكرية، استسلمت الملكة ليليوكالاني لتجنب إراقة الدماء. ومع ذلك، فعلت ذلك باحتجاج رسمي، معتقدة أن الحكومة الأمريكية ستعيد إليها السلطة بمجرد أن يتم الكشف عن الحقائق.
الحكومة المؤقتة
بعد الإطاحة بالملكة، أعلنت لجنة السلامة عن حكومة مؤقتة برئاسة سانفورد بي. دول، وهو محامٍ أمريكي من أصل هاواي. سعت الحكومة المؤقتة على الفور إلى ضم هاواي إلى الولايات المتحدة. أرسلوا وفدًا إلى واشنطن العاصمة للتفاوض على معاهدة ضم.
رد فعل الولايات المتحدة
في البداية، كان الرئيس الأمريكي بنجامين هاريسون مؤيدًا لضم هاواي. تفاوضت إدارته على معاهدة ضم وأرسلتها إلى مجلس الشيوخ للموافقة عليها. ومع ذلك، قبل أن يتمكن مجلس الشيوخ من التصويت على المعاهدة، انتهت ولاية هاريسون وتولى جروفر كليفلاند الرئاسة.
كان الرئيس كليفلاند متشككًا بشأن شرعية الانقلاب. أمر بإجراء تحقيق في الأحداث التي أدت إلى الإطاحة بالملكة ليليوكالاني. وجد التحقيق أن وزير الولايات المتحدة ستيفنز قد تصرف بشكل غير لائق من خلال دعم المتمردين وأن الإطاحة بالملكة كانت غير قانونية. بناءً على هذه النتائج، حاول كليفلاند إعادة الملكة إلى العرش. ومع ذلك، رفضت الحكومة المؤقتة الاستسلام، وبقيت هاواي في حالة من عدم اليقين السياسي.
جمهورية هاواي
في عام 1894، أعلنت الحكومة المؤقتة جمهورية هاواي، مع سانفورد بي. دول رئيسًا لها. سعت الجمهورية الجديدة بنشاط إلى ضمها إلى الولايات المتحدة، لكن معارضة الرئيس كليفلاند حالت دون تحقيق ذلك.
ضم هاواي
بعد تولي ويليام ماكينلي الرئاسة في عام 1897، تغيرت الأمور. كان ماكينلي مؤيدًا قويًا لضم هاواي. في خضم الحرب الإسبانية الأمريكية عام 1898، ازدادت الأهمية الاستراتيجية لجزر هاواي بالنسبة للولايات المتحدة. بدعم شعبي واسع النطاق، صوت الكونجرس الأمريكي على ضم هاواي بقرار مشترك، متجاوزًا بذلك الحاجة إلى موافقة مجلس الشيوخ بأغلبية الثلثين. أصبحت هاواي رسميًا إقليمًا أمريكيًا في عام 1900.
الآثار المترتبة على الإطاحة
كان للإطاحة بمملكة هاواي آثار بعيدة المدى على الشعب الهاوايي. فقد الهاوايون السيطرة على حكومتهم وأراضيهم وسيادتهم. تم قمع الثقافة واللغة الهاوائية، وأصبح الهاوايون مواطنين من الدرجة الثانية في بلدهم. كانت الآثار الاقتصادية كبيرة أيضًا، حيث سيطر الأمريكيون على صناعة السكر وغيرها من الصناعات الرئيسية.
حتى يومنا هذا، لا يزال الإطاحة بمملكة هاواي موضوعًا مثيرًا للجدل في هاواي. بالنسبة للعديد من الهاوايين الأصليين، يمثل هذا الحدث ظلمًا تاريخيًا يجب تصحيحه. كانت هناك دعوات متزايدة للاعتذار والتعويضات والاستقلال الذاتي أو السيادة للشعب الهاوايي.
الاعتذار
في عام 1993، أصدر الكونجرس الأمريكي قرارًا بالاعتذار، وقعه الرئيس بيل كلينتون، معترفًا بأن الإطاحة بمملكة هاواي كانت غير قانونية وأعرب عن أسفه لدور الولايات المتحدة في ذلك.
الخلافات المستمرة
على الرغم من الاعتذار، لا يزال الجدل حول الإطاحة بمملكة هاواي مستمراً. لا تزال قضية السيادة الهاوائية دون حل، ولا تزال العديد من القضايا المتعلقة بالأراضي والحقوق والمصالحة دون حل. يبقى تاريخ الإطاحة بمملكة هاواي بمثابة تذكير معقد بالتاريخ المضطرب للعلاقات بين هاواي والولايات المتحدة.
قضايا معاصرة
- حركة السيادة الهاوائية: تظل حركة نشطة تسعى إلى درجة ما من الحكم الذاتي أو السيادة للشعب الهاوائي الأصلي.
- المطالبات المتعلقة بالأراضي: لا تزال المطالبات المتعلقة بالأراضي المقدسة والأراضي العامة نقطة خلاف، حيث تسعى مجتمعات هاواي الأصلية إلى استعادة الوصول إلى الأراضي التي كانت مملوكة لأسلافهم في يوم من الأيام.
- الاعتراف الثقافي: تُبذل جهود للحفاظ على اللغة والثقافة الهاوائية، التي قُمعت في الماضي، وتعزيزها.
دروس مستفادة
تقدم الإطاحة بمملكة هاواي دروسًا مهمة حول مخاطر الإمبريالية والآثار المدمرة للتوسع الاقتصادي على المجتمعات الأصلية. تسلط الضوء على أهمية السيادة وتقرير المصير والحاجة إلى معالجة المظالم التاريخية.
خاتمة
كانت الإطاحة بمملكة هاواي حدثًا مأساويًا في تاريخ هاواي. لقد أنهت حقبة من الحكم الذاتي الهاوايي وأدت إلى فترة من الاضطرابات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. لا يزال هذا الحدث يتردد صداه حتى اليوم، حيث يواصل الهاوايون النضال من أجل الاعتراف بحقوقهم وسيادتهم.