<![CDATA[
مقدمة
دليل العبادة العامة، المعروف في اسكتلندا باسم دليل وستمنستر، هو دليل ليتورجي أنتجته جمعية وستمنستر اللاهوتية في أربعينيات القرن السابع عشر، خلال فترة الحرب الأهلية الإنجليزية. كان المقصود به أن يحل محل كتاب الصلاة المشترك في إنجلترا واسكتلندا وأيرلندا. على الرغم من أنه تم تبنيه رسميًا من قبل الكنيسة الاسكتلندية، إلا أنه لم يتم تبنيه أبدًا في إنجلترا. ومع ذلك، فقد أثر على ممارسة العبادة البروتستانتية غير المطابقة في إنجلترا وعلى نطاق أوسع.
تم إنتاج الدليل استجابة لطلب البرلمان الإنجليزي، الذي سعى إلى توحيد ممارسة العبادة في جميع أنحاء الممالك الثلاث. كانت جمعية وستمنستر، وهي تجمع من رجال الدين واللاهوتيين، مكلفة بتقديم المشورة للبرلمان بشأن مسائل العقيدة والعبادة والحكم الكنسي. كان الدليل أحد أهم المنتجات التي قدمتها الجمعية.
على عكس كتاب الصلاة المشترك، لم يكن الدليل يهدف إلى توفير نماذج صلاة محددة أو طقوس ليتم اتباعها حرفيًا. بدلاً من ذلك، قدم مبادئ توجيهية وإرشادات عامة حول كيفية إجراء العبادة العامة بطريقة كتابية ومناسبة. كان الهدف هو ترك مساحة لتقدير القادة الفرديين ومنحهم المرونة في تكييف العبادة مع الاحتياجات والظروف الخاصة لتجمعاتهم.
السياق التاريخي
كانت فترة أربعينيات القرن السابع عشر فترة اضطرابات سياسية ودينية كبيرة في إنجلترا واسكتلندا وأيرلندا. أدت التوترات بين الملك تشارلز الأول والبرلمان الإنجليزي إلى اندلاع الحرب الأهلية الإنجليزية عام 1642. في الوقت نفسه، كانت هناك خلافات دينية عميقة الجذور حول طبيعة العبادة والحكم الكنسي.
كان الملك تشارلز الأول قد سعى إلى فرض شكل موحد من العبادة الأنجليكانية على جميع رعاياه، بما في ذلك الإسكتلنديين المشيخيين. أدى ذلك إلى مقاومة واسعة النطاق في اسكتلندا، حيث وقع الإسكتلنديون على الميثاق الوطني في عام 1638، وتعهدوا بالحفاظ على دينهم وحرياتهم. اندلعت حروب الأساقفة بين إنجلترا واسكتلندا، مما أدى في النهاية إلى استدعاء البرلمان الإنجليزي الطويل في عام 1640.
كان البرلمان الإنجليزي الطويل مصممًا على تقييد سلطة الملك وإصلاح الكنيسة الإنجليزية. استدعى البرلمان جمعية وستمنستر في عام 1643 لتقديم المشورة بشأن مسائل الدين. تألفت الجمعية من رجال دين ولاهوتيين من مختلف الخلفيات، بما في ذلك الأنجليكانيون والمشيخيون والمستقلون.
محتوى الدليل
يغطي دليل العبادة العامة مجموعة واسعة من الموضوعات المتعلقة بالعبادة العامة، بما في ذلك:
- الصلاة: يقدم الدليل إرشادات حول كيفية الصلاة في العبادة العامة، مع التركيز على أهمية الكتاب المقدس والاعتراف بالخطيئة والتضرع من أجل النعمة.
- قراءة الكتاب المقدس: يؤكد الدليل على أهمية قراءة الكتاب المقدس في العبادة العامة، وينصح القادة باختيار مقاطع مناسبة وشرح معناها بوضوح.
- الوعظ: يقدم الدليل إرشادات حول كيفية الوعظ بشكل فعال، مع التركيز على أهمية شرح الكتاب المقدس وتطبيقه على حياة المستمعين.
- الأسرار المقدسة: يقدم الدليل إرشادات حول كيفية الاحتفال بالأسرار المقدسة للمعمودية والعشاء الرباني بطريقة كتابية ومناسبة.
- الصوم والشكر: يقدم الدليل إرشادات حول كيفية تخصيص أيام الصوم والشكر، مع التركيز على أهمية التوبة والامتنان.
- الزواج والجنازات: يقدم الدليل إرشادات حول كيفية إجراء حفلات الزفاف والجنازات بطريقة كريمة ومناسبة.
يؤكد الدليل على أهمية البساطة والإخلاص في العبادة العامة. إنه يحذر من استخدام الطقوس والاحتفالات المفرطة، ويشجع القادة على التركيز على الجوهر الروحي للعبادة. كما يؤكد على أهمية مشاركة الجماعة في العبادة، ويشجع القادة على خلق فرص للمصلين للمشاركة في الصلاة والغناء وقراءة الكتاب المقدس.
تأثير الدليل
كان لدليل العبادة العامة تأثير كبير على ممارسة العبادة البروتستانتية، وخاصة في اسكتلندا وأمريكا الشمالية. تم اعتماده رسميًا من قبل الكنيسة الاسكتلندية في عام 1645، وأصبح المعيار للعبادة المشيخية في اسكتلندا لعدة قرون. كما أثر على ممارسة العبادة البروتستانتية غير المطابقة في إنجلترا، حيث استخدمته العديد من الكنائس المستقلة وغير الطائفية.
في أمريكا الشمالية، كان لدليل العبادة العامة تأثير كبير على ممارسة العبادة في الكنائس المشيخية والمصلحية. استخدمه العديد من المستوطنين البيوريتانيين والمشيخيين الأوائل كدليل للعبادة، وساعد في تشكيل ثقافة العبادة الأمريكية.
على الرغم من أنه لم يتم اعتماده رسميًا من قبل الكنيسة الإنجليزية، إلا أن دليل العبادة العامة كان له تأثير دائم على ممارسة العبادة البروتستانتية. لقد ساعد في تعزيز شكل أبسط وأكثر تركيزًا على الكتاب المقدس من العبادة، وأثر على أجيال من القادة والمصلين.
نقد الدليل
على الرغم من تأثيره الإيجابي، فقد واجه دليل العبادة العامة أيضًا بعض الانتقادات. جادل البعض بأنه يفتقر إلى الخصوصية والتفصيل، وأنه يترك الكثير من السلطة التقديرية للقادة الفرديين. انتقد آخرون حذره من استخدام الطقوس والاحتفالات، بحجة أن هذه الممارسات يمكن أن تكون ذات مغزى ومفيدة للمصلين.
يجادل البعض أيضًا بأن الدليل يعكس تحيزًا مشيخيًا، وأنه يفشل في مراعاة احتياجات وتفضيلات الكنائس الأخرى. على سبيل المثال، يرى البعض أن الدليل يقلل من أهمية الموسيقى في العبادة، وأنه لا يقدم إرشادات كافية حول كيفية اختيار الأغاني وترتيبها.
على الرغم من هذه الانتقادات، ظل دليل العبادة العامة وثيقة مهمة ومؤثرة في تاريخ العبادة البروتستانتية. إنه يمثل محاولة لإنشاء نموذج كتابي ومناسب للعبادة العامة، وقد أثر على أجيال من القادة والمصلين.
الخلافات اللاهوتية
أثار دليل العبادة العامة بعض الخلافات اللاهوتية، خاصة فيما يتعلق بطبيعة الأسرار المقدسة. على سبيل المثال، رفض الدليل وجهة النظر الأنجليكانية القائلة بأن المعمودية تجدد تلقائيًا الشخص المعمد. بدلاً من ذلك، أكد الدليل على أن المعمودية هي علامة وختم للعهد النعمة، وأن فعاليتها تعتمد على الإيمان والنعمة العاملة للروح القدس.
كما أثار الدليل خلافات حول كيفية الاحتفال بالعشاء الرباني. رفض الدليل وجهة النظر الكاثوليكية الرومانية القائلة بأن الخبز والنبيذ يتحولان حرفيًا إلى جسد ودم المسيح. بدلاً من ذلك، أكد الدليل على أن الخبز والنبيذ هما ببساطة علامات ورموز لجسد ودم المسيح، وأن المسيح موجود روحيًا في العشاء الرباني للمؤمنين الذين يأكلون ويشربون بإيمان.
تعكس هذه الخلافات اللاهوتية الاختلافات الأوسع بين وجهات النظر الأنجليكانية والمشيخية حول طبيعة الكنيسة والأسرار المقدسة. كان دليل العبادة العامة محاولة لفرض وجهة نظر مشيخية حول العبادة على الكنيسة الإنجليزية، مما أدى إلى مقاومة من الأنجليكانيين الذين اعتقدوا أن تقليدهم الليتورجي كان أكثر كتابية وتاريخية.
التراث
لا يزال دليل العبادة العامة وثيقة ذات صلة بالعديد من المسيحيين اليوم. لا يزال يستخدم كدليل للعبادة من قبل بعض الكنائس المشيخية والإصلاحية، ويدرسه الآخرون لفهم المبادئ الكتابية للعبادة. على الرغم من أنه قد لا يكون مناسبًا تمامًا لجميع الكنائس في جميع الظروف، إلا أنه يقدم رؤى قيمة حول طبيعة العبادة الحقيقية وكيفية تكريم الله بطريقة ترضيه.
يدعونا الدليل إلى الاقتراب من العبادة بإخلاص وتبجيل وخضوع للكتاب المقدس. إنه يشجعنا على التركيز على الجوهر الروحي للعبادة بدلاً من مجرد الشكل الخارجي. إنه يذكرنا بأن العبادة تدور حول مقابلة الله والاستجابة له، وليس مجرد اتباع سلسلة من الطقوس أو الاحتفالات.
خاتمة
يعد دليل العبادة العامة وثيقة تاريخية مهمة أثرت على ممارسة العبادة البروتستانتية لعدة قرون. على الرغم من أنه قد لا يكون مناسبًا تمامًا لجميع الكنائس في جميع الظروف، إلا أنه يقدم رؤى قيمة حول طبيعة العبادة الحقيقية وكيفية تكريم الله بطريقة ترضيه. يبقى الدليل بمثابة تذكير بأهمية البساطة والإخلاص والخضوع للكتاب المقدس في العبادة.